فدوى طوقان.. رسائلها إلى سامي حدّاد

فدوى طوقان.. رسائلها إلى سامي حدّاد

02 فبراير 2020
(فدوى طوقان)
+ الخط -

بدأت قصة هذا الحُبّ فـي العام 1975؛ بعد أن زارت فدوى طوقان إنكلترا والتقت بالإعلامي الأردني الفلسطيني سامي حدّاد، وسعدت بالتعرُّف عليه كما تذكر هي نفسها فـي رسالتها الأولى. ثم توطّدت العلاقة بينهما أكثر، عندما بادرت إلى مساعدة سامي أثناء إعداده رسالة جامعية عن شاعر العامّية الأردني نمر العدوان، إذ توسّطت له عند عائلة الشاعر من أجل جمع قصائده المُدوّنة فـي بعض الدفاتر الموزعة هنا وهناك والاطّلاع عليها.

بهذه العبارات، يكتب الشاعر والناقد المغربي عبداللطيف الوراري في تقديمه لكتاب "رسائل حُبّ إلى سامي حدّاد" الذي صدر حديثاً عن "دار أزمنة" في عمّان، ويضمّ رسائل بعثتها الشاعرة الفلسطينية (1917 – 2003) في أواسط السبعينيات؛ أعوام 75 و76 و77.

الرسائل تضمّنت "جوانب مهمّة من سيرة حياتها وشعرها ومواقفها من الأشياء والوجود، وهذا مبرّرٌ آخر يُضاف إلى قيمة هذه الرسائل"، بحسب التقديم الذي يشير أيضاً كيف "تحوّلتْ قصة الحُبّ الحالمة فـي لحظة إلى هزليّة مضحكة، ثُمّ إلى مأساة حكمت على كل شيء بالانتهاء.. إِلّا الذكريات الملوّنة: "كان مبعث حزني الصورة الكئيبة التي انتهت إليها صداقتنا الجميلة دون مُبرّر أو سبب. فقد كان كلُّ شيء على أكمل وجه من الوئام والتفاهم المتبادل. ثم، وبدون مقدّمات، توقّفتْ حركة الحياة بيننا"، كما تكتب فدوى في أطول رسائلها.

في رسالتها "أتراني هززتُ بقصيدتي النخلة؟" المؤرّخة في الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر 1975، تدوّن الشاعرة: "السؤال الملحّ والمحيّر هو: هل تقدر إسرائيل أن توقع بنا أذىً أكبر من هذا الذي نوقعه نحن بأنفسنا؟ مشدوهة أنا بما يجري، أبحث عن معناه فأعيا وأتعب عبثًا. المتآمرون علينا في الظلام ينزلون بنا إلى تحت ليقطعوا علينا طريقنا التصاعدي الذي بدأناه بعد أكتوبر 1973".

وتتحدث في رسالة "عزاء الينبوع" عن شعرها، حيث تسجّل "أجريْتُ بعض التغيير في القصيدة الأخيرة عن أريحا. من عادتي أن أترك القصيدة بعد كتابتها ثُمّ أعود إليها حيث تكون قد اكتسبت منظورًا زمنيًّا فأُبدّل وأُغيّر هنا وهناك. وها هي القصيدة بعد تنقيحها مع قصيدة ثانية كتبتُها بعد إرسال الأولى مباشرة".

تتنوّع المواضيع التي تتناولها فدوى سواء تلك التي تضمّن فيها آراءها حول أحوال العرب في زمن الهزائم، أو وصفها للحياة تحت الاحتلال أو تقييمها للأحداث السياسية هنا وهناك، أو تأملها في عصرها المصطخب بالأحداث والأكاذيب والخسارات الجماعية، لكن هذه المراسلات تظلّ ناقصة ما دامت ردود سامي حدّاد عليها لم تُنشر بعد، للوقوف على طرفيْ العلاقة وتفاصيلها وطبيعة تطوّرها وصولاً إلى نهايتها.

في رسالتها الأخيرة "سلامٌ من نسيم التيمز" التي تحمل الرقم 24، والمرسلة في صيف عام 1980، تدوّن فدوى: "ثلاث سنين من صمتٍ وغُرْبَهْ/ فمـا أحلـى مصالحـة الأحبَّـهْ/ غفرنـا للزّمـانٍ الصعبِ ذَنْبَـهْ/ وكم جارَ الزّمانُ وكم تعـدّى/ ثريا يا أُخيَّةُ، يـا حبيبــه/ لِأَهْـل العشـق أطْـوارٌ غريبـهْ/ طبائعهم مركّبــــــةٌ عجيبــه/ بها عُنْفُ الصراعِ كَـمِ اسْتبـدَّا/ هُمُـو حينًــا عـلى قلــقٍ مُحيـَّـرْ/ وحينًــا في انتشــاءٍ لا يُفسَّــرْ/ تنـاقُضُ حالهِــمْ أمـرٌ مُقــدَّرْ/ يدورُ عليهمو نحسًـا وسعـدَا/ وعالمهـم يظــلُّ رؤىً ووَهْمـا/ وقد تمسـي الحقيقـةُ فيه حُلْـما/ عـلى أنّـا نحـبُّ الحـبَّ مهمـا/ /تقلَّـــــــبَ بحرُهُ جَزْرًا ومدَّا".

وتختم بقولها "نسيمُ السلْطِ في "جوبيـلي" بليلُ/ وشمسُ "شكيم" ليس لها أُفولُ/ وبستـان الرضـى حـانٍ ظليـلُ/ نزهِّـر فيه دحنونًـا ووردَا/ فـلا قــرَّتْ عيـونُ الشامتينـا/ ولا هنئـتْ نفـوسُ العاذلينــا/ سنبقى رغـم كيـد الحـاقدينــا/ نفيــضُ محبّــةً ونفيــضُ ودّا/ سلامٌ من نسيـم التيمز أَنْـدى/ وشـوْقٌ يـا ثريـا ليـس يَهْــدا/ هنا فـدوى، هنا سامـي المفدَّى/ صفـا لهما اللقاءُ وطـاب وِرْدَا".

المساهمون