فلسطين وثورة البلاشفة
وبحسب تحليل الكاتب الروسي، أندرية بيليايف، الذي أكد أن مقولة المصلحة الواقعية والحيوية لروسيا الذي أعرب عنها فلاديمير لينين مازالت على أهميتها وحيويتها إلى يومنا الراهن أيضا. وقد أكدت موسكو، مرارا وتكراراً، أن الاتحاد السوفياتي لا يبحث لنفسه عن أية منافع، أو امتيازات في الشرق الأوسط، من خلال البحث عن قواعد عسكرية أو التأثير على خيرات الدول الداخلية. لكن ناصر زيدان في كتابه يؤكد على أن مجموعة علاقات واعتبارات سياسية واقتصادية وعسكرية تحكمت بدور الاتحاد السوفياتي في الشرق الأوسط إبان مرحلة الحرب الباردة وفي أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية، وانشطار العالم إلى معسكرين متقابلين، يتنافسان على اقتسام العالم إلى مناطق نفوذ خاصة، وعلى الرغم من أن منطقة الشرق الأوسط جغرافيا قريبة جدا من حدود الاتحاد السوفياتي الجنوبية، واعتبارها منطقة استراتيجية دائمة بالنسبة له، نظرا لأهميتها الاقتصادية والجغرافية والعسكرية إضافة لثرواتها الطبيعية وقدرتها الديمغرافية العالية، لقد كان نفوذه ضعيفا فيها سابقا بالمقارنة مع النفوذ أو الدور البريطاني والفرنسي ولاحقا الأميركي. لكن مجموعة كبيرة من الأحداث، ومقاربات مختلفة لموسكو أثرت ايجابيا على تفعيل دورها في منطقة حساسة ومهمة من العالم، كانت مصنفة سابقا رجعية ومتخلفة بالنسبة للسوفيات، من منظار تمسكها بالرأسمالية، وقوة نفوذ الأديان والمتدينين فيها. لكن السوفيات اتخذوا قرارا سريعا بالاعتراف بدولة إسرائيل الحديثة، مبررين ذلك بأنهم يهدفون من هذا الاعتراف بناء لرغبة ستالين لإدخالها في دائرة النظام الاشتراكي والدخول، من خلالها، إلى منطقة الشرق الأوسط، للتوصل إلى اتفاق دولي مع الولايات المتحدة، كبادرة حسن نية يبديها الاتحاد السوفياتي نحو الدول التي تريد إن نيل استقلالها، وخصوصا هو الخارج من أجواء الحرب العالمية الثانية، فكان السوفييت من أبرز المعترفين بالكيان الصهيوني وأولهم!