فرضيات مستقبل "أوبك"

فرضيات مستقبل "أوبك"

13 سبتمبر 2015
استمرارية أوبك على المحك(Getty)
+ الخط -
يبدو أن منظمة "الأوبك" التي ستبلغ عامها الستين بعد خمس سنوات، تواجه تحديات كبيرة في مقدمتها ضغط السوق العالمية وانخفاض أسعار النفط وحاجة الدول الريعية المؤسسة لها إلى الأموال والأسواق لزيادة قدراتها الاقتصادية.


الصراع في "أوبك"
يدور صراع فكري منذ مطلع السبعينيات من القرن الماضي حول آليات استمرارها، فتارة نجد أصواتاً من داخل أوبك تنادي بضرورة استمرارها نتيجة حيوية أعضائها والطلب العالمي المستمر على الوقود الأحفوري (النفط)، وهنا نرى دعاة هذه النظرية ما زالوا يتأملون استمرارها إلى ما بعد عام 2030، مستندين في ذلك إلى تقارير "أوبك" السنوية والتصريحات الدورية، وبالتالي فإن أوبك تواجه تحديات من الوكالة الدولية للطاقة على مدى هذه الفترة. فيما يرى آخرون أن دور أوبك ولى، فمنذ ثورة النفط الصخري والدول خارج أوبك تدعي أن عصر أوبك قد انتهى في إدارة السوق العالمية والتأثير بها، وهنا يبرز العديد من الحجج الداعمة لهذه الآراء وفي مقدمتها التصريحات المستمرة للشركات النفطية الكبرى.
في المقابل، نجد أن صعود روسيا في ساحة السوق النفطية الدولية خلال السنوات العشر المقبلة يجعل معادلة السوق النفطية العالمية تتأرجح، خصوصاً بعد وصولها إلى إنتاج أكثر من 10 ملايين برميل. وهذا ما جعل العديد من الخبراء ومدراء الشركات النفطية الروسية مثل "إيغور سيتشين" ورئيس شركة الطاقة الروسية يقدر حجم إنتاج الخام في روسيا بـ 700 مليون طن في المستقبل القريب، مقابل مستوى 526.7 مليون طن في العام الماضي.
ويبقى نصيب أوروبا في حجم صادرات روسيا من النفط هو الأكبر، إذ إن أوروبا لا تزال المستهلك الرئيسي للنفط الروسي، وكذا فإن سوق آسيا والمحيط الهادئ تعتبر واعدة لروسيا بالرغم من أن صادرات روسيا النفطية لهذه السوق في الوقت الحالي لا تتجاوز 15% من إجمالي حجم صادرات الخام.
كما أن مسألة عضوية روسيا في منظمة "أوبك" تلعب دوراً في توقعات مستقبل المنظمة. فروسيا تشارك كعضو مراقب في أوبك، بالرغم من أن الأخيرة وجهت دعوة لروسيا للانضمام إليها، ولكن روسيا ما زالت تفضل البقاء كعضو مراقب، ويشير" إيغور سيتشين" إلى أن المحادثات التي تُجرى بين "أوبك" وروسيا إيجابية وتؤدي إلى تبادل وجهات النظر.
ولذلك نجد أن تصريح رئيس شركة الطاقة الروسية يذهب في هذا الاتجاه، إذ يرى أن الحقبة الذهبية لمنظمة "أوبك" الذي تحافظ فيه على توازن أسعار النفط قد انتهى عندما قررت المنظمة عدم خفض إنتاج الخام، ولو أنه جرى الالتزام بحصص الإنتاج لكانت أسواق النفط العالمية قد استعادت توازنها الآن.

اقرأ أيضاً:تنبؤات حول أسعار النفط

لعبة الأسعار
من جهة أخرى، نجد إصرار السعودية ودول خليجية أخرى وراء التحول في استراتيجية منظمة الدول المصدرة للنفط في الأوبك خلال العام الماضي، عندما قررت المنظمة خلال اجتماعها الإبقاء على سقف إنتاجها النفطي من دون أي تغيير يذكر عند مستوى 30 مليون برميل يومياً. وذلك بهدف الدفاع عن حصتها السوقية بدلاً من دعم الأسعار عبر خفض إنتاج الخام، ولذلك نلاحظ أن الأسواق العالمية تعاني من زيادة في المعروض وتراجع الطلب على النفط. وهذا الواقع أدى بطبيعة الحال إلى هبوط سعر برميل النفط إلى أكثر من النصف، منذ منتصف عام 2014.
من جهة أخرى، يتبين أن الشركات العالمية بدأت تخشى من انخفاض الأسعار نتيجة عدم مراعاة الاتجاه الجديد لمبدأ الربحية، وتسعى هذه الشركات للإنفاق على رؤية مفادها أن أسواق النفط العالمية تحتاج إلى متوسط سعر يبلغ 70 دولاراً للبرميل كي تستعيد توازنها.
إن استشراف مستقبل الأوبك خيار صعب ولا يزال يخضع حتى اليوم إلى الفرضيات، ولكن يبدو أن الاجتماع المقبل سيحل طلاسم اللغز الكبير، وإلى ذلك الحين سنحكم على الأوبك على أنها ضمن خيارين: فهي لم تنجح بصورة كبيرة في السيطرة على الأسواق، أما الخيار الثاني فهو خفض الإنتاج، وحتى ذلك الوقت تبقى الأقاويل والأساطير الفكرية مستمرة بالذهاب إلى فرضيات قد تحدث أو لا تحدث.
إن أوبك اليوم في موقف لا تحسد عليه على الرغم من التحدي الكبير الذي مرت به خلال الفترة الماضية. الأكيد اليوم أن على هذه المنظمة الخروج من الاختبارات الموضوعة أمامها بنجاح للحفاظ على مكانتها في السوق العالمية، وعلى ديمومتها واستمرارية تأثيرها في الساحة النفطية العالمية.
(خبير اقتصادي عراقي)

اقرأ أيضاً:سياسة العمل في "أوبك"

المساهمون