عودة عازف الكلارينيت إلى بابا عمرو...!

عودة عازف الكلارينيت إلى بابا عمرو...!

27 يوليو 2014
Getty
+ الخط -

لم يبلغ الثلاثين من عمره بعد، هو واحد من ضمن مئات الآلاف من شبّان سورية. كان يمكن أن يجلس قرب والديه اليوم عشية العيد، لكنه ترك منزله في الحيّ الحمصيّ (بابا عمرو) الذي تحول إلى ركام. بدأت علاقته مع الموسيقى مصادفة، حين تعرّف على عازف كلارينيت تركي اسمه "حسنو"، بعدما أهداه شقيقه نسخة من معزوفاته، وسرعان ما وجد الدموع على خدّيه بسبب شدة تأثره.  اقترض مبلغاً من أحد أصدقائه، واشترى الكلارينيت. عانى كثيراً حتى تعلم العزف عليها، ثم بدأ يقرأ السلم الموسيقي لوحده.

تغيرت حياته من طالب في كلية الحقوق بحلب إلى لاجئ "غير شرعي" في لبنان. فقد كان عازف الكلارينيت الشاب مجنداً في جيش النظام السوري عندما بدأت الثورة ربيع 2011، انشق عن النظام، جرّاء ما رأى من دماء ومن الجرائم، واعتقل في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2012، وبقي في المعتقل ثمانية أشهر. حصل على إجازة لمدة 48 ساعة فقط، قضى منها 24 ساعة مع أهله، ثم التحق بالجيش الحرّ في غوطة دمشق.

صوت الرصاص حلَّ محل أنغام الكلارينيت التي كان يعشقها، وظنّ أن الجَمال الوحيد المتاح له هو التفكير في أزيز الرصاص ودويّ القصف كنوع من الموسيقى! الصوت بالنسبة له، كموسيقي حالم وطَموح، هو العالم الوحيد الذي يستطيع من خلاله التفاعل والتعبير عن نفسه. أثناء حصار يبرود الأخير، اضطر مع مجموعة من أصدقائه إلى الفرار إلى لبنان. لقد ترك الكلارينيت في حمص وكان ذلك أصعب شيء بالنسبة له. وعندما عاد أهله إلى بيتهم المدمّر أخيراً وجدوا الكلارينيت مرميّاً تحت الأنقاض. لم تمت الموسيقى بعد، لكن صاحبها غدا وحيداً من دونها؟

الآن، عشية عيد الفطر، يحلم ابنُ بابا عمرو بتأسيس فرقة موسيقية، لديه ألحان كثيرة وضعها بنفسه، يؤلّف ثم يخبّئ موسيقاه، كما اختبأت الكلارينيت في بيته الذي خلا من ساكنيه.

ما زال لديه ما يودّ إسماعَهُ إلى العالم، لكن ليس الآن. غداً، ربّما، عندما تعود وتنهض الكلارينيت من تحت ركام بابا عمرو مع صاحبها عاشق الموسيقى.

المساهمون