عودة متدرجة للحلم التركي

عودة متدرجة للحلم التركي

01 مايو 2020
فتح تدريجي للاقتصاد اعتباراً من الإثنين المقبل (فرانس برس)
+ الخط -
تجاوزت تركيا عمق الأزمة الاقتصادية المتأتية عن شلل فيروس كورونا رغم الآثار الهائلة على ثنائية القوة، السياحة والصادرات، فخرجت، أو هي في طريقها، من الانكماش المحدود والإغلاق الجزئي الذي حمى البلاد من صدمة العرض الذي وقعت فيه اقتصادات كبرى، وأوروبية على وجه التحديد.

ربما لتنوع الاقتصاد الإنتاجي التركي، والزراعي في مقدمته، دور مهم في عدم تكشّف "عورة" تركيا، إذ لا يمكن التغني بالإجراءات الاحترازية التي جاءت متشابهة بمعظم دول العالم، عدا استثناءات اعتمدت منذ البداية المواجهة بما يسمى مناعة القطيع، والتي قد تأخذ بها جميع الدول وإن متأخرة، خشية الانهيارات، بواقع تضارب الأنباء حول تصنيع لقاح للفيروس، أو تأخر الأمل للعام المقبل.

بيد أن ثمة إجراءات اتخذتها تركيا، ربما تحسب لها كدولة، على عكس "أنظمة المزارع" في المنطقة التي ضاعفت من معاناة شعوبها، سواء عبر التخلي عن دعمهم المباشر أو من خلال تركهم بمواجهة جشع التجار وذريعة العرض والطلب.

فمما لعبته تركيا، معطية الأولوية للمواطن وليس للاقتصاد والخزينة أو حتى لسعر صرف العملة، أنها وفي أوج تفشي الفيروس، خفضت سعر الفائدة 200 نقطة أساس، ليتراجع سعر صرف العملة إلى نحو 7 ليرات للدولار الواحد، بل ورمت في السوق 200 مليار ليرة، القيمة الإجمالية للخطوات الحكومية بمواجهة الفيروس، سواء عبر دعم مالي لنحو 4.4 ملايين أسرة، أو دعم مباشر والتجار وتمويلات لنحو 120 ألف شركة، جلها من الصغيرة والمتوسطة.

فضمنت، ولو بالحد الأدنى، استمرار عجلة الإنتاج وإبقاء القدرة الشرائية للأتراك، بما يؤمن تحريك الأسواق خلال فترة الصعود لذروة الإصابات، لتبدأ الآن بعد تسطيح منحنى الفيروس وتراجع عدد الإصابات والموتى، وربما ملامح قرار المواجهة بالتدرج، بمتابعة الخطة، واضعة الاقتصاد مقابل سلامة الأتراك في كفتي ميزان المرحلة المقبلة، مع رجحان لكفة الإنسان عبر شروط وتحذيرات لئلا يعاود منحنى الفيروس الصعود.

فوجدنا اليوم، وقبل الرابع من مايو/ أيار المقبل، موعد الخطة التركية، عودة التركيز على دعم 40 ألف شركة صغيرة عبر إطلاق حملة قروض جديدة بنحو 6 مليارات ليرة بسعر فائدة منخفض، 7.5%، ومن دون مدفوعات أصل أو فائدة خلال هذا العام، لتضاف الحملة الجديدة إلى ما قدمته المصارف التركية من حزم قروض وخيارات دفع مرنة وإعادة هيكلة لديون الشركات، والتي تضررت بشدة، إن بقطاع السياحة أو النقل.

إذاً، يبدو أن تركيا حسمت أمرها وفق ما قيل عن الخطة التي ستبدأ من المرحلة صفر في الرابع من أيار/ مايو حتى السادس والعشرين منه، عبر اختبارات فتح المتاجر والإقلاع بالإنتاج لبعض الشركات، وتستمر - الخطة - التي تبدأ في يناير/ كانون الثاني 2021 إلى حين اكتشاف اللقاح وتوزيعه.

نهاية القول: على الأرجح، ستعرج تركيا جراء خسائر الإغلاقات وشلل السياحة وإرجاء تنفيذ عديد من مشروعات حلم مئوية تأسيس الجمهورية، لكن التوقعات، الدولية خاصة، تدلل على استحالة الشلل وسرعة التعويض خلال النصف الثاني من العام الجاري، بعد زيادة الصادرات والاستفادة من رخص النفط وتراجع سعر العملة، لتكون تركيا ربما، بعد الثقة بإنتاجها إثر المساعدات التي طاولت أكثر من 60 دولة خلال الوباء وما يقال عن عودة العلاقات الطيبة مع واشنطن، من أكثر الدول استفادة بمرحلة ما بعد كورونا وتدخل نادي العشرة الكبار قبل عام 2023.

المساهمون