فرنسا تدخل مرحلة ثانية من إزالة قيود كورونا الوقائية

محمود الحاج ــ باريس
تبدأ فرنسا، اليوم الثلاثاء، مرحلةً ثانية من الخروج من العزل الصحّي، تُزال معها أغلب القيود الوقائية المفروضة منذ منتصف مارس/آذار الماضي بهدف الحد من انتشار وباء فيروس كورونا. 


وبعد خروج أوليّ من العزل، دام ثلاثة أسابيع وساده الحذر والترقب، في ظل مخاوف من حدوث "موجة ثانية" من الوباء، تقطع البلاد، اليوم، شوطاً كبيراً نحو استعادة وتيرة حياتها الطبيعية، في وقت يبدو فيه الوضع الصحيّ جيداً، بل أفضل من المتوقع، بحسب تعبير رئيس الوزراء الفرنسي، إدوار فيليب.

ويشهد اليوم إعادة فتح المدارس، والحدائق، والأماكن الطبيعية من شواطئ وبحيرات وغابات، والمقاهي والمطاعم، والمتاحف، والمسارح، وصالات العرض والرياضة، والمسابح في كل البلاد باستثناء إقليم إيل دو فرانس، الذي تقع فيه باريس، وإقليمي مايوت وغويانا، وهي مناطق تسجّل نشاطاً متوسطاً للفيروس، ومن المنتظر أن يعاد فتح المرافق المذكورة فيها بدءاً من 22 يونيو/حزيران الجاري.

كما تشمل المرحلة الثانية من الخروج من العزل السماح بالتنقل بحرية داخل البلاد. أما في ما يخص الحدود، فإن الحكومة الفرنسية "ترغب بإعادة فتح الحدود الأوروبية الداخلية، بدءاً من 15 يونيو/حزيران، إذا ما سمحت الظروف بذلك"، بحسب ما قال إدوار فيليب، الذي نوّه، في كلمة له الخميس، بأن بلاده ستتعامل بالمثل مع الدول التي تغلق حدودها أمام الفرنسيين أو تفرض حجراً صحياً لمدة 14 يوماً عليهم. ويلمّح فيليب، بوعيده هذا، إلى بريطانيا، التي تفرض تدبيراً كهذا على المسافرين القادمين إليها، ومن بينهم المسافرون الفرنسيون.


"ستوب كوفيد" لا يلقى إجماعاً

وبخلاف هذه التدابير التي كان ينتظرها الفرنسيون على اختلاف مشاربهم، يشهد اليوم بدء العمل بإجراء لا يحظى أبداً بإجماع الفرنسيين، وهو تطبيق "ستوب كوفيد" للهواتف المحمولة، الذي تستخدمه السلطات لمساعدتها في الكشف عن المصابين المحتملين بفيروس كورونا، بغية عزلهم لتجنب انتشار العدوى.

ورغم عمل الحكومة، منذ شهرين، على إقناع الرأي العام بأن التطبيق لا يمس بهوية المستخدم الشخصية وببياناته، وبأنه اختياري ولا يسجل المواقع الجغرافية لمستخدميه، إلا أن أكثر من نصف الفرنسيين يبدون حذراً تجاهه، في حين يشترك اليمين واليسار في رفضه، بوصفه يشكل خطراً على الحريات الفردية. بل إن معارضة تطبيق التتبع هذا امتدّت حتى الأغلبية الحاكمة نفسها، التي صوّت عدد من نوّابها في البرلمان ضد مشروع العمل به.

وعلى أيّ حال، فإن اختيار الحكومة تتبّع بعض المواطنين، وإن برغبتهم، قد ينضم إلى سلسلة الملفات التي يمكن أن تُساءل عنها في الفترة المقبلة، أمام لجنتي تحقيق خاصتين بالبرلمان وبمجلس الشيوخ، مهمتهما محاسبة المسؤولين السياسيين على إدارتهم البلاد خلال أزمة كورونا. 

ومن المنتظر أن تبدأ اللجنة البرلمانية عملها في الأيام القليلة المقبلة، في حين تنطلق لجنة مجلس الشيوخ نهاية الشهر الجاري.

ويبدو أن حزب "الجمهورية إلى الأمام" الحاكم استطاع التوصل إلى اتفاق مع "الجمهوريون" اليميني، وهو أكبر حزب معارض في البرلمان، حول تأجيل الاستماع لمسؤولين من الحزب الحاكم هم في الآن نفسه مرشحون في الانتخابات البلدية، التي من المنتظر عقد الجولة الثانية منها يوم 28 يونيو/حزيران المقبل. ويشمل هذا "الإعفاء" المؤقت رموزاً من الحكومة أبرزهم رئيس الوزراء إدوار فيليب.