فلسطينيو الداخل يتصدون لمشروع تحلية مياه إسرائيلي يصادر أراضيهم

فلسطينيو الداخل يتصدون لمشروع تحلية مياه إسرائيلي يصادر أراضيهم

حيفا

ناهد درباس

ناهد درباس
08 يوليو 2020
+ الخط -

يتصدى أهالي قرية المكر الجديدة، بجانب عكا في الجليل الغربي، لقرار إقامة مخطّط منشأة لتحلية مياه البحر الذي أقرّته السلطات الإسرائيلية، والذي سيؤدي إلى مصادرة  مئات الدونمات من أراضيهم الخاصة، وكذا البلدات العربية المجاورة، في الداخل الفلسطيني
وستمر  أنابيب المياه في أراض يملكها عرب، منها قرية المكر والجديدة. وأرسلت السلطات الإسرائيلية رسائل إخطار لأصحاب الأراضي.
وبادر أهالي قرية المكر إلى التحرّك، واجتمع أصحاب الأراضي  للتصدي شعبياً للقرار، ومنع مصادرة الأراضي. في المقابل يتم التحضير أيضاً للمسار القضائي، وتمّ عقد عدّة اجتماعات أيضاً، من أجل هذا الموضوع، بمشاركة لجنة المتابعة.
 يذكر أنّ منشأة "تحلية الجليل الغربي"، هو مشروع "قومي" لسلطات الاحتلال الإسرائيلية وأقرّته الحكومة نهائياً في 30 يناير/كانون الثاني الماضي، ويهدف إلى إقامة منشأه لتحلية مياه البحر، إلى جانب مستوطنة "نيس عاميم"، في الجليل الغربي، بقدرة إنتاجية تصل إلى 200 مليون متر مكعب من المياه الصالحة للشرب. 
وتقدّر مساحة المنشأة الأنابيب الضخمة، التي يصل قطرها إلى 80 إنشاً والمرافق التابعة، بنحو 14189 دونماً. ومئات الدونمات من هذه المساحة، هي أرض عربية خاصّة، يملكها أهالي أبو سنان، جديدة المكر، يركا، جولس، طمرة، شفا عمرو وقرى عربية أخرى. 
وفي حديث مع صائب منصور، رئيس لجنة الأراضي  المهددة بالمصادرة في قرية المكر الجديدة، والمتضرّر من المشروع مباشرة، قال: "لدي قطعتا أرض في سهل المكر، مهدّدتان بالمصادرة. قطعة مساحتها 10 دونمات، مهدّدة بالمصادرة بالكامل،  والأخرى مساحتها تمتد على 7 دونمات، 3 دونمات منها  معرّضة للمصادرة، وهي أراض زراعية. في الماضي، كانت  شركة المياه "مكوروت" الإسرائيلية، تستخدم الأرض لمدّ أنابيب المياه، لكنها كانت تدفع ثمن الإيجار، من دون مصادرة الأراضي. اليوم، القانون تغيّر، وتقوم الدولة والسلطات الإسرائيلية بمصادرة الأرض. وتقوم الدولة  بدفع تعويض عن الأرض، وتسمح لصاحبها بزراعتها، لكن بشروط وقيود. فإذا كانت الأنابيب الممدودة تحت الأرض، على عمق 9 أمتار، تسمح السلطات  بزراعة الأشجار في الأرض، بينما إذا كانت الأنابيب على عمق ثلاثة أمتار، فممنوع زراعة الشجر. إذ إنّ السلطات هي التي تقرر ما المسموح زراعته في أرضك".

ويضيف: "أمس، كان هناك اجتماع لأصحاب الأراضي المصادرة في سهل البطوف، في المجلس البلدي. مشروع تحلية المياه، هو مخطّط "قومي"، وفق السلطات الإسرائيلية. نحن نطالب بتغيير المسار والمخطّط إلى أراض محاذية لشارع 6، في ما يسمّى "عابر إسرائيل"، ونرفض كلياً مصادرة أراضينا. هذا الموقف العام المتفق عليه بين أصحاب الأراضي المهدّدة بالمصادرة. وتمّ تقديم 670 اعتراضا، من قبل المستوطنات الإسرائيلية في المنطقة، وتمّ رفضهم بالكامل".
أما أبو أمين ملحم، فهو يعمل في الأرض منذ طفولته. يذكر أنّه كان يخرج من المدرسة، ليذهب رأساً بعد الدوام  إلى العمل وحراثة الأرض. فهو ورث أرضه عن والده، وهو لا يزال يعمل فيها حتى يومنا هذا، ويعتاش منها فهي مصدر رزقه.

يقول أبو أمين: "لدي 24 دونماً في سهل المكر، ثلث الأرض معرّضة للمصادرة وفق خريطة المخطّط لتحلية المياه. أزرع أرضي حمصا وبطيخا، زراعة بعلية. أعمل في أرضي منذ الطفولة، وأعتاش منها، إذ هي مصدر رزقي الوحيد. أعارض مصادرة الأراضي والمشروع بشدة، ونحن سنبذل جهدنا لإيقاف مصادرة أراضينا إذ هناك طرق بديلة يمكن للمخطّط الاعتماد عليها. أغلب  الأراضي في سهل المكر، مزروعة بأشجار الزيتون وجزء منها أيضاً مزروع بشجر الأفو كادو. لا يمكنهم  مصادرة الأرض، إنني موجود فيها يومياً. رأيت الخارطة، وشاهدت كيف يوسّعون الأنابيب عندما تصل إلى سهل المكر". 
وهناك نحو 30 مزارعا، لديهم أراض في سهل المكر، مساحتها 310 دونمات، جميعها مهدّدة بالمصادرة.
وفي السياق، يقول إبراهيم حجازي، رئيس لحنة العمل الشعبي في لجنة المتابعة: "المشكلة أنّ مشروع المخطّط، وإن كان استثماراً من ناحية المياه، إلاّ أنّه لا يراعي بتاتاً الأراضي العربية الخاصة. وعندما يمرّ المخطط في أراضٍ يهودية، يصبح حساسا جداً ويراعي حدود الأراضي الخاصة، بينما هو يبتلع الأراضي العربية بالكامل. فمشروع شارع 6، ما يسمى "عابر إسرائيل"، ومشروع خط الغاز وسكة الحديد، صادر آلاف ومئات الأراضي. كان بإمكان جمع المخطّطات والتقليل من عملية مصادرة الأراضي لأبعد الحدود".
ويضيف: "على المخطّط الإسرائيلي أن يدمج  البنى التحتية القائمة وربط مخطط تحلية المياه معه، من دون أن يتم إلحاق الضرر بالأراضي. نحن في صدد إعداد دراسة جديدة مع طرح بديل، إذ نريد أن نعمل على تحلية المياه، لكن يجب ألاّ يكون هذا بتاتاً على حساب مصادرة الأراضي العربية. فليمرّ المخطط من البنى التحتية القائمة، ويتم تمرير الأنابيب من خلالها، من دون مصادرة الأراضي العربية الخاصة. ويمكن استغلال 80 بالمائة من البنى التحتية الموجودة وإيجاد بدائل أخرى أقل ضررا. تخطيط إيجاد بديل، يقلّل من الخسائر، وسنعمل على خط بديل. المخطط سيمرّ في عشر بلدات عربية".
من جهته قال  سهيل ملحم، رئيس مجلس جديدة المكر: "لقد عملنا على المشروع بعد أن استلم أصحاب الأراضي الإخطارات لشراء حقوق الأراضي منهم. وبدأنا العمل منذ 3 أسابيع وعقدنا أربع جلسات، منها مع أصحاب الأراضي من أجل انتداب محام للتصدي للمشروع قضائياً. السلطة المحلية هي الراعي الأكبر للتصدي لهذه المشاريع. ونحن ندرس الموضوع بكل حيثياته، لنكوّن فكرة حول كيفية التصدي له. الطعن في التخطيط تأخّر، لكننا نحاول تجميد المشروع. في القريب، سيكون هناك مفاوضات حول مشروع شارع 6، وسوف يكتسح آلاف الدونمات. وهناك أيضاً خط الغاز ومشروع تحلية المياه. وجميعها ستمرّ عبر أراضي المكر الجديدة، وجميعها ستحمل الخسارة لأصحاب الأراضي. المفروض أن تمرّ البنى التحتية، من شارع 6، وهو عرضه 100 متر، هكذا سنكون قد حدّينا من الأضرار. سهل المكر هو متنفس المنطقة الغربية بالقرية، وسوف يضرّ المشروع بالفلاحين ومصدر رزقهم، والعائلات التي تعتاش من الزراعة. لن نسكت، ولن نقبل في هذا الوضع، ولن يمرّ بهذا الشكل. إذ سنكون في الميدان والشارع حتى نحصل على مشروع أقل ضررا".

ذات صلة

الصورة

سياسة

في المناطق المحاذية للحدود الجنوبية اللبنانية مع فلسطين المحتلة وتلك التي على مقربة من النقاط التي تعرّضت للقصف الإسرائيلي، جال "العربي الجديد"، والشوارع شبه خالية من السيارات، إذ تسير عليها آليات الجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان.
الصورة
إحيا ذكرى هبة القدس والأقصى في سخنين (منصة إكس)

سياسة

أحيا فلسطينيو الداخل في تظاهرة حاشدة الذكرى الـ23 لهبة القدس والأقصى التي اندلعت في الداخل الفلسطيني بالتزامن مع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في عام 2000.
الصورة
لمى غوشة (هبة أصلان/فرانس برس)

منوعات

بعد عشرة شهور قضتها الصحافية المقدسية لمى غوشة في الحبس المنزلي، تتحدث لـ"العربي الجديد" عن هذه التجربة، وتأثيرها عليها كفلسطينية وكأم تعيش تحت نير الاحتلال.
الصورة
شتلة شجرة مانغروف في جنوب العراق (عصام السوداني/ رويترز)

مجتمع

بينما يزرع العراقي أيمن الربيعي شتلات أشجار المانغروف في سهول طينية مترامية الأطراف بجنوب العراق، يُظهر الدخان الأسود المتصاعد في الأفق خلفه الضرر البيئي الذي يحاول الرجل إصلاحه.

المساهمون