فرضية ترشح بايدن تُربك حملة هيلاري

فرضية ترشح بايدن تُربك حملة هيلاري

17 اغسطس 2015
تحاول هيلاري تغيير الصورة النمطية عنها (وين ماكنامي/getty)
+ الخط -
من دون منافس جدي أو إجماع من الحزب "الديمقراطي" حولها، تتحدى المرشحة الرئاسية هيلاري كلينتون، منذ أشهر، الصورة النمطية عنها عند الأميركيين، وتواجه مسلسلاً من الفضائح التي لا تنتهي. قبل أن تأتي الأقاويل عن احتمال ترشح نائب الرئيس، جو بايدن، في السباق إلى البيت الأبيض، لتزيد من ارتباك حملتها.

غير أنّ ذلك قد يعزز من وتيرة الحماس الانتخابي عند الديمقراطيين، والذي كان حكراً، حتى الآن، على الحزب "الجمهوري" ونجمه المرشح دونالد ترامب.

اقرأ أيضاً: شعبية دونالد ترامب ترتفع... رغم "حربه على النساء"

وقبل أسبوعين، كشفت الكاتبة في صحيفة "نيويورك تايمز"، مورين داود، أن بايدن سمع كلاماً من ابنه بو قبل وفاته ترك أثراً بالغاً فيه، إذ كانت وصيته الملحة أن يخوض والده الانتخابات الرئاسية، ويقارع آل كلينتون ويمنع البلاد من العودة الى حكمهم. منذ ذلك المقال، لم يتوقف تكهن الإعلام الأميركي عن احتمال ترشح بايدن. وتابع المراسلون في البيت الأبيض عن كثب جدول أعمال نائب الرئيس علّهم يجدون أي مؤشر عن لقاءاته أو جولاته داخل الولايات المتحدة يدعم هذه الفرضية. غير أنّ المعلومات تشير الى أنه قد يحسم قراره في نهاية الصيف. وفي حال دخل على خط المواجهة، فإنّه من دون شك سيغيّر المعادلة عند الديمقراطيين.

من جهتها، تحاول هيلاري أن تحلّ المشكلة التي واجهت حملتها في انتخابات عام 2008، حين كانت الصورة النمطية عنها، أن لديها كثيراً من الأموال، وشخصيتها غير مقرّبة من الناس. لذلك حرصت منذ بداية حملتها الرئاسية عام 2015 على تغيير هذه الصورة، بحيث امتنعت عن طلب تبرعات مالية كبيرة لصالح اللجنة السياسية التي تؤيدها. وأعلنت عن سياسات اقتصادية تميل الى اليسار. كما نشرت إعلانات دعائية تصورها تتواصل مع الناس. غير أنّ مشكلتها عام 2015 أتت من مكان آخر، وهو مصداقيتها عند الأميركيين، لا سيما بعد استخدامها حساب بريد إلكتروني خاص مرتبط بخادم في منزلها في نيويورك أثناء توليها منصب وزيرة الخارجية.

 وجاء احتمال ترشح بايدن، ليزيد من قلق حملتها، لا سيما أن آخر استطلاعات الرأي لا تحمل أخباراً سارة إليها. على سبيل المثال، ذكر استطلاع شبكة "فوكس نيوز" أنه على الرغم من تصدرها بسهولة السباق عند الديمقراطيين على المستوى الوطني، فإن هناك 60 في المائة من الأميركيين "لا يثقون فيها". وفي استطلاع مشترك آخر بين جامعة "فرانكلين بيرس" وصحيفة "بوسطن هيرالد"، يتقدم المرشح اليساري، بيرني ساندرز، على هيلاري، 44 مقابل 37 في المائة في ولاية نيوهامبشير، وهي أولى الولايات التي تحدد مصير السباق الرئاسي.

رسالة قلق هيلاري من بايدن، أوصلها حاكم ولاية بنسلفانيا السابق، إيد رانديل، المقرب من بايدن، لكن في الوقت نفسه من أكثر الأوفياء لآل كلينتون. وقال رانديل عبر الإعلام، إنه من الأفضل أن يتذكر الأميركيون بايدن على أنه أفضل نائب رئيس في تاريخ الولايات المتحدة، بدلاً من أن يتذكروه مرشحاً خاض الانتخابات الرئاسية أكثر من مرة وفشل.

وفي حال قرر الترشح، سيدخل بايدن السباق متأخراً من حيث التبرعات المالية والتنظيم اللوجستي. وفي هذه النقطة، سبقته هيلاري بأشواط ولديها جهاز عمل متكامل مستوحى من فريق زوجها الرئيس الأسبق بيل كلينتون.

اقرأ أيضاً: بيل كلينتون يتقاضى 547 ألف دولار مقابل محاضرة في السويد

وبدأ بايدن عملياً جس النبض ليعرف مدى تفاعل القاعدة "الديمقراطية" مع احتمال خوضه السباق الرئاسي. وخلال عطلته الصيفية مع عائلته في ولاية كارولينا الجنوبية، منذ أيام، اتصل بأحد أبرز مناصريه في هذه الولاية، ريتشارد هاربوتليان.

كما أعطى بايدن الموافقة لفريق عمله، لا سيما أبرز مستشاريه، مايك دونيلون، لبدء مشاورات مع المناصرين في الولايات التمهيدية الأولى (أيوا ونيوهامشير) لرؤية حماستهم وتحديد مدى السرعة التي يمكنهم فيها تنظيم الحملة على الأرض. لكن تركيز فريق نائب الرئيس ينصب على كارولينا الجنوبية، ما يعني أن المعركة قد تكون طويلة عند الديمقراطيين ولن تحسمها الولايات التمهيدية.

ويبدو أن بايدن، والذي تردد كثيراً على منزله في ولاية ديلاور منذ وفاة ابنه، قد بدأ في استغلال خصوصية هذه الزيارات لعقد لقاءات مع فريق عمله لدراسة قرار الترشح.

وبحسب استطلاع شبكة "سي أن أن"، فإن 12 في المائة من الناخبين المحتملين في الحزب "الديمقراطي" سيقترعون لنائب الرئيس الحالي، وهو لم يعلن ترشيحه بعد. كما أشار استطلاع "غالوب" الى أن 45 في المائة من الأميركيين يريدون أن يترشح بايدن للرئاسة، فيما لا يفضل 47 في المائة هذا الأمر.

وتكمن مشكلة بايدن في شخصيته المعروفة بعفويتها وشفافيتها، فهو يرتجل المواقف ويقول الأمور كما هي، ما سبب له بعض المتاعب السياسية خلال عقود. أما قوته فهي في سجله في مساعدة المحاربين القدامى في الجيش الأميركي وعلاقاته القوية في الكونغرس، وطبعاً في خبرة البيت الأبيض على مدى ست سنوات، أشرف فيها على ملفات بارزة في السياسة الخارجية من العراق الى أوكرانيا. ما يعني أن بايدن يتحدث في المناظرات الرئاسية من موقع صانع القرار في لهجة بسيطة تتفاعل معها الطبقة المتوسطة.

وتبقى القطبة المخفية الأبرز في ساكن البيت الأبيض؛ ففي حال حسم بايدن قراره بالترشح من عدمه، فإن الرئيس باراك أوباما سيكون أول العالمين، لما لهذا الأمر من انعكاس على جدول أعمال بايدن في مساعدته الرئيس. وسيضع هذا القرار أوباما في موقف حرج: من جهة وعد هيلاري بالوقوف الى جانبها، ومن جهة ثانية لديه صداقة قوية مع بايدن، ويدين له بالوفاء لما قام به، خصوصاً خلال المعارك مع الكونغرس. وإذا أعلن بايدن قرار ترشحه، قد لا تتمكن كلينتون من القول بعدها، إنها تمثل استمراراً لأوباما أكثر من بايدن، وبالتالي قد يكون عليها تغيير استراتيجيتها الانتخابية.

ويرى بعضهم، أن الأمر يتعلق بهيلاري وليس بايدن؛ فالحزب "الديمقراطي" يبحث عن شخصية تتحدى وزيرة الخارجية السابقة لاختبار قدراتها الدفاعية قبل الانتخابات العامة، لأن ليس هناك حماس كبير لها لدى القاعدة الليبرالية. وفيما يبحث الجمهوريون عن بديل من حاكم فلوريدا السابق، جيب بوش، يحاول "الديمقراطيون" البحث عن بديل من هيلاري أو لاعب احتياط في حال تعثرت حملتها، فهل يكون بايدن الحل؟