صلاح (36 عاما)، يعيش في منزل بدائي مبني من الطين، يجاوره بئر مياه قديمة، وموقد حديدي صدئ تتناثر حوله قطع حطب صغيرة، وأوانٍ من المعدن يكسوها الرماد.
تقع القرية المهجورة، باستثناء أسرة "صلاح"، على الطريق الواصل بين مدينتي الخليل، جنوب الضفة، والقدس المحتلة، وسط تجمع مستوطنات يهودية. وعلى مقربة من المنزل، تترامى مساحة من الأرض مزروعة بنباتات عشبية، وحظيرة للطيور والمواشي، إلى جانب كرم عنب.
حياة بدائية يعيشها "صلاح"، مع زوجته وابنته ذات العشر سنوات، ووالده السبعيني، لكنه يفضل البقاء في القرية، للحفاظ على أرضه، في مواجهة الاستيطان الإسرائيلي. يقول: "أنا الوحيد المسجل في بطاقة هويتي الشخصية، مكان السكن قرية (شوشحلة)، وهذه الأرض كل ما أملك".
وكان سكان قرية "شوشحلة"، الذين لم يعرف عددهم آنذاك، قد هجروها عام 1976، للسكن في مدينة بيت لحم، وبلدة الخضر القريبة منها، طلبا للعمل والتطور، وخوفا من ارتكاب العصابات الصهيونية مجازر بحقهم.
في عام 1997، عاد الفلسطيني "صلاح" إلى البلدة المهجورة وأعاد ترميم منزل جده، ومسجد البلدة ومقبرتها التاريخية، واستصلح أراضي زراعية. ويقول: "عندما تزوجت اشترطت قبول زوجتي السكن معي في القرية. لا أبحث عن الفقر والتخلف، ولكن حب الأرض والحفاظ عليها دفعني للعيش في بيت من الطين، منعزل عن العالم، بلا ماء أو كهرباء، أو خدمات".
ويملك الرجل أرضا زراعية تبلغ مساحتها 22 دونما (الدونم: ألف متر مربع) في القرية، ويعتمد في حياته على تربية الأغنام والطيور، وزراعة العنب، وبيع ما يزرعه من نباتات حقلية عشبية كـ"الزعتر"، و"الميرمية".
إسرائيل صادرت آلاف الدونمات، فكل يوم تشيد وحدة استيطانية جديدة ويشق طريق. حولوا الجبال إلى مستوطنات، زودت بكافة الخدمات، بينما يمنعوني (إسرائيل) من ترميم بئر جمع مياه، ووضع ألواح شمسية لتخزين الطاقة".
ويحيط بقرية "شوشحلة"، مستوطنات "دانيال، وسيدي بوعز، وإفرات، وأليعازر، وعتصيون، ومجدال عوز"، ويمر بالقرب منها شارع 60، الذي يربط مدينة القدس بمستوطنات محافظة الخليل.
ويحلم صلاح بالعيش في سلام، بحسب قوله، فقد تعرض أكثر من مرة لاعتداءات من المستوطنين، واعتقل في وقت سابق من الجيش الإسرائيلي.
سيدار صلاح (10 أعوام) الابنة الوحيدة، تدرس في بلدة "أخضر" القريبة من "شوشحلة"، حيث ينقلها والدها يوميا مسافة 5 كم على عربة يجرها حمار، فهي وسيلة النقل الوحيدة التي يملكها، في ظل إجباره من السلطات الإسرائيلية على عيش حياة بدائية.
ويعرب الفلسطيني عن أمله في أن يعود السكان إلى قريته، وأن تسمح إسرائيل بالبناء فيها، لتتمكن ابنته من الدراسة في القرية، والتعرف على أصدقاء، لتلهو معهم بدلا من اللعب مع الطيور والحيوانات.
ويقول: "تعلمت ابنتي حب الأرض، وهي لا تجد الأمن سوى في هذا المكان، نحن نريد العيش بسلام، هذه أرضنا لن نغادرها".
ورغم أن الرجل يصنع طعامه وقهوته على نار الحطب، ويعيش حياة بدائية بكل تفاصيلها، إلا أنه يملك حسابا على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".
وتسعى لجان المقاومة الشعبية الفلسطينية (غير حكومية)، للعمل على عودة السكان للقرية، من خلال إعادة ترميم مساكن واستصلاح أراض زراعية.