غزة: مصانع الكيماويات مهدّدة بالتوقف

غزة: مصانع الكيماويات مهدّدة بالتوقف

30 يوليو 2020
مصنع في غزة (عبد الحكيم أبو رياش/العربي الجديد)
+ الخط -

 

تواجه مصانع الكيماويات في قطاع غزة شبح التوقف الكامل، نتيجة لمنع الاحتلال الإسرائيلي إدخال عشرات المواد الخام المستخدمة في هذه الصناعات بذريعة الاستخدام المزدوج لها، أو المماطلة في إدخال أصناف أخرى وبكميات شحيحة.
وإلى جانب تحكم الاحتلال في إدخال المواد، ينتظر أصحاب الكثير من هذه المنشآت التي دمرت في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة تعويضهم مالياً بعد أن دمرت مصانعهم ومعاملهم بشكلٍ كامل وتوقفوا عن العمل كما السابق. ومنذ اندلاع انتفاضة الأقصى في سبتمبر/ أيلول 2000 بدأت صناعة الكيماويات في القطاع تواجه إشكاليات متدحرجة، إلى أن أتى الحصار الإسرائيلي الذي فرض عام 2006 والحروب التي شنت على ما تبقى من هذه الصناعة. وبلغ عدد العاملين في قطاع صناعة الكيماويات سابقاً نحو 4 آلاف شخص، غير أن هذه الأعداد تقلصت نتيجة توقف الكثير من هذه المنشآت عن العمل بفعل التدمير الإسرائيلي لها أو عدم توفر مواد خام إلى جانب تراجع الطاقة الإنتاجية.
ويقول صاحب أحد المصانع المدمرة إسرائيلياً عام 2014، حامد حبوش، إن الخسائر التي تكبّدها بفعل دمار مصنعه تتجاوز مبلغ 2.5 مليون دولار وجرى اعتمادها كخسائر لتعويضه إلا أنه لم يتلقّ شيئاً. ويضيف حبوش لـ"العربي الجديد" أن تدمير المصنع وعدم تعويضه حتى اللحظة دفعه إلى الاتجاه للعمل في تعبئة مواد التنظيف الجاهزة بسبب خسارته لكامل المعدات وعدم المقدرة على توفير معدات وآلات جديدة لاستئناف الصناعة في هذا المجال.
ويقدر عدد العمال قبل تدمير مصنع حبوش بـ22 شخصاً، عدا عن المندوبين والمسوقين لمنتجات المصنع، غير أن تدميره أدى إلى تسريح غالبية العاملين باستثناء بعض الأشخاص الذين يعملون في مجال التعبئة اليدوية.
ومن الإشكاليات التي تواجه الصناعات الكيماوية هي منع إسرائيل المتكرر إدخال المواد الأولية، وحال السماح بدخولها عبر كرم أبو سالم المنفذ التجاري الرئيسي لسكان غزة فإن حجم الرقابة المفروضة عليها أعلى من باقي المواد والسلع بحجة أنها قد تستخدم في تصنيع متفجرات.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

أما مالك أحد مصانع الدهانات أيمن حلس، فتختلف تفاصيل حكايته عن سابقه، إذ نجح في إعادة بناء مصنعه الذي كان في المناطق الشرقية لمدينة غزة قرب الشريط الحدودي حيث دمره الاحتلال في العدوان عام 2014 بشكلٍ كامل. ولم يشفع اتجاه حلس لتدشين مصنعه داخل مركز المدينة في تحسين واقع الصناعة لديه نتيجة القيود الإسرائيلية المفروضة بفعل الحصار، وعدم السماح بإدخال الكثير من المواد الخام المستخدمة في إنتاج الدهانات.
وأسهمت هذه القيود في خسارة صاحب هذه المنشأة العديد من المناقصات التي كان يتحصل عليها للكثير من المؤسسات العامة والخاصة، ما دفعه باتجاه خفض طاقته الإنتاجية بما يتناسب مع المواد الأولية التي يسمح الاحتلال بإدخالها. ويقول حلس لـ"العربي الجديد" إنه يعمل حالياً بجزء بسيط من الطاقة الإنتاجية نظراً لمنع الاحتلال 90% من المواد الخام التي تدخل في الصناعات الكيمائية بدون أسباب مقنعة، حيث أن هناك الكثير من هذه المواد غير مزدوجة الاستخدام. ويضيف أن مالكي مصانع الكيماويات في القطاع يقومون بتقديم طلبات للاحتلال الإسرائيلي للسماح بإدخال مواد خام لإنجاز ما لديهم من طلبات، فيماطل في الرد لمدة لا تقل عن ستة أشهر ويسمح بإدخال جزء بسيط من المواد المطلوبة. ويشتكي حلس من وجود الكثير من المشاريع والطلبات للحصول على منتجات من مصنعه، غير أن نقص المواد الخام يجعله غير قادر على إنجازها، إلى جانب عدم الحصول على قيمة الأضرار للمصنع السابق الذي دمره الاحتلال والتي تجاوزت مبلغ 1.8 مليون دولار.
وإلى جانب التحكم في إدخال المواد وفرض القيود عليها، يمنع الاحتلال تصدير أي من منتجات المصانع العاملة في مجال الكيماويات إلى الخارج بالرغم من أن بعض الشركات تلقت طلبات للتصدير إلى خارج غزة.
في موازاة ذلك، يؤكد رئيس اتحاد الصناعات الكيماوية في غزة، منذر الزهارنة، أن الطاقة الإنتاجية التي يعمل بها هذا القطاع لا تتجاوز 20%، فيما شهد القطاع خلال عام إغلاق 40 مصنعاً بشكلٍ كامل نتيجة الأزمات. ويقول الزهارنة لـ"العربي الجديد" إن قطاع الصناعات الكيماوية كان قبل عام 2000 يشغل 4 آلاف شخص، فيما تراجعت هذه الأعداد تدريجياً حتى أصبحت حالياً لا تتجاوز 800 شخص فقط في مختلف المصانع والشركات. ويشدد على أن التحكم الإسرائيلي في إدخال المواد الخام اللازمة للمصانع يكبدها الخسائر بفعل عدم قدرتها على الإنتاج ويساهم في أن تغلق المزيد من المنشآت أبوابها بشكلٍ تدريجي.

المساهمون