فلسطينيو العراق بلا حقوق

فلسطينيو العراق بلا حقوق

11 مارس 2020
ترتدي الكوفية الفلسطينية (حيدر حمداني/ فرانس برس)
+ الخط -

في ظل زيادة الضغوط على الفلسطينيين في العراق بعد تجريدهم من حقوقهم وتقديمات الأمم المتحدة، تسعى كتلة الرافدين في البرلمان إلى الضغط بهدف سن قانون جديد ينظم أحوالهم
تزداد أزمة اللاجئين الفلسطينيّين في العراق، بعدما اتخذت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، سلسلة إجراءات كان آخرها إلغاء بدلات السكن لمئات الأسر الفلسطينية. قرار جاء بعد إجراء اتخذته السلطات العراقية، من خلال إلغاء القانون رقم 202 الذي ينص على "معاملة الفلسطيني كالعراقي في الحقوق إلى حين تحرير كامل التراب الفلسطيني"، ما أدى إلى إلغاء البطاقة الغذائية الشهرية التي كانوا يحصلون عليها أسوة بالعراقيين، وإخراجهم من دائرة التنافس على فرص العمل والتوظيف الحكومي والتعليم والخدمات الصحية وغيرها.

وعلى الرغم من تنظيم أبناء الأسر الفلسطينية تجمعاً كبيراً في نادي حيفا، شرق العاصمة العراقية بغداد، مطالبين بإنصافهم أو إيجاد بدائل لهم، ورفعوا خلاله شعارات عدة من بينها "أعيدونا لوطننا" و"لا تنازل عن حق العودة"، لم تبدِ السلطات العراقية أيّ تجاوب.

يقول رئيس كتلة الرافدين في البرلمان العراقي، يونادم كنّا، لـ "العربي الجديد"، إنّ الكتلة بدأت جمع تواقيع برلمانية بهدف سن قانون جديد ينظّم أوضاع أبناء الجالية الفلسطينية في العراق وإنهاء معاناتهم. ويوضح: "العراق وطن الإخوة الفلسطينيين. لكن مع الأسف، التقلّبات السياسية والتشريعات التي صدرت خلال الفترة الأخيرة لم تنصفهم. على العكس من ذلك، ظلمتهم كثيراً. القانون الذي كان أكثر إنسانية، والذي كان يكفل لهم حقوقاً كثيرة ألغي خلال دورة البرلمان السابقة".

يضيف: "القانون الملغى كان إلى حد ما منصفا، ويفترض بالبرلمان الآن تشريع قانون يضمن حقهم بما ينطلق من ثوابت العراق، ويعاملهم كمواطنين عراقيين في ما يتعلق بحق التملك والعمل والكفالة والتأمين وغيرها". ويقول إنّ "البرلمان في عطلة هذه الأيام. في أولى جلسات استئناف عمله، سيكون هناك حراك بهدف جمع تواقيع برلمانية من أجل سن قانون ثابت وخاص للإخوة الفلسطينيين في العراق بهدف إنصافهم". ويؤكّد أنّ أياً من نواب البرلمان العراقي لم يكونوا ضد هذه الفكرة أو الحراك.



ويختم حديثه قائلاً: "المواطن الفلسطيني اليوم لا يملك حقوقاً في العراق. كان هناك نحو 40 ألف فلسطيني، وفي الوقت الحالي لا يوجد سوى خمسة آلاف أو أقل. منهم من دخل في متاهات النزوح على غرار العراقيين. من أهم البنود التي نسعى إلى سنّها، الحق في التملك والوراثة والتقاعد. هناك من يعمل في البلاد منذ 30 عاماً من دون أي حقوق".

ويؤكد ناشطون فلسطينيون في بغداد أن أوضاع الكثير من الأسر باتت حرجة للغاية. يقول الناشط أحمد عبد الله، لـ "العربي الجديد"، إن "أبناء الجالية الفلسطينية التي تتركز في بغداد تعاني أوضاعاً مادية سيئة للغاية. بعض الأسر لم تعد قادرة على توفير وجبة اللحم لأسابيع طويلة وتشتري الملابس المستعملة، مع ذلك، تفضل أن تغلق الباب على نفسها وترفض استجداء أحد". يضيف أن التضييق الذي اعتمدته مفوضية اللاجئين أخيراً بقطع بدلات الإيجار كان امتداداً لتضييق آخر من قبل السلطات العراقية نفسها التي سحبت الكثير من الحقوق، مثل العمل والتعليم والتقاعد والبطاقة الغذائية والسفر والتعويضات عن العمليات الإرهابية والأخطاء العسكرية، فضلاً عن حق العيش بلا تمييز أو تصنيف.

من جهته، يقول النائب في البرلمان العراقي رعد الدهلكي، لـ "العربي الجديد"، إنه سيساند التحرك البرلماني، مضيفاً أنّ "العراق معروف بكونه الأخ الكبير والمسؤول ودائماً ما ينصف أشقاءه. نحن مع إعادة الحقوق للفلسطينيين في العراق، ومع إنصاف إخواننا، فالهمّ واحد والحمل واحد".

وكانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد أبلغت اللاجئين الفلسطينيين في العراق المشمولين في إطار برنامج "بدل الإيجار"، مطلع العام الجاري، بأن شهر فبراير/شباط (الماضي) سيكون آخر شهر لصرف مخصصات بدلات الإيجار لهم. وأكد ناشطون ومواطنون فلسطينيون في بغداد تلقّيهم إخطاراً من المفوضية بوقف دفع بدلات إيجار السكن، وأن عليهم مراجعة مسؤول الملف الخاص بفلسطينيي العراق لدى المفوضيّة، للاستفسار عن الموضوع.
وعقب قرار البرلمان العراقي إلغاء القانون 202 المتعلّق بالفلسطينيّين، والذي ينصّ على أن للفلسطيني كما العراقي كامل الحقوق إلى حين تحرير كامل التراب الفلسطيني، أصدرت الحكومة العراقية، في الرابع والعشرين من ديسمبر/كانون الأول عام 2017، بياناً قالت فيه إن "إلغاء القانون 202 المتعلّق بحقوق الفلسطينيين المقيمين في البلاد، جاء لأمور تنظيمية".



وأكد البيان أن القانون الجديد رقم 76 المتعلق بتنظيم إقامة الأجانب سيشملهم من دون أن يتعرض لحقوقهم. لكن بعد القرار الذي اعتبر نافذاً نتيجة توقيع الرئيس العراقي آنذاك، فؤاد معصوم، قُطعت البطاقة الغذائية عن الفلسطينيين واعتبروا مقيمين أجانب، ما يعدّ نسفاً لكل القوانين السابقة منذ نهاية عام 1948.

وتراجعت أعداد الفلسطينيّين في العراق بعد الاحتلال الأميركي عام 2003 بشكل كبير، عقب استهداف مبرمج من قبل القوات الأميركية، ما أسفر عن مقتل وجرح واعتقال العشرات، تبعتها حملة قتل منظمة وطرد وتهجير للآلاف منهم بعد عام 2006، نفّذتها مليشيات مسلحة مرتبطة بإيران. ويعيش الفلسطينيون في العراق ظروفاً سيئة للغاية، وسط انعدام شبه تام للمساعدات الدولية أو الحكومية لهم، إضافة إلى التضييق عليهم في فرص العمل.