فنانون عراقيون: سياسة التقشف لا تصيب إلا أبناء العراق!

فنانون عراقيون: سياسة التقشف لا تصيب إلا أبناء العراق!

22 ابريل 2015
الوفد المصري زار تكريت تحت حماية مليشيات مسلحة
+ الخط -


أثارت زيارة الوفد الفني المصري الى مدينة تكريت عاصمة صلاح الدين شمالي العراق، عقب استعادة القوات العراقية النظامية والمليشيات السيطرة عليها، استياء واسعاً بين أوساط سياسية عراقية، وتساؤلات عن مقدار الهدر بالمال العام، وذلك بعد تسريبات تشير الى دفع الحكومة العراقية مبالغ مالية لأعضاء الوفد، لقاء مجيئهم وزيارتهم تكريت تحت إشراف مليشيات مسلحة لا قوات نظامية.

وقالت رئيسة لجنة الثقافة والإعلام بالبرلمان العراقي، النائبة ميسون الدملوجي، في حديث خصّت به "العربي الجديد": "دُفع 20 ألف دولار لكل عضو بالوفد المصري، فضلاً عن التكفل بمصاريف رحلة الوفد الفني المصري، من تذاكر طائرات وحجز الفنادق وغيرها"، مضيفةً أن "خلافًا داخليًا يدور بشأن الجدوى من هذه الخطوة، خصوصًا في ظل الأزمة المالية الشديدة التي يعيشها العراق، وفي ظل انخفاض أسعار النفط العالمي، واستمرار العمليات العسكرية التي تنفذها القوات الأمنية العراقية، لتحرير المدن التي يحتلها تنظيم داعش".

وأشارت الدملوجي الى أن استقدام الوفد المصري، تم بتنسيق بين شخصية قيادية في شبكة الإعلام من جهة والممثل المصري أحمد ماهر من جهة أخرى، والذي اختار بدوره باقي الوفد، وهما الفنانتان حنان شوقي ووفاء الحكيم وآخرون.

وكانت مواقع التواصل الاجتماعي في العراق قد شهدت حملة تراشق كلامي، على خلفية استضافة الوفد الفني المصري والتسريبات عن تكلفته الحقيقية، وسط مطالبات بتخصيص مثل هذه المبالغ للفنانين والمثقفين العراقيين، حيث يعيش كثير منهم ظروفًا مادية صعبة.


بدوره أعلن الإعلامي العراقي عبد الستار زيارة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن مسؤولين في شبكة الإعلام اتفقوا خلال مهرجان "بغداد عاصمة الثقافة العربية" سنة 2013، مع الفنان أحمد ماهر، على إقامة أعمال ونشاطات مشتركة بين العراق ومصر، لكن هذه الأعمال اقتصرت على الدعوات والظهور الإعلامي المدفوع الثمن من قبل الجانب العراقي، مؤكداً أن خلافات نشبت بين مسؤولين في الشبكة العراقية الرسمية بخصوص دعوة الوفد المصري، وأن الخلاف تركز على محورين، النفقات المرتفعة في ظل الأزمة المالية التي يعيشها العراق من جهة، وعدم أهمية الوفد الزائر الذي لا يشبع ولا يغني عن جوع من جهة أخرى.

وأشار زيارة إلى أن المقترح البديل المقدم إلى إدارة شبكة الإعلام الذي جوبه برفض من قبل بعض المسؤولين العراقيين، كان تنظيم سفرة مدفوعة الثمن للفنانين العراقيين المغتربين، لزيارة مدينة تكريت والاطلاع على موقع "سبايكر" الذي شهد إعدام المئات من طلاب الكلية العسكرية على أيدي مقاتلي تنظيم داعش.

وأضاف زيارة، أن مسؤولين في شبكة الإعلام العراقي الرسمية، ذات التمويل الحكومي، دخلوا في نقاشات حادة مع بعض زملائهم، الذين اتهموهم بإنفاق أموال طائلة، من أجل تخليص فنانين مصريين من "أزمة البطالة" التي يعيشونها بلادهم، وأن رواد الفن العراقي كانوا أولى بهذه المصروفات، التي كانت محل أزمة مماثلة قبل سنتين، وعلى خلفية استضافة عدد كبير من الفنانين في مهرجان بغداد عاصمة الثقافة العربية.


إلى ذلك، قال عضو مجلس النواب العراقي عباس البياتي في حديث لـ"العربي الجديد": "كان الأجدر أن يزور مسؤولون في الحكومة المصرية مدينة تكريت بدلاً من الفنانين، لنقل حقيقة ما جرى وما يزال يجري على أرض المعركة، الى الشعب المصري والعالم"، موضحاً أن زيارة الوفد الفني لن تسهم في حل الملف الأمني المتدهور في العراق، منذ قرابة عشرة أشهر، في إشارة إلى سقوط بعض المدن بيد مسلحي "داعش"، لذا فإن هذه الزيارة لم تخدم العراق في شيء، ولن تفيد في إعادة آلاف العوائل النازحة إلى مناطقهم.

وفي سياق متصل، أكد الفنان العراقي راسم منصور لـ"العربي الجديد"، أن سياسة التقشف لا تصيب إلا أبناء العراق، فيما يتمتع الآخرون بخيراته، موضحاً أن الوفد المصري يحصل على الإقامة الفاخرة، فيما يستجدي فنانون عراقيون المارة عند إشارات المرور ببغداد، ويموت العشرات من المثقفين العراقيين في بلاد الغربة، دون أن يسأل عنهم أحد.

من جانبه، قال الشاعر العراقي أحمد علي لـ"العربي الجديد": "أن يكون الفنان حاملاً لرسالة، ويتقاضى أجراً مقابل إراقة دموع على أطلال تكريت، ومجزرة نفذتها داعش، فهذا معيب جداً، وأن يكون فنان مثل أحمد ماهر برفقة مليشيات متورطة بعمليات قتل طائفية، وإذكاء للعنف، فهذا ما أعتبره خدشاً بمسيرة الفنان، إن لم يكن كسراً كبيراً في سمعته، وعليه أن يبرر التقاطه صوراً مع قادة مليشيات مطلوبين بمحاكم دولية، بتهمة القتل على الهوية".     

المساهمون