غزة.. مقاومة الاحتلال والنسيان

غزة.. مقاومة الاحتلال والنسيان

06 اغسطس 2016
غزة، 2 آب/ أغسطس 2016، تصوير: محمد عابد
+ الخط -
لم تنقطع مقاومة الفلسطينيين في قطاع غزة للاحتلال الإسرائيلي يوماً ما، ولم تنجح كل وسائل اجتزائها من فضائها الفلسطيني الطبيعي، منذ تلقيها نتائج نكبة حرب فلسطين في عام 1948، إذ احتضن حينها القطاع عشرات آلاف اللاجئين الفلسطينيين ممن اقتلعوا من مدنهم القريبة والبعيدة، ووجدوا أنفسهم يشكلون أضعاف سكانها المقيمين.

باحتضانها هذه الجموع من المقتلعين بين ظهرانيها ثبتّت غزة بقاء الفلسطينيين على أرض فلسطين التاريخية عطّل مشاريع الاحتلال الصهيوني الذي لم يكن يقصد أن يبقى فيها حتى لو كان لاجئاً في جزء آخر من وطنه. كان المقصود أن تفرغ فلسطين، ما أمكن، من سكانها ليحل محلهم شتات يجري تجميعه على أساس أسطورة دينية لا أساس لها في التاريخ.

لكن ليس هذا دور غزة فقط. ففيها تكوّنت أكثر من نواة نضالية فلسطينية منها حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) التي ينتمي قادة الحركة الأوائل إلى لاجئيها. وفيها عرفت حركة القوميين العرب مداً كبيراً منذ الخمسينيات وما تلاها، كما كان لقوى اليسار الفلسطيني حضور كبير هناك.

وغزة هي، كذلك، التي كان "يحكمها" جيفارا غزة (الشهيد محمد محمود الأسود) عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، في الليل، فيما يحكمها الاحتلال الإسرائيلي في النهار، بحسب ما كانت تقوله مصادر الأخيرة الإعلامية. وفيها تشكَّلت حركتا "حماس" و"الجهاد" اللتين مثَّلتا طوراً جديدا من أطوار النضال الوطني الفلسطيني، أقضَّ، ولا يزال، مضجع الاحتلال. وربما لهذه الأسباب عوقبت غزة بالحصار والإهمال والنسيان، حتى من بعض الأشقاء وليس الأعداء فقط. لا مدينة، في العالم، عوقبت كما تعاقب غزة وقطاعها. الحصار الإسرائيلي العربي محكم حولها. وهي لا تزال تقاوم ولن تستسلم.

ورغم سنوات الحصار التي امتدت الآن إلى نحو عشرة أعوام، لا يزال قطاع غزة يقاوم الاحتلال الإسرائيلي الذي خرج شكلياً منها في أواخر عام 2005، بل خاضت غزة وأهلها ثلاث حروب شرسة مع جيش الاحتلال الإسرائيلي في أعوام 2008- 2009 وفي عام 2012 و2014، ويحسب أن المقاومة في غزة غيرت كثيراً من معادلة الردع مع المحتل الصهيوني الذي تعوّد ممارسة الجرائم في فلسطين دون عقاب أو محاسبة.

تظل غزة الخاصرة التي تقض مضجع الكيان الصهيوني، والذي لم يجد من وسيلة إجرامية إلا وارتكبها بحق أهلها، من حصار وصل حد تجويع الأطفال ومنع علاج المرضى ومنع دفن الموتى، حصار بات يرتكب بمعاونة من بعض الأشقاء العرب، طاول تقريباً كل أسباب عيش الغزيين.

ولكن ورغم ذلك وكل هذه التضحيات والمعاناة لا تزال غزة صامدة في وجه "إسرائيل" لتكون منارة لكثير من الشباب العربي الذي يتطلع إليها بوصفها نموذجاً فلسطينياً لمقاومة الظلم والاحتلال.