غولدمان ساكس يخرج منتصراً من معركة قضائية مع ليبيا

غولدمان ساكس يخرج منتصراً من معركة قضائية مع ليبيا

17 أكتوبر 2016
جانب من مبنى غولدمان ساكس في نيويورك الأميركية(رامين تاليه/Getty)
+ الخط -
تمخضت معركة قانونية استمرت على مدى عامين ونصف العام بين مصرف غولدمان ساكس وصندوق الثروة السيادية الليبي، البالغ حجمه 67 مليار دولار، عن انتصار عملاق وول ستريت، الذي حصل على البراءة رغم كشف مخجل عن كيفية قيام بعض مصرفييه بأداء أعمالهم.

وأصدرت المحكمة العليا في لندن حكما لصالح غولدمان ساكس، الجمعة، مع رفض القاضية فيفيان روز الحجج التي قدمها الصندوق على مدى محاكمة مؤلمة استمرت سبعة أسابيع.

وفي حين يرجح أن تقدم المؤسسة الليبية للاستثمار طعنا على الحكم وفقا لمصدر مطلع، تشد التفاصيل الصادمة، التي تتوالى عن القضية، انتباه المراقبين بشدة نظراً لطبيعة الأطراف المعنية واللمحة التي عرضوها عن العالم السري لاستثمارات الصندوق السيادي التي تبلغ مليارات الدولارات.

وتركز النزاع على 1.2 مليار دولار دفعتها المؤسسة الليبية للاستثمار لغولدمان ساكس للاستثمار في تسع معاملات في مشتقات الأسهم تبين لاحقا أنها عديمة القيمة.

وخلال المحاكمة، انشغل المراقبون بقصص عن كرم الضيافة، بما في ذلك مباريات لكرة القدم والملاهي الليلية والمسرحيات الموسيقية في لندن ويست إند، وفي حالة واحدة استقدام عاهرات.

على المحك، كانت هناك إمكانية الوصول لنحو 35 مليار دولار متاحة للمؤسسة الليبية للاستثمار بعد خروج ليبيا من عزلتها الدولية. ولم يكن مفاجئا أن تتحول ليبيا سريعا إلى نقطة جذب للبنوك الأجنبية ومديري الصناديق.

وعقد علي الباروني، وهو شاهد لمصلحة الصندوق عمل مستشاراً للمؤسسة الليبية للاستثمار في ذلك الوقت، اجتماعاً في يوليو/تموز 2007 مع غولدمان ساكس، إذ "انهالت" عليه فرص الاستثمار المحتملة.

لكن غولدمان ساكس لم يكن وحيداً في السعي إلى نيل اهتمام الصندوق. ففي أول عامين من تدشينه، استثمرت المؤسسة الليبية للاستثمار بكثافة في بدائل مثل صناديق الاستثمار المباشر وصناديق التحوط والديون متوسطة المخاطر، بما في ذلك المشتقات المهيكلة، وفقا لتقرير أعده خبير لدى المؤسسة الليبية للاستثمار كان شاهداً على قدرة الاستثمارات على الاستمرارية.

وأشارت القاضية روز في حكمها إلى ذلك، قائلة إنه رغم أن المعاملات التسع المتنازع عليها جرى اعتبارها غير ملائمة لصندوق ثروة سيادي، فإنها لا تختلف، في هذا الصدد، عن العديد من الاستثمارات التي قامت بها المؤسسة الليبية للاستثمار في تلك الفترة.

وقالت روز إن مديري المؤسسة الليبية للاستثمار كلفوا بتحقيق عوائد مرتفعة عن تلك التي كانوا يأملون في تحقيقها عبر معاملات اعتيادية، مما يقدم تفسيرا محتملا لاختيارهم استثمارات ذات طبيعة مضاربة.


وكان غولدمان ساكس قد أكد في وثائقه المقدمة للمحكمة أن المؤسسة الليبية للاستثمار كانت واقعة تحت ضغوط سياسية وداخلية للدخول في استثمارات كبيرة من أجل تحقيق عوائد سريعة. وقال البنك إن "كسادا ماليا غير متوقع" تسبب في الخسائر، وليس أي مخالفات من جانب البنك، وأن القضية ببساطة كانت عبارة عن "ندم المشتري" على ما قام به من معاملات.

أساس الخلاف

وكانت حلقة الخلاف الرئيسية في المحاكمة هي ما إذا كان موظفو الصندوق استوعبوا، بالفعل، ما يقومون بالاستثمار فيه. ورغم أن محامي المؤسسة الليبية للاستثمار قالوا إن غولدمان ساكس استغل نقص الخبرة لدى الصندوق، إلا أن القاضية روز قالت إن المؤسسة الليبية للاستثمار بالغت كثيرا في تصوير مدى سذاجة موظفيها.

واعترفت المؤسسة الليبية للاستثمار بأن غولدمان ساكس دعا موظفيها إلى الشراب والطعام، وقدم لهم هدايا مثل أجهزة مشغلات الموسيقى (آيبود)، وكذلك عرض تدريبا مرموقا على هيثم زرتي، الشقيق الأصغر لمصطفى زرتي، أحد صناع القرار الرئيسيين بالصندوق.

لكن القاضية روز قالت إنها لا تعتقد أن التدريب كان له تأثير جوهري على قرار مصطفى زرتي بالدخول في معاملات مع غولدمان ساكس. وقررت أيضا أن الدافع الرئيسي وراء هذا العرض كان اعتقاد البنك بأن هيثم ربما يجري اختياره لقيادة مكتب المؤسسة الليبية للاستثمار في لندن.

وحتى التفاصيل الفاضحة المتعلقة بكيفية قيام يوسف كباج، الذي عمل مسؤولا تنفيذيا للمبيعات لدى غولدمان ساكس، ببناء علاقة وثيقة مع المؤسسة الليبية للاستثمار لم تنل سوى اهتماما عابرا من قبل القاضية.

وادعت المؤسسة الليبية للاستثمار أن كباج دفع نفقات سفر هيثم زرتي من المغرب إلى دبي على نفقة غولدمان ساكس، كما تكفل بنفقات إقامته في فندق من فئة خمس نجوم، ورتب قيام عاهرتين بقضاء الليل بصحبته بتكلفة بلغت 600 دولار.

ونفى كباج، الذي لم يظهر كشاهد، ويبقى ملزما باتفاق صارم للسرية مع غولدمان ساكس، دفع أموال مقابل "ترفيه غير لائق".

وقالت القاضية روز إن مدى الترفيه، الذي عرضه كباج على هيثم، كان "غير لائق وخرقا صارخا لسياسة غولدمان ساكس في ترفيه عملائه".

وقال محامو المؤسسة إن غولدمان ساكس أساء استغلال مركزه مستشاراً موثوقاً به.

ويدعي غولدمان ساكس أنه كان واضحا دائما، مؤكدا أن المصرف والمؤسسة الليبية للاستثمار كانا يتعاملان مع بعضهما بعضاً كأطراف تجارية، وأنه حافظ مع عميله على علاقة بين طرفين مستقلين يقفان على قدم المساواة.

ومرة أخرى، وجدت القاضية روز أن ذلك يصب في صالح غولدمان ساكس قائلة: "حقيقة أن غولدمان ساكس كان مستعدا لبذل جهد إضافي عند التنافس على هذا العمل من خلال إبقاء السيد كباج في طرابلس لمساعدة المؤسسة الليبية للاستثمار، لا يعني أنهم كانوا في علاقة مختلفة عن العلاقة التي كانت قائمة بين المؤسسة الليبية للاستثمار وغيرها من الأطراف المتعاملة معها".

وتصدرت هذه العلاقة اجتماعا عاصفا في مكاتب المؤسسة الليبية للاستثمار في 23 يوليو/تموز 2008، حيث توعد مصطفى زرتي، نائب رئيس الصندوق حينئذ، ممثل غولدمان ساكس، وهدده بالسعي خلف عائلته، وفق ما قالته كاثرين مكدوغال، وهي أحد الشهود للمحكمة.

ووصف غولدمان ساكس الحكم بأنه "حكم شامل لمصلحتنا"، في حين أعربت المؤسسة الليبية للاستثمار عن خيبة أملها، وقالت إن جميع الخيارات تجرى دراستها في الوقت الحالي.

والصندوق مصدر مهم محتمل لتمويل إعادة بناء ليبيا بعد سنوات من الحرب والفوضى، لكن بعض أصوله كانت تخضع لعقوبات الأمم المتحدة منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في 2011. وما زال هناك صراع سلطة محتدم على الصندوق.

وتطالب المؤسسة الليبية للاستثمار أيضا بنك الاستثمار الفرنسي سوسيتيه جنرال بنحو 2.1 مليار دولار تتعلق بمجموعة من المعاملات التي تمت في الفترة بين 2007 و2009. ويطعن سوسيتيه جنرال في الدعوى المتوقع أن تنظر فيها المحكمة في إبريل/نيسان 2017.

(رويترز)

المساهمون