فضيحة وكالة الأنباء الجزائرية: تلفيق وموظّف وهمي

فضيحة وكالة الأنباء الجزائرية: تلفيق وموظّف وهمي

05 سبتمبر 2020
تضمن تقرير وكالة الأنباء الجزائرية تصريحات لمسؤول أممي وهمي (تويتر)
+ الخط -

سحبت وكالة الأنباء الجزائرية التقرير الإخباري الذي نشرته الثلاثاء الماضي، وتضمّن تصريحات لمسؤول وهمي في المفوضية الأممية لحقوق الإنسان، حول رفض المفوضية شكوى ناشطين جزائريين ضد الاعتقالات التعسفية التي تقوم بها السلطات الجزائرية بحق المعارضين. وزعمت أنها نقلت التصريحات عن إذاعة مونتي كارلو الفرنسية.
واضطرت الوكالة الحكومية مساء الجمعة إلى سحب التقرير وإلغائه من شريط الأخبار ومن الأرشيف، بعد ضغط وطلب عاجل وجّهته المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة التي وصفت التقرير بالمفبرك والملفق والمضلل.

وانتقد بيان لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، الجمعة بشكل لاذع "الأخبار الكاذبة والملفّقة بالكامل من بدايتها إلى نهايتها من قبل وكالة الأنباء الجزائرية، بشأن شكوى تقدمت بها مجموعة من الناشطين السياسيين الجزائريين لدى المفوضية.... التقرير يشوّه عمل الهيئة الأممية المتحدة المختصة بحقوق الإنسان، وعلاقتها بالجزائر". وأفاد البيان بأن "مقالاً نشرته وكالة الأنباء الجزائرية باللغات الفرنسية والعربية والإنكليزية، يوم الثلاثاء، يزعم أن هيئة تُسمّى مكتب النزاعات القضائية في الأمم المتحدة في جنيف، رفضت شكوى لمجموعة من الناشطين السياسيين الجزائريين، بعد 24 ساعة من تقديمها وفحص مضمونها من قبل المندوبين القانونيين للمفوضية"، مشيراً إلى أن "المقال يسرد الأسباب التي أدت إلى رفض الشكوى بإيجاز، ويشير إلى مقابلة كانت قد بثت قبل ذلك بيومين على راديو مونتي كارلو أجراها شخص يدعى عصام المحمدي، وصفته وكالة الأنباء الجزائرية بأنه سكرتير في مكتب النزاعات الخاص بالأمم المتحدة".

وكان ناشطون جزائريون في الخارج، بعضهم جاء من فرنسا، قد قدموا بالفعل شكوى إلى المفوضية العليا لحقوق الإنسان، ضد السلطات الجزائرية، بسبب "اعتقالات تعسفية" بحق ناشطين في الحراك الشعبي والتضييق على الصحافيين. ولفت بيان المفوضية السامية لحقوق الإنسان إلى أن "مقال وكالة الأنباء الجزائرية تضمن صورة كبيرة لقاعة اجتماعات للأمم المتحدة في جنيف، عليها شعار الهيئة الأممية، سعياً على ما يبدو، إلى إضفاء المصداقية على القصة". 

وكان المتحدث الرسمي باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، روبرت كولفيل، قد شدد، على أن "المقال غير صحيح، والمعلومات الواردة فيه والتي جرى تداولها على نطاق واسع من قبل وسائل إعلام أخرى في الجزائر وخارجها، مختلقة بالكامل من بدايتها إلى نهايتها"، وأضاف "لا توجد هيئة حقوقية تابعة للأمم المتحدة بهذا الاسم، ولم نتمكن من تحديد أي من موظفي الأمم المتحدة أو الخبراء المستقلين باسم عصام المحمدي".

وفي السياق ذاته، أكدت مصادر صحافية في إذاعة مونتي كارلو أنها لم تنشر ولم تبث أي حوار مع المسؤول الأممي الوهمي، وأشارت المصادر إلى إمكانية أن تضطر الإذاعة إلى إصدار بيان لتكذيب ما نسبت لها وكالة الأنباء الجزائرية بشأن إجراء الحوار المذكور. وتحمّل بعض المصادر في وكالة الأنباء الجزائرية، مسؤولي الإعلام في الرئاسة مسؤولية التقرير، كون الرئاسة هي التي أرسلت التقرير وطلبت نشره، ولم يكن جهداً صحافياً من مجهودات صحافيي الوكالة.

وكانت وكالة الأنباء الجزائرية قد نسبت تصريحات زعمت أنها استقتها من إذاعة مونتي كارلو الفرنسية، إلى من وصفته بالسكرتير في مكتب النزاعات بالأمم المتحدة في جنيف، عصام المحمدي، قال فيها إن "الشكوى التي تقدم بها بعض الناشطين السياسيين الجزائريين ضد السلطات الجزائرية تم رفضها بعد 24 ساعة من إيداعها ودراسة محتواها من طرف المندوبين الحقوقيين بالمكتب، لأن محتوى الشكوى لا يتطابق مع تقارير منظمة حقوق الإنسان في الجزائر، وبعض الموقعين على العريضة لهم سوابق عدلية، وجميع الموقعين غير مقيمين في الجزائر لمدة 10 سنوات، كما أن مقدمي العريضة هم من مزدوجي الجنسية، ومنهم من لا يملك الجنسية الجزائرية، ولكون تصنيف الجزائر ضمن صدارة الدول العربية التي تكرس حرية التعبير وحماية حقوق الإنسان".
وانتشر التقرير بشكل كبير، حيث تداولته الإذاعة الجزائرية والتلفزيون الرسمي والصحف الموالية للسلطة، وقدم على أنه انتصار للسلطة على الناشطين الذين قدموا الشكوى، قبل أن يتضح أنه ملفق بالكامل.
وجاءت هذه الفضيحة، في وقت تعاني البلاد من تراجع كبير في حرية التعبير، إذ تحتلّ الجزائر المرتبة 146 من أصل 180 بلداً في مؤشر منظمة مراسلون بلا حدود لحرية الصحافة.

 

المساهمون