عودة الهيكل العظمي لرجل نابولي إلى الضوء

عودة الهيكل العظمي لرجل نابولي إلى الضوء

07 يوليو 2018
الهيكل العظمي لحظة اكتشافه (Getty)
+ الخط -
في 30 مايو/ أيار الماضي، هزّت العالم صورة مأساويّة، إذْ اكتشفَ عُلماء الآثار الإيطاليون، بالقرب من مدينة نابلوني، بين الأنقاض، هيكلاً عظمياً لرجل، على الأرجح كان هاربًا من الانفجار البركاني الكبير الذي اندلع في عام 79. ووفقاً لوزارة التراث والسياحة الإيطاليَّة، والرواية الرسمية آنذاك، فإنَّ الرجل ضُرِب بكتلة حجرٍ كبيرة أثناء محاولته الهروب، وقد سحق صدرهُ بشكلٍ كامل نتيجة الارتطام، وقد نشرنا في "العربي الجديد" حول هذا الاكتشاف.
لكن، تبيّن الآن أنّ الباحثين كانوا مخطئين، وأنّ الرواية الرسميّة ليست صحيحة. إذ تم اكتشاف جمجمة الرجل، وهي ليست محطّمة وسليمة بشكل كامل تقريبًا. أيّ أن فرضية سقوط صخرة عليه ليست صحيحة. وقد اكتشف العلماء الجمجمة السليمة والهيكل العظمي الذي لم يتحطّم، بالقرب من مكان استلقاء الجزء المحطّم من الهيكل العظمي، ولكن في طبقةٍ أعمق في التربة. ويشير العلماء، إلى أنّ العظام هذه ربّما تكون قد انزلقت إلى طبقةٍ أعمق في التربة، بسبب حفر نفق تحت موقع الاكتشاف في القرن الثامن عشر.
إذاً، لم يمت الرجل بصخرةٍ سقطت على رأسه أثناء الانفجار البركاني، كما أشارت الرواية الأوليّة، فلم مات إذاً؟ يُرجِّح العلماء أنّ الرجل قد اختنق بالفعل، وهذا كان أحد الأسباب الرئيسية لوفاة الكثير من السكان في مدينة نابولي في ذلك الوقت. إذْ بسبب الثوران البركاني وتدفّقات الحمم الساخنة، تتوهّج هذه الغازات الساخنة جدًا والصخور المنصهرة، وتطلق حرارة مذوّبة (قد تبلغ 800 درجة مئويّة) وغازات خانقة، تقضي على كلّ حياة في مسارها.
ويريد العلماء الآن إجراء العديد من الفحوصات والأبحاث على عظام الرجل، من أجل معرفة المزيد حول مصيره. ما هو أكيدٌ حتّى الآن، هو أنّ الرجل كان يبلغ من العمر 30 عاماً، وقد كان يعاني من عدوى عظميّة كما يشير شكل الساقين، وبالتالي لم يستطع المشي واللوذ بالفرار. ولكن، الغريب في الموضوع، هو أنَّ علوم الآثار من الممكن أن يتم تجييرها لصالح معنى معيّن، أو توجّه سياسي معين. وذلك، لأنه لا شيء أكيد، ولا أحد يعرف فعلاً ما حصل، وبالتالي تخضع إلى درجة عالية من الأدلجة، كما قال الباحث الألماني، شتيفان فينكل، في صحيفة "تاتز"، في إشارته المقارنة الحاذقة إلى الحفريات التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في القدس، بحثًا عن مكتشفات أثريّة مزعومة لنقض الحق الفلسطيني. واتّخذ الباحث من مثال الهيكل العظمي في نابولي مثالاً لعدم اليقين العلمي في مسألة هيكل الرجل، وبالتالي من المجحف تحويل عدم اليقين العلمي إلى يقين سياسي.
ويجذب موقع الاكتشاف سنوياً ملايين السياح كل عام، وقد سجل في مواقع اليونسكو للتراث العالمي، وقد انتقد تعامل السلطات الإيطالية مع هذه الكنوز الأثرية مرارًا وتكرارًا. وجدير بالذكر، أنّ الحفريات بدأت في هذا المكان منذ القرن الثامن عشر، ولكن دومًا، ثمةّ أمور تكتشف لأول مرة. في أوائل شهر مايو/ أيار الماضي، اكتشفت بقايا حصان بالقرب من المدينة، وخمّن العلماء أنه يعود إلى شخص غني بسبب سرجه المطرز.


دلالات

المساهمون