فكّر قبل أن تكون ضحية

فكّر قبل أن تكون ضحية

21 مايو 2018
+ الخط -
إلى كل المنساقين طوعا إلى مقصلة الإرهاب الأسري والاجتماعي، إلى الواقعين في حبائل الخداع السياسي والتزيف الديني والإرهاب النفسي كتبت هذا المقال لأقول: فكّر أخي الإنسان قبل أن تكون ضحية.

فكّر قبل أن تكون ضحية لإنسان قرر على غفلة منك اقتحام حياتك والتدخل بكل تفاصيلك وفرض نفسه عليك لدرجة أن يأخذ مكان نفسك، يتحكم بعقلك يسلبك حريتك ويخطط كما يشاء لحياتك يبعدك عن نفسك وتصبح أنت المنفي عنها، تراقب مجرياتها باستسلام إلى أن تأتي ساعة الحساب تهزك هزا تسألك ماذا فعلت بنفسك؟ لماذا قدمت كل هذه التنازلات؟ لمن بعت سعادتك؟

ستقضى بقية حياتك في محاسبة نفسك وسيكون الحساب مراً وعسيراً، ومهما تعددت وتزايدت المبرارت فلن يقبلها عقلك، ولن ترضى عنك نفسك، صراع داخلي سيشتد ويحتدم كلما رأيت نظرات الانتصار تلمع كالبرق في عيني ذلك الإنسان الحاقد الذي انتصر بضعفك عليك ليس لأنه أقوى منك ولا أذكى، هو مجرد إنسان قاده حقده إلى محاولة إيقاف تقدمك فوضع بطريقك عقبات وهمية حولتها أنت بخوفك إلى صخور حقيقية، بنا حولك جدران من ورق فتحولت وبسبب أوهامك وضعف إرادتك إلى قضبان حديدية..


يا لهول ما ستكتشف كنت أنت السجين والسجان، كنت أنت العقبة أمام نفسك، ستنهار الشجرة التى علقت عليها فشلك وأخطاءك وعثرات حياتك ولن تجد بعدها أحد تلقي اللوم عليه سوى نفسك، لذلك فكر قبل أن تسلم مفاتيح حياتك لأي إنسان مهما كانت مكانته منك، وتذكر أنك في معركة الحياة ستكون وحيداً وفي قبرك ستكون وحيداً وحتى يوم القيامة وحيدا ستحاسب على أفعالك.

فكر قبل أن تكون ضحية لرجل امتطى موجة الدين ليصل إلى غاية مادية أو مكانة اجتماعية أو منصب ديني أو سياسي، فكر قبل أن يكون جهلك موجته السهلة للوصول إلى عقلك وفرض سلطته الكامله عليه سيبدأ حتما بنفث سمومه وزرع أفكاره التي سيجني أول ثمارها عندما يستطيع إقناعك أن جارك الذي شاركته طفولتك وأجمل أيام شبابك ما هو إلا عدو لك فأباح لك قتله فقط لأختلاف ديني أو مذهبي أو طائفي، يعسر لك الدين ويحولك إلى إنسان محدود آلافاق نزق الطبع ضيق الأخلاق والخلق عصبي متعصب تائه واقف بمنطقة رمادية لاتعرف هل أنت شهيد أم قتيل قاتل، مجاهد أم إرهابي، سجين مدافعا عن دينه أو مجرد إنسان أخطأ فنال عقابه، أما هو فستكون خيارته محسومة مسبقا بركوب موجتك أنت وأمثالك، فوصل إلى مايريد، امتلك القوة والجاه والسلطة، الاعتذار يكفيه والتراجع يقيه شر المحاسبة.

احذر أخي الإنسان أن تكون ضحية لسياسي مخادع متملق، على حسابك وصوتك وأكتافك يريد أن يتسلق، يقف على المنابر يطالب بالحريات السياسية يدافع عن الحقوق الإنسانية يهدد أعداء الديمقراطية ويتوعدهم بحرب دموية لا رجعة فيها ولا رحمة، حرب تستأصل كل من يعارض أفكاره ويخالف سياساته، أنت المصفق بالميدان ستكون حطب هذه الحرب الدموية ستدفع ثمن ديمقراطية كاذبة مغمسة بالدم والأكاذيب يصل من خلالها إلى كرسي السلطة، سيستغل كل ثوابتك الدينية والوطنية، سيعزف على كل وتر وسيرقص على كل حبل، سيشعل بقلبك نار الكراهية، ستحارب ستريق دمك ودماء الأبرياء وبعد أن تخسر كل شيء، بيتك، أولادك، وطنك، والكثير من المعتقدات الدينية والثوابت الوطنية التي كنت تعتقد أنك تدافع عنها سيجلس هو على طاولة مستديرة مع من كانوا بالأمس أعداء وقتله، سيتصافحون أمام الكاميرات ويتبادلون الابتسامات، سيتناقشون ويتسابون إلى أن يصلوا إلى اتفاقية يوزعون فيها الغنائم بعدالة تامة، هنا ستتغير كل المفاهيم والمسميات، عدو الديمقراطية بالأمس صار ضحية وأنت إرهابي قاتل مطلوب للعدالة.. نعم هكذا ستنتهي المعادلة.

أن تكون ضحية فهذا اختيار لن تقع فيه إذا أحسنت الاختيار، اختيار أفكارك وتوجهاتك، وحتى لا تكون ضحية اقرأ قبل أن تقتنع، فكر قبل أن توافق، فالكثيرون ممن يعتلون المنابر ويظهرون على الشاشات يسحرون العقول بكلام معسول، والله وحده عليم بما تخفيه الصدورِ من مقاصد مشبوهة ومطامع شخصية لا تمت بصلة للوطنية.

لا تقدس أبدا أي شخصية، فالإنسان خطاء مهما بلغ شأنه وعلا مقامه، تعلم ثقافة الإختلاف الديني والعرقي والمذهبي، لا تعادي من يخالفك حتى لو كان متطرفا برأيه فكل الآراء والأفكار تحمل وجهان للحقيقة أحدهما خطأ والآخر صواب.

كن نفسك ولنفسك، لا تتخلى عن أحلامك خضوعا لسلطة عائلية، ولا تتنازل عن طموحك تحت وطأة ضغوط اجتماعية وعادات وتقاليد متوارثة، لا تخف إذا كنت مقتنعا بما تريد أن تفعل ولا تتراجع إذا كنت واثقا مما تريد أن تحقق في حياتك الشخصية والعملية.. هي الحياة أخي الإنسان رواية وأنت فيها صفحة، فكن أنت الكاتب ولا تقبل إلا بالقدر شريكاً لك.