فلسطينيو سورية والتغريبة الجديدة

فلسطينيو سورية والتغريبة الجديدة

28 ابريل 2016
+ الخط -
قارب عدد الضحايا الفلسطينيين الذين قضوا في سورية نتيجة الحرب المشتعلة أكثر من 3200 شخص، في حين بقيّ مصير أكثر من ألف معتقل، مجهول المصير في سجون قوات النظام.
تُعيد هذه الأرقام إلى الأذهان شبح مذابح تل الزعتر التي حدثت في 13 أغسطس/ آب 1976، وراح ضحيتها أكثر من ثلاثة آلاف لاجئ فلسطيني، ومئات من المفقودين في عملية إبادة جماعية على أيدي الجيش السوري والميليشيات اللبنانية المساندة له آنذاك.
لم تقتصر الحرب السورية، المُشتعلة منذ أكثر من خمس سنوات، على السوريّين وحدهم، بل طالت أيضاً أقرانهم من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين داخل الأراضي السورية، و يقّدر أعداد اللاجئين الفلسطينيين السوريين المسجلين لدى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) حتى تاريخ الأول من ديسمبر/ كانون الثاني عام 2014 بأكثر من نصف مليون لاجئ موزعين على خمسة عشر تجمعاً ومخيماً، بدءاً من تجمعات مزيريب في أقصى الجنوب السوري على الحدود الأردنية السورية، وامتداداً بمخيم اليرموك في دمشق، والذي يعد أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في سورية، وصولاً إلى مخيميّ النيرب وحندرات في أقصى الشمال السوري في محافظة حلب. وتفيد تقارير حقوقية بأنه تم تدمير حوالي 70% من الأبنية السكنية والبنى التحتية في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وتجمعاتهم في مخيمات درعا وحندرات وسبينة وتضرر حوالي 40 % من الأبنية السكنية في مخيم اليرموك.
دفعت الانتهاكات المُرتكبة بحق اللاجئين الفلسطينيين في سورية منظمات ومراكز حقوقية وإنسانية عديدة إلى العمل على توثيق ومتابعة الانتهاكات التي يتعرض لها فلسطينيو سورية، في ظل غياب واضح لعمل المؤسسات الرسمية وغيرها للقيام بهذه المهام، فأُنشأت مراكز ومنظمات مستقلة عديدة، ومنها مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية، وهي مؤسسة أنشأها عام 2012 نشطاء فلسطينيون وعرب، وهي مؤسسة تعمل على توثيق الأحداث الميدانية اليومية لأوضاع فلسطينيي سورية، وتسليط الضوء على واقع المخيمات الفلسطينية في سورية، بعد وصول عدد الضحايا الفلسطينيين إلى الآلاف بفعل أعمال القصف والقنص المستمرة .
وبحسب إحصائيات المجموعة، بلغ عدد المعتقلين الفلسطينيين أكثر من 1068 معتقلاً، تم اعتقالهم بشكل مباشر على حواجز التفتيش أو أثناء الاقتحامات التي ينفذها الجيش داخل المدن والقرى السورية، أو في أثناء حملات الاعتقال العشوائي لمنطقة ما، وبعد الاعتقال، يتعذر على أي جهة التعرف على مصير الشخص المعتقل، كما تمتنع السلطات السورية من الإفصاح عن وضع مئات من المعتقلين الفلسطينيين الذين يعتبر مصيرهم مجهولاً، وفي حالات متعددة، تقوم الجهات الأمنية بالاتصال بذوي المعتقل للحضور لتسلم جثته من أحد المستشفيات العسكرية أو الحكومية العامة.
وصل عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين قضوا تحت التعذيب في السجون السورية إلى 440 ضحية، من بينهم 77 لاجئاً فلسطينياً تم التعرف على جثثهم عبر الصور المسربة لضحايا التعذيب في سجون النظام السوري، و34 امرأة قضت تحت التعذيب، بحسب شهادة إحدى المعتقلات المفرج عنهم، وغيرهم عشرات من اللاجئين الفلسطينيين والسوريين الذين قضو في السجون السورية، نتيجة التصفية المباشرة، أو تحت التعذيب بعد تعرضهم لأقسى وأشد أنواع التعذيب.
كما تواصل قوات الحكومة السورية اعتقال أكثر من 75 لاجئة فلسطينية، وتتكتم على مصيرهن، علماً أن شهادات من معتقلات مفرج عنهن، تؤكد تعرض المعتقلات لكل أشكال التعذيب، بدءاً من الصعق بالكهرباء حتى الاغتصاب.
وجد اللاجئون الفلسطينيون أنفسهم أمام خيارات صعبة للغاية، نتيجة تعرضهم للملاحقات الأمنية والاعتقالات التعسفية والتجنيد الإجباري في "جيش التحرير الفلسطيني"، والذي يتم الدفع بعناصره في مواجهات مع المعارضة المسلحة في مناطق عدة من ريف دمشق، في حين اختار آخرون الانخراط في العمل العسكري، إما مع الفصائل المعارضة المسلحة أو ضمن مجموعات موالية تقاتل إلى جانب النظام السوري، كـ "لواء القدس" أو الذي يوجد عناصره في مخيم النيرب في حلب ومخيم الرمل في اللاذقية، إضافة إلى مجموعات فلسطينية أخرى تقاتل إلى جانب النظام السوري، كالقيادة العامة وفتح الانتفاضة والصاعقة .
كما تقوم جمّعيات ومجموعات محسوبة على النظام السوري في ريف دمشق بإغراء الشباب الفلسطيني وتجنيدهم لصالحها للقتال إلى جانب قوات النظام، وبرواتب شهرية مغرية، كما يحصل في مخيمات خان دنون للاجئين الفلسطينيين في ريف دمشق، حيث استطاعت مجموعة العمل توثيق أكثر من 155 قتيل من عناصر جيش التحرير الفلسطيني ممن قضوا منذ بدء أحداث الحرب، علماً أن عسكريين فلسطينيين قضوا على يد قوات الجيش والأمن السوري، لرفضهم الأوامر الموجهة لهم باستهداف المدنيين ومجموعات المعارضة السورية.
6944F472-BE49-4238-8845-164535B2593B
6944F472-BE49-4238-8845-164535B2593B
علاء عفاش (سورية)
علاء عفاش (سورية)