غسّان كنفاني.. شهيد فلسطين

غسّان كنفاني.. شهيد فلسطين

21 يوليو 2017
+ الخط -
ليس قتيلًا غسّان، بل هو شهيد فلسطين.
في المقال الذي طالعنا به الكاتب نصري حجاج (غسان كنفاني قتيل السياسة) في "العربي الجديد" (14/7/2017)، ينفي فيه كاتبه صفة الشهادة عن الأديب المناضل الفدائي غسّان كنفاني. ويرتبط إنكار صفة الشهادة عنه، بشكل كبير ومباشر، بالكلام الذي قاله الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، للرئيس محمود عباس، إبان المؤتمر الصحافي الذي جمعهما في بيت لحم عن تمويل الإرهاب، والمقصود هنا الرواتب الشهرية التي تدفعها السلطة الوطنية الفلسطينية للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وكذلك لعائلات الشهداء.
يشكل هذا الكلام انعطافة خطيرة في مصير القضية الفلسطينية، وحجب الشهادة عن ثوريين فدائيين، دافعوا عن أرضهم واتهامهم بالإرهابيين، ما يدحض فكرة أن يكون للفلسطينيين أرض هجّروا منها. ويعزّز هذا الكلام، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، اتجاهًا ثقافيًّا جديدًا مرتبطًا بالتطبيع.
الشهيد غسان كنفاني قتلته إسرائيل، لأنه كان مثقّفًا ثوريًّا فدائيًّا، حارب إسرائيل من خلال الكتابة، الأدب المقاوم تحديدًا.
لم يكن ناجي العلي منتميًا لأي فصيل فلسطيني. وعلى الرغم من ذلك، قتلته إسرائيل، لأنه كان يدافع عن القضية الفلسطينية من خلال فنه.
كان كلّ الثّوريين يتوقون للحياة، يحبونها، ليس لأنهم منغمسون بترفها، بل ليكون لهم متسع لمحاربة العدو. ومع ذلك، كان غسان كنفاني مدركًا أنه سيُستشهد في أي وقت، ليس لكونه الناطق الرسمي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، لكن لكونه المثقف الأديب الفنان الثوري الفدائي.
بعد الإعلان عن عملية اللد التي نفذها ثلاثة شبان يابانيين، والتي قُتل بنتيجتها 26 صهيونيًّا كانوا على متن طائرة فرنسية، تنبّه القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وديع حداد، بأن شيئًا ما قد يحدث لغسّان، فطلب منه تغيير مزله، لكن غسّان لم يكترث للأمر، ولم يعره أيّ أهمية، إلى أن قتله الصهاينة مع ابنة أخته.
كان يجب أن يكون مقام غسان كنفاني في الأطر التنظيمية، وفي فصيل كفصيل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الفصيل الثاني في منظمة التحرير الفلسطينية، لأن هذا الفصيل ما زال يرفض اتفاقية أوسلو، ويحارب التطبيع مع إسرائيل. الجبهة التي أسسها جورج حبش ووديع حداد وأبوماهر اليماني، كان لا بد أن ينخرط غسان كنفاني في صفوفها.
شعار الجبهة محاربة العدو في كل مكان، كانت له إمكاناته، وما زالت الجبهة تحاربه بالوسائل التي تراها، علمًا أنّ الثورة الفلسطينية، بفصائلها وأحزابها كافة، منيت بهزائم وانتكاسات، جرّاء استقواء الصهاينة بالسلطات المتنفذة في بعض الدول العربية التي ما زالت الداعم الأول للإسرائيليين على حساب الشعب الفلسطيني وقضيته.
نصري حجاج: أرى أنّ بين كلامك "أسمح لنفسي.... الإبداعية قد اكتملت" وبين ما صرّح به رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، خلال احتفالاتهم بالذكرى الخمسين للاحتلال الثاني لفلسطين، حين قال:"قبل خمسين عامًا، نحن حرّرنا يهودا والسامرة ( الضفة) ولم نحتلها"، رابط كبير.
ما زالت العناصر المكوّنة في تجربة غسان تلقى اكتراثًا كبيرًا، لكونه كان منتميًا للجبهة الشعبية.
ها قد تجرّأت اليوم على صفة الشهداء العليين، فهل تتجرأ غدًا على نبل "التّحرير"، بمثل هذا الإيعاز المشبوه؟
E95C6D42-60CA-4809-B32E-32E729AFA830
E95C6D42-60CA-4809-B32E-32E729AFA830
انتصار الدنان
انتصار الدنان