فريد الأطرش.. سيرة عزف متفرّد

فريد الأطرش.. سيرة عزف متفرّد

25 ديسمبر 2014
مع صباح..
+ الخط -
على مقربة من اكتمال العقد الرابع لذكرى رحيل الموسيقار فريد الأطرش (1917 ـ 26 كانون الأول/ ديسمبر 1974)، تستعيد الذاكرة الموسيقية مرحلة كبيرة من حياة الأغنية الطربية في مصر، الأغنية التي عاشها ذلك الجيل في أغاني الكثيرين من فناني تلك الحقبة مثل أم كلثوم وأسمهان.

في أوائل الثلاثينيات، تطوّر ابن مدينة السويداء السورية على يد أستاذه الملحن اللبناني فريد غصن، وبدت ذاكرته الموسيقية أكثر سعة ممّا أودعت فيها والدته عالية المنذر، التي كانت تعزف العود وتغني في حفلات الأسر السورية في القاهرة، وبدأ يعزف في الحفلات الموسيقية، لينطلق مشواره من كازينو بديعة مصابني في القاهرة، إلى أن اكتشفه الموسيقي مدحت عاصم، مدير الشؤون الموسيقية في الإذاعة المصرية حديثة التأسيس عام 1934.

وبالرغم من سلامة أدائه الموسيقي، إلا أن صوت العازف الشاب لم يلقَ استحسان النقاد بادئ الأمر، إذ اعتبره المستمعون غريباً، ولكن تمكّنه من آلة العود أدرجه في مرتبة جيدة بين أقرانه، فلم يتوانَ عن تقديم نفسه كمغنٍ وعازف في آن، بعد أن شجعه مدحت عاصم على الغناء، ولحّن له لاحقاً أغنيتي "من يوم ما حبك"، و"كرهت حبك"، على إيقاع التانغو.

دخل الأطرش الساحة الفنية في مصر كعازف عود محترف، وشارك في فرقة ثلاثية ضمّت كلاً من عازف البيانو مدحت عاصم ، وعازف العود فريد غصن، ليقدموا العديد من الأغاني والقطع الموسيقية الآلية، في تجربة لاقت نجاحاً شعبياً، ولم يكتب لها النجاح موسيقياً؛ إذ افتقدت هذه الأعمال لروح الموسيقى الشرقية، بإدخال البيانو "الشرقي" المعدَّل عليها.

اتجه الأطرش في ما بعد إلى التلحين، ليضع أعمالاً لعديد من قصائد الشعراء الذين اعتُبِروا من رواد القصيدة الغنائية في تلك الفترة، مثل بيرم التونسي، وأحمد رامي. كما اشترك مع موسيقيين، مثل عزيز صادق، وعلي إسماعيل، في أعمال جمعت بين التلحين والتوزيع. وكان من أوائل أعماله طقطوقة "نويت أداري آلامي"، التي غناها في الإذاعة الرسمية المصرية عام 1936. بعد الأربعينيات، اقتصرت مؤلفات الموسيقيين على القوالب الغنائية كالطقطوقة والموال والقصيدة المغناة، وابتعد معظم الملحنين عن تأليف مقطوعات الموسيقى الآلية.

من هنا، كانت أهمية ما عمل عليه صاحب "الربيع"، إذ التزم بتقليد القالب واللحن، ومنح العود اهتماماً خاصّاً، فقدّم العديد من الأغنيات بعزف منفرد عليه، كما طعّم أغنياته بتقاسيم "المدخل"، التي تعزف كمقدمة للغناء.

وحين راجت الأفلام الغنائية في السينما المصرية، أجبر سوق الإنتاج المغنين والملحنين على السواء، على تقديم أغانيهم وأعمالهم من خلال الأفلام، فكان الفنان يقدَّم كمغنٍ وملحن وممثل في الوقت نفسه، ولمّا كانت شعبية السينما تستلزم شعبية الموسيقى التي تحتويها، كان على صاحب "توتة" تقديم أعمال تجمع بين البساطة والزخم في اللحن والإيقاع، مثل أغنيتي "حبّينا" و"وراق الشجر".

المساهمون