فرط الاستيراد يحاصر قطاع النسيج في الجزائر

فرط الاستيراد يحاصر قطاع النسيج في الجزائر

29 أكتوبر 2016
سوق ملابس في الجزائر (فاروق باتيش/فرانس برس)
+ الخط -
"أرى حلمي يتبخر أمام عيني، كل ما بنيته طيلة 15 سنة انهار في ظرف سنتين"، بهذه العبارات لخصت جادي ذهبية صاحبة مصنع نسيج مختص في ألبسة الأطفال والنساء ما يعنيه مصنعها الذي يُشغل نحو 65 عاملا، بعد تراجع رقم معاملاته بسبب انهيار قطاع النسيج في الجزائر.
ما عاشه مصنع السيدة ذهبية، هو المصير الذي قابلته العشرات من مصانع وورشات النسيج وخياطة الملابس في الجزائر في السنوات الأخيرة، حيث اضطر الكثير منها إلى إطفاء ماكينات الإنتاج وغلق الأبواب بعد تسريح العمال، جراء تراجع الطلب على الصناعات النسيجية المحلية، ما أدخل الكثير من ملاك المصانع في دوامة الاقتراض المصرفي والتهرب الضريبي.
يقول سليم نيسيلي، وهو مالك مصنع نسيج في العاصمة الجزائرية، إنه قلص عدد عمال المصنع بنحو 50% خلال العامين الأخيرين، بعدما تراجعت الطلبات، خاصة القادمة من الشركات العمومية التي تشكل 75% من العملاء.
ويضيف نيسيلي لـ "العربي الجديد"، أن الظروف الاقتصادية التي تمر بها الجزائر عجلت ببلوغ أزمة قطاع النسيج في البلاد ذروتها، فهو لا يرى أي أمل في المستقبل القريب، خاصة أن الحكومة لا تضع هذا القطاع في قلب الأولويات، إذ لم تتحدث عنه كما الحال مع قطاعات أخرى كالزراعة أو الصناعة.
وإذا كان للأزمة المالية التي تمر بها الجزائر في السنتين الماضيتين يد في حالة الانكماش التي مست قطاع الصناعات النسيجية، مثلها مثل العديد من القطاعات الأخرى، بحكم أن الاقتصاد الجزائري كله مبني على عائدات النفط، إلا أن العارفين بقطاع النسيج يرون أسباب أخرى منها ما يرتبط بالخيارات الكبرى التي تبنتها الدولة منذ تسعينيات القرن الماضي، بعد خروج الجزائر من النظام الاشتراكي الذي وضع قطاع النسيج إلى جانب الزراعة كقاطرة تقود الاقتصاد المحلي.
وحسب الأمين العام للفيدرالية الوطنية لعمّال النّسيج والجلود، عمار تاقجوت، فإن قطاع النسيج في الجزائر ذهب ضحية أخطاء سياسية محضة.
وقال تاقجوت لـ "العربي الجديد": "اختيار الجزائر التوجه نحو اقتصاد السوق الذي قص شريط الموانئ الجزائرية أمام الحاويات القادمة من الخارج كان غير مدروس وجاء دون ضوابط تحمي الإنتاج الجزائري".
ولفت تاقجوت إلى أن قطاع النسيج أصبح يوظف 25 ألف عامل بعدما كان يوظف 235 ألف عامل بطريقة مباشرة قبل 15 سنة، معتبرا أن "الحكومة تتفرج على اندثار قطاع كان مفخرة الجزائر في وقت تستورد البلاد ما يعادل 6 مليارات دولار سنويا من الملابس".