فنانة رغم إعاقة السمع والبصر

فنانة رغم إعاقة السمع والبصر

08 نوفمبر 2016
بدأت فنها منذ عمر الثامنة (محمد الحجار)
+ الخط -
لدى الشابة الفلسطينية وصال كراز إعاقتان في السمع والبصر. مع ذلك، فهي تصنع الدمى والمجسمات باستخدام الأوريغامي (فن طيّ الورق)، منذ طفولتها

وصال كراز (26 عاماً) فتاة فلسطينية من الأشخاص الصمّ، بالإضافة إلى ضعف بصرها الحاد. مع ذلك، تحافظ على نشاطها كاملاً في فن الأوريغامي (فن طيّ الورق) حتى باتت معروفة في قطاع غزة بذلك، وهي التي بدأته عام 1998.

تعمل كراز في مدرسة "أطفالنا" للأشخاص الصم مساعدة مدرّسة. الإعاقتان رافقتاها منذ الولادة من دون سبب وراثي. يقول والدها باسم كراز "علمياً تشخص حالتها على أنّها متلازمة آشير (اضطراب وراثي نادر مقترن بطفرة في إحدى الجينات العشرة مما يؤدي إلى الربط بين فقدان السمع وضعف البصر الحاد). التدخل الجراحي وزرع القرنية ليس متاحاً لنا".

زار والدها معظم أطباء العيون في غزة، لكنهم لم يستطيعوا التوصل إلى علاج حالة كراز. قدموا له النصيحة بالتوجه خارج الأراضي الفلسطينية. وبالفعل، حاول الأب في مصر مع ابنته، لكنّ تحويلة العلاج لم تغطِّ التنقل في مستشفيات متخصصة بشكل دقيق مثلما تتطلب حالة وصال. وجد أنّ التوجه إلى مستشفيات متخصصة يتطلب مبالغ تصل إلى أكثر من 10 آلاف دولار أميركي، فقط من أجل تشخيص حالتها بالكامل مع الفحوصات اللازمة وتشخيص الجينات الوراثية للتوصل إلى حل، وقبل الدخول في المبالغ المحتملة لأيّ عملية جراحية.

مع ذلك، ما زالت العائلة تحاول الوصول إلى طريقة علاج. وتشجع ابنتها على الاستمرار في صنع المجسمات والأشكال بفنها. هذا الفن الذي ظهر في اليابان في القرن السابع عشر، وساهم مع غيره في نهوض وتطور البلاد. يشير والدها إلى أنّ الأوريغامي يقوّي الذاكرة خصوصاً لدى الأطفال. يتعلمه الطفل عندما يشاهد المدرّس أول مرة ثم يعيد التجربة منفرداً في وقت لاحق، من خلال الملاحظة وتركيب الشكل باتباع خطوات معينة تشبك أطراف الجسم الكرتوني بدقة. يشير إلى أنّ هذا الفن يعلمهم الصبر والتركيز، ويقوي عند الأطفال الشعور بالإنجاز ووضع الأهداف وتحقيقها، ويقوي خيالهم وطاقاتهم الإبداعية.


(محمد الحجار) 


تمكنت وصال من هذا الفن منذ عام 1998 عندما حضر وفد ياباني إلى مدرستها وعلمتها سيدة منه الأوريغامي. بعد ذلك بأشهر قليلة أتقنت وصال الفن، بل أصبحت تستغل أي ورق تالف قصقصة أو دفتر مهمل، في صنع مجسمات جميلة تزين بها أرجاء منزل العائلة.

طورت وصال الهواية إلى حرفة، وباتت اليوم تبيع منتجاتها للنساء اللواتي يرغبن في تزيين بيوتهن، وللعديد من أصحاب المحلات الذين يستخدمون هذه المجسمات للفت انتباه الزبائن، فضلاً عن أشخاص يشترونها لتوزيعها كهدايا في أعياد الميلاد والأفراح والمناسبات المختلفة. ويطلب الزبائن منتجاتها الورقية المتنوعة من خلال صفحتها على موقع فيسبوك، أو من خلال الاتصال بوالدها.

تصنع وصال من الورق شخصيات كرتونية كثيرة، مثل "بطوط" و"ميكي ماوس" و"بيكاتشو" بالإضافة إلى العديد من المجسمات الأخرى لزهور وحيوانات وطيور وحشرات مختلفة، كالدولفين والباندا والببغاء والسمكة والصقر والفراشة، والعديد من الخضر والفواكه، ومختلف الأشكال المستقاة من الطبيعة.

هذا العام بالذات، حصلت وصال على المركز الثاني في مبادرة "بذرة" لصنع الألعاب، ونافست 1200 مشارك فيها. كذلك، شاركت في معرض يوم المعوّق الفلسطيني في الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية، وفي مشروع بازار للمنتجات الحرفية. كذلك، تمكنت من تصدير إبداعها خارج الوطن عبر المعارض التي تشارك فيها. أيضاً نالت درجة الامتياز في بحث عن فن الأوريغامي الياباني من جامعة طرابلس (الفاتح سابقاً) الليبية عام 2014. وتعاقدت مع جمعية "أطفالنا" للأشخاص الصم للعمل في مجال هذا الفن، إلى جانب عملها مساعدة مدرّسة.


(محمد الحجار) 


ورشة وصال في منزلها. يشير والدها إلى أنّها في كثير من المرات يتطلب منها صنع مجسم واحد تركيزاً كبيراً أكثر من 3 ساعات، بهدف صنعه بدقة. من ذلك، المجسمات الهندسية التي يأخذ فيها المهندسون أنفسهم وقتاً كبيراً لتصميمها باستخدام الكومبيوتر.

يقول والدها: "في الليل، تحتاج إلى إضاءة شديدة أمامها كي تتمكن من تمييز الأجسام التي تقابلها خلال تحركها في المنزل. حرصنا على تجهيز غرفتها بلمبات كبيرة شديدة الإنارة لتشاهد وتتابع كلّ عملها، وتتمكن من الجلوس أمام كمبيوترها المحمول".

من جهتها، تقول وصال من خلال والدها الذي يترجم لـ"العربي الجديد" لغة إشارتها: "أطمح في نقل فني إلى عدد من المحطات العربية والعالمية، لأنني أعاني داخل مجتمعي من عدم تفهّم قدراتي في هذا الفن، خصوصاً مع عدم وجود ثقافة سائدة في الأوريغامي".

المساهمون