فرنسا: هامون وفالس يخوضان المعركة الأخيرة قبل الاقتراع

فرنسا: هامون وفالس يخوضان المعركة الأخيرة قبل الاقتراع

28 يناير 2017
هامون وفالس صراع حاد بين معسكرين متناقضين(بيرتراند جوي/فرانس برس)
+ الخط -
عشية الجولة الثانية من الانتخابات التمهيدية لاختيار المرشح الاشتراكي للرئاسيات المقبلة في فرنسا، والتي تُجرى غداً الأحد، بين مانويل فالس وبونوا هامون تبدو حظوظ هذا الأخير وافرة للفوز بالاقتراع، بفضل دينامية وحيوية لافتتين طبعتا حملته الانتخابية منذ تصدره المفاجئ الأحد الماضي نتائج الدورة الأولى، متقدماً على فالس رئيس الوزراء السابق بخمس نقاط.

وتحولت الحملة الانتخابية بين هامون وفالس إلى صراع حاد بين معسكرين متناقضين داخل الحزب الاشتراكي، فهامون يدافع عن رؤية يسارية تتحدى المنطق الاقتصادي وتعد بمستقبل أفضل، في حين أن فالس يدافع عن مشروع سياسي واقعي منطلقاً من رؤية إصلاحية وليبرالية.

وأصبح هامون الأوفر حظاً في هذه الانتخابات، بفضل قدرته على استمالة شرائح واسعة من الناخبين اليساريين، خاصة الشباب منهم، برؤيته المبتكرة للعمل السياسي، وشخصيته الهادئة التي تختلف تماماً عن شخصية فالس المزاجية ذات الميل السلطوي، والتي اكتسبها خلال إدارته وزارة الداخلية ورئاسة الحكومة.

وخلال حملة الانتخابات التمهيدية نجح هامون في فرض مقترحاته في صلب النقاش العام، خصوصاً اقتراح أجر أدنى بـ 750 يورو لكل مواطن فرنسي، على الرغم من الغموض الذي يكتنف تفسيره لمصادر تمويل هذا المقترح الذي يبدو "طوباويا" وغير واقعي بالنسبة لفالس، وللمرشحين الآخرين للرئاسيات.

غير أن هامون يستغل بذكاء ورقة "الأحلام الطوباوية" التي ما تزال تحظى بوقع إيجابي في أوساط اليساريين.

بل إن مارتين أوبري الأمينة العامة السابقة للاشتراكي ورئيسة بلدية مدينة "ليل" شكرت هامون، أمس الجمعة، في رسالة صوتية، واعتبرت أنه "منح حياة جديدة لفكرة التقدم، والتي تعني للاشتراكيين إمكانية غد أفضل، وتبعث من جديد مهمة اليسار التاريخية".     

من جهته، يشدد فالس على "مصداقيته"، والخبرة التي اكتسبها من تجربة العمل الحكومي في مواجهة خصم يتهمه ببيع "الأوهام"، ويؤكد أن مآلها الحتمي هو "الخيبة" والفشل.

ويعتبر أن مقترح هامون يشكل استخفافاً بالأهمية القصوى التي يعطيها الفرنسيون لقضية العمل، وأن فكرة منح راتب من دون عمل مقابله هي تشجيع على ثقافة الاتكال والكسل.

وتميزت حملة فالس منذ ظهور نتائج الجولة الأولى بالارتباك والتشنج، وبادر إلى شن هجوم عنيف على هامون حد اتهامه بالتقصير في الإيمان بمبدأ العلمانية، والتلميح إلى تقربه من الإسلاميين المتطرفين، وهي الاتهامات التي صبت في طاحونة اليمين المتطرف، والذي أطلق حملة تبخيس واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي، وأطلقوا على هامون، واسمه الشخصي بونوا، اسم "بلال هامون".

لكن هذا الأخير صرح الخميس الماضي في تجمع انتخابي بأنه فخور بأن يطلق عليه اسم بلال أو أي اسم عربي آخر.           

ويرى مراقبون أن مصير "الحزب الاشتراكي" بات على محك صعب كيفما كانت نتيجة الانتخابات التمهيدية، إذ تحول إلى حزب ضعيف ومنقسم بعد ولاية الرئيس فرنسوا هولاند، والذي حطّم أرقاماً قياسية في تدني شعبيته.


ومع ارتفاع معدل البطالة، وإقرار إصلاحات تهدد الأمن الاقتصادي للعمال والموظفين والطبقة الوسطى، وفرض حالة طوارئ مستمرة بعد موجة الاعتداءات، يرى كثيرون من أهل اليسار أنها تمس بالحريات الفردية وبالديمقراطية.  

وحسب العديد من استطلاعات الرأي الأخيرة، فإنه، بغض النظر عن هوية الفائز غداً الأحد، فسيحل في المرتبة الأخيرة خلال الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية في مايو/ أيار المقبل، وراء مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن، ومرشح اليمين المحافظ فرنسوا فيون، وأيضاً وراء وزير الاقتصاد الاشتراكي السابق إمانويل ماكرون، ومرشح اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون.

ويرى محللون أنه في حال فاز هامون كما هو متوقع، فإن قسماً من الناخبين الاشتراكيين ذوي النزعة الإصلاحية سيتوجهون تلقائياً نحو ماكرون.

وفي حال فوز فالس فسيتجه أنصار هامون والناخبون ذوو النزعة اليسارية في اتجاه ميلانشون. 

ويبقى العامل المجهول والحاسم في اقتراع الغد، هو حجم نسبة المشاركة بعد الدورة الأولى التي قاطعها الناخبون، ولم يصوت فيها سوى 1,65 مليون شخص فيها بحسب الأرقام النهائية، في حين أن الانتخابات التمهيدية لدى اليمين نجحت في تشرين الثاني/نوفمبر في استقطاب أكثر من أربعة ملايين ناخب.