فنانون سوريون تاجروا بعطشى الحسكة

فنانون سوريون تاجروا بعطشى الحسكة

30 اغسطس 2020
فايا يونان معروفة بولائها لبشار الأسد (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -

إن تعاطف الفنانين مع القضايا الإنسانية التي تجري في مختلف بقاع العالم هو أمر طبيعي، ولكن بعض الفنانين السوريين أبرزوا تعاطفهم مع بعض القضايا الإنسانية لخدمة أجندة سياسية تابعين لها لا أكثر، وليس وراء تعاطفهم أي دوافع إنسانية على الإطلاق، كالفنانين السوريين المؤيدين لبشار الأسد الذين أظهروا تعاطفهم على وسائل التواصل الاجتماعي مع المدنيين في مدينة الحسكة بسبب أزمة انقطاع المياه، والتي بدأت قبل حوالي 10 أيام، وتمّ حلها بشكلٍ جزئيّ. فتعاطف هؤلاء الفنانين لا يبدو سوى امتداد للحملة الإعلامية التي قامت بها وسائل إعلام النظام السوري، والتي شنت هجوماً على تركيا بغية تحويل الغضب الشعبي من النظام نحو غضب شعبي ضد عدو خارجي، ولا سيما بعد تعالي أصوات مؤيدي الأسد، لتنتقده على تقصيره على المستوى الخدمي وخاصةً في ظل تفشي فيروس كورونا. 

إن ما يحدث في الحسكة هو كارثة حقيقة، لكن القضايا الإنسانية لا تتجزأ، فلا يمكن لهؤلاء الفنانين أن يتعاطفوا مع العطشى في الحسكة، وأن يستخفّوا بذات الوقت بضحايا مجازر الكيميائي التي ارتكبها نظام الأسد. وأبرز مثال على ذلك، الفنانة أمل عرفة، التي نشرت عبر صفحاتها الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي منشورات تستعرض فيها تعاطفها مع أهالي الحسكة، فكتبت: "لعينة هي الحرب بكافة أشكالها.. العطش يخنق الحسكة". وأمل عرفة ذاتها، قامت العام الماضي بتجسيد مشهد يسخر من ضحايا الكيميائي في مسلسل "سايكو" الذي شاركت في تأليفه، وأدت دور البطولة الأولى فيه، وتلخص فكرة المشهد أن ما شاهده العالم من فيديوهات لضحايا الكيميائي هي فيديوهات مفبركة قام بها ممثلون مأجورون لأهداف سياسة، وهي تتطابق بشكل حرفي مع رواية النظام السوري حول تلك المجازر.

ولا تكتفي عرفة باستعراض التعاطف مع أهالي الحسكة، وإنما تستثمر المأساة لكسب شعبية أو استعراض شعبية زائفة؛ إذ قامت بنشر منشورات تصرح فيها بأنها قامت بجمع تبرعات لإرسال المياه لأهالي الحسكة، فكتبت ما يلي: "تم جمع تبرعات من الكثيرين جداً ومنهم أنا، والمياه في طريقها إلى الحسكة.. الله يفرج يا رب عالجميع وعلى كل شبر من سورية". وفيما بعد، أعادت نشر صورة لورقة كُتب فيها شكر لها ولبناتها حيث جاء في الورقة: "من أعماق قلوب أهالي الحسكة شكراً للفنانة أمل عرفة وأولادها"، وادعت عرفة أن الصورة مرسلة من أهالي الحسكة وهي ملصقة على صهريج مياه قامت عرفة بإرساله إليهم. هذه التمثيلية التي واظبت عرفة على تسييرها بشكل ميلودرامي لا ينقصها سوى إمكانية تطابقها مع الواقع؛ فالحسكة عطشى ولا يمكن إرسال المياه إليها لأن الطرقات المؤدية إليها مقطوعة، والمشكلة ليست بتأمين ثمن مياه صالح للشرب (وهو مجاني في سورية)، وإنما في إمكانية إيصال المياه للمنطقة المعزولة.

ومن ضمن الفنانين المتعاطفين أيضا الفنانة فايا يونان، التي أثار منشورها موجة من الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ كتبت: "لأكتر من عشرين يوم متواصل مليون إنسان محروم من الماء بمحافظة الحسكة بشمال شرق سورية. مليون حياة مهددة بسبب العطش. القوات التركية قطعت المي من محطة الضخ في ريف الحسكة الشمالي وهاي مش أول مرة. بس هالمرة مع الكورونا والحصار هي أقسى وأخطر مرة. خلّونا نخليها آخر مرة. رجاءً ساعدونا ننشر المأساة وخلّونا نضغط ونخلّي الإعلام والعالم يتحرك".

ردود الفعل العنيفة تجاه منشور فايا لم تأتِ من فراغ، وإنما جاءت بسبب تصريحات وتصرفات كثيرة قامت بها فايا، أهمها دعمها للجيش السوري الذي لم يتوقف عن ارتكاب المجازر بحق المدنيين، وتقديم فقرات خاصة من الأغاني الوطنية بحفلاتها إهداءً للجيش والرئيس، وتصريحها بعدم تعاطفها مع الثوار بسورية وعدم اعترافها بالثورة السورية بعد انتقادها لدعمها الثورة في لبنان.

المساهمون