فرص الوساطة الألمانية بحلّ الأزمة الليبية خلال مؤتمر برلين

فرص نجاح الوساطة الألمانية في حلّ الأزمة الليبية خلال مؤتمر برلين

17 يناير 2020
لدى ألمانيا سمعة طيبة بمسرح السياسة العالمية(جون ماكدوغال/فرانس برس)
+ الخط -
يبدو أن قبول طرفَي الصراع في الأزمة الليبية، رئيس حكومة "الوفاق" فايز السراج، واللواء المتقاعد خليفة حفتر، حضور مؤتمر برلين، عزّز من منسوب التفاؤل لإنجاح المؤتمر المقرّر انعقاده في برلين بعد غد الأحد، والذي عملت ألمانيا عليه برعاية الأمم المتحدة، وبمفاوضات مع أكثر من عشر دول معنية ولها مصالح في الدولة الأفريقية. وبات على قاطرة الاتحاد الأوروبي أن تمارس مهارتها الدبلوماسية والسياسية كوسيط نزيه، بعدما فشلت روسيا في إقناع حفتر بالتوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار وتعليق الهجوم على العاصمة الليبية.
الأبرز كان ما حصل أمس، الخميس، بعدما استطاع وزير الخارجية الألماني هايكو ماس انتزاع موافقة مبدئية من حفتر لحضور المؤتمر، وذلك بعد الزيارة الخاطفة التي قام بها رئيس الدبلوماسية الألمانية إلى بنغازي، ليكتب الوزير بعدها تغريدة على "تويتر" أفاد فيها بأن حفتر قال خلال اللقاء إنه يريد المساهمة في إنجاح مؤتمر ليبيا في برلين، كما وموافقته على الالتزام بالهدنة، الأمر الذي أثنت عليه المستشارة أنجيلا ميركل، لتصف استعداد حفتر لوقف إطلاق النار بـ"الرسالة الطيبة".



ومن العوامل التي قد تساعد برلين على تحقيق نتائج يعوَّل عليها مستقبلاً، أن لدى ألمانيا سمعة طيبة بمسرح السياسة العالمية، ولدى المستشارة ميركل علاقات طيبة وخطوط اتصال أساسية مع الزعماء المشاركين والمؤثرين في مسار العملية السياسية في ليبيا، بينهم زعماء دول، مثل روسيا، والصين، وفرنسا، وإيطاليا، والولايات المتحدة، ومصر، والجزائر، وغيرهم.
وفي هذا الإطار، قال وزير الخارجية السابق زيغمار غابريال، في حديث مع برنامج "مورغن ماغازين" صباح اليوم الجمعة، إن لبلاده مزايا قد تكون لها قيمة مضافة لإنجاح مؤتمر برلين حول ليبيا، وهي أنه ليس لألمانيا أي مصالح سياسية، ولا مطامع اقتصادية ولا استثمارية هناك، كما أنها لم تكن دولة مستعمرة، ولها قدرة على إتمام مفاوضات عادلة بين الأطراف المتنازعة.
وفي مقابلة نشرت اليوم، الجمعة، مع "بيساور نويه بريسه"، قال ماس إن الهدنة مهمة جداً، وذلك لمواصلة جهود الأمم المتحدة للتعامل مع العملية الليبية الداخلية. وفي ردّ على سؤال، اعتبر أنه يمكن إيجاد حلول، مبرزاً أنه تم الاتفاق على العديد من النقاط المهمة للعملية السياسية المستقبلية في ليبيا مع دول تؤثر على الحرب الأهلية الليبية، وعلى الرغم من ذلك، فإنّ الوضع الحالي الصعب يجعلنا متفائلين بحذر.
ورأى أنه يتعين على الدول المشاركة أن تثبت لنفسها مدى جدية دعمها لعملية برلين، لافتاً إلى أنّ لديه انطباعاً بأن روسيا أدركت الحاجة إلى التقدم والاتفاق الدولي بشأن الصراع في ليبيا، وهي شاركت أيضاً في العملية والاجتماعات التحضيرية منذ البداية، مؤكداً أنّ الهدف من المؤتمر تمهيد الطريق لمفاوضات سلام حقيقية، وأن يُترجم التقدم الذي نأمل أن يحرزه المؤتمر، بدعم تنفيذ نتائجه التي ستساهم في دعم العملية السياسية الداخلية في ليبيا.

من جهة ثانية، أبرزت تقارير صحافية بينها لـ"تاغس شبيغل"، أن جميع الدول المؤثرة همها الأساسي أن تصرف نفوذها في ليبيا نظراً للأهمية الاستراتيجية لهذا البلد، وليس فقط على قطاع النفط والغاز، لأن من يسيطر على ليبيا يسيطر على ما هو أهم، وهو طريق الهجرة إلى أوروبا، وبالتالي يصبح شريكاً لا غنى عنه للاتحاد الأوروبي، لافتة إلى أن هناك مثالاً حياً، وهو كيف تتحكم تركيا، بحكم موقعها الجغرافي، بالضغط على الأوروبيين، وتلقيها المليارات من اليوروهات للحدّ من تدفق اللاجئين، وهذا نموذج جذاب لزعيم مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
أما صحيفة "دي تسايت"، فذكرت من جهتها أن أردوغان يسعى لأن يكون شريكاً استراتيجياً في ما يتعلق بالغاز في منطقة البحر الأبيض المتوسط، ومن خلال دعمه للسراج، يخطط لإحباط توجهات إسرائيل واليونان وقبرص لإنتاج الغاز الطبيعي، إذ اتفقت الدول الثلاث على بناء خط أنابيب من احتياطات إسرائيل من الغاز إلى اليونان، وهو ما استدعى طرح تساؤلات في ألمانيا عما إذا كان أردوغان مارس ضغوطاً على برلين لرفض طلب اليونان حضور المؤتمر.
أما سفير تونس لدى ألمانيا، فقال في حديث مع "دويتشه فيله" إن بلاده تلقت باستغراب كبير عدم دعوتها إلى المؤتمر، واصفاً الأمر بأنه إقصاء لتونس.