عودة الاحتجاجات إلى تايلاند: ضغط لكسر مفاعيل انقلاب 2014

عودة الاحتجاجات إلى تايلاند: ضغط لكسر مفاعيل انقلاب 2014

17 اغسطس 2020
استوحى متظاهرو تايلاند تحرّكهم من احتجاجات هونغ كونغ (Getty)
+ الخط -

رفع الطلاب، العصب الأساسي لتظاهرات تايلاند، العديد من الشعارات الديمقراطية في احتجاجاتهم الأخيرة، تتمحور جميعها حول إسقاط مفاعيل انقلاب 2014، وقائده، رئيس الوزراء برايوت تشان أوتشا.

تشهد تايلاند مساراً تصاعدياً في الاحتجاجات المناوئة للحكومة، وصل إلى حدّ انتقاد الملكية، وهو أمر نادر تاريخياً.

وما يعزّز التوترات الأخيرة هو تعثر "بطل" انقلاب 2014، قائد الجيش السابق، رئيس الوزراء الحالي، برايوت تشان أوتشا، في التحكم بالسلطة في بانكوك، على الرغم من إقرار دستور يلبيّ تطلعاته.

كما أن أزمة كورونا وانكماش الاقتصاد التايلاندي، ثاني أكبر اقتصادات دول جنوبي شرق آسيا (آسيان)، ساهما في ضعف السلطات.

شارك أكثر من عشرة آلاف شخص، على الأقل، في تحرك احتجاجي ضد الحكومة

 في السياق، شارك أكثر من عشرة آلاف شخص على الأقل في تحرك احتجاجي ضد الحكومة في تايلاند، أمس الأحد، وفق ما أعلنته الشرطة، في أكبر تظاهرة سياسية تشهدها المملكة منذ سنوات، بعد شهر من الاحتجاجات التي يقودها طلاب تنديداً برئيس الوزراء برايوت تشان أوتشا.

واحتل المتظاهرون المطالبون بإصلاحات ديمقراطية كبرى، تقاطعاً رئيسياً قرب نصب الديمقراطية في بانكوك الذي شيّد تخليداً لثورة عام 1932 التي أطاحت الملكية المطلقة.

وقطعت الشرطة الطرق الرئيسية المحيطة لمنع حركة السير، وصرّح مسؤول في شرطة بانكوك لوكالة "فرانس برس" بأن عدد المشاركين في التحرّك بلغ عشرة آلاف شخص.

وهتف الطلاب "تسقط الديكتاتورية"، ورفع كثر لافتات مناهضة للحكومة، فيما رفع آخرون مجسمات لطيور حمام تجسد السلام.

وفي ختام مسيرة الأحد، أوضح المشاركون ثلاث نقاط أخرى تلخص مطالبهم، وكُتبت على لافتات رفعت خلفهم: "لا انقلاب"، و"لا حكومة وحدة وطنية"، ودعم تايلاند كدولة ديمقراطية مع وجود الملك كرأس للدولة بموجب الدستور.

ويبدو أن الإشارة إلى حكومة الوحدة الوطنية كانت بمثابة تحذير لجميع الأحزاب السياسية من عقد صفقة سرية بدلاً من إجراء انتخابات، وبدا أن الإشارة إلى الملك كانت بمثابة تطمينات بأنهم لا يريدون إلغاء الملكية.

ويقول المتظاهرون، والذين استوحوا بعض أوجه تحرّكهم من احتجاجات هونغ كونغ، إن لا قياديين لتحرّكهم، وهم يعتمدون بشكل أساسي على حملات تعبئة تنظّم على شبكات التواصل الاجتماعي.

كما تصدّر وسما "ضع موعداً للانتهاء من الديكتاتورية" و"لنجعلها تنتهي في هذا الجيل" قائمة الأوسمة الأكثر رواجاً على "تويتر" في تايلاند.

ويطالب المحتجون بإصلاح شامل للإدارة وتغيير الدستور الذي وضعته القيادة العسكرية في عام 2017، معتبرين أنه مهّد لفوز حزب برايوت المتحالف مع الجيش في انتخابات العام الماضي.

يتعين على الحكومة "الكفّ عن تهديد الناس
 

وكرر تاتيب روانغبرابايكيتسيري، أحد منظّمي التحرّك، هذه المطالب، مضيفاً أنه يتعين على الحكومة "الكفّ عن تهديد الناس".

وفي الأسبوعين الأخيرين، تصاعدت التوترات في البلاد، بعد توقيف السلطات ثلاثة نشطاء أطلق سراحهم لاحقاً بعدما وجّهت إليهم اتهامات بالتحريض على الفتنة وخرق قواعد احتواء فيروس كورونا.

وطلب من النشطاء الثلاثة عدم تكرار مخالفاتهم، إلا أن أحدهم وهو القيادي الطالبي البارز باريت تشيواراك شارك الأحد في التحرّك الاحتجاجي.

والأسبوع الماضي، تظاهر نحو أربعة آلاف شخص للمطالبة بإلغاء قانون يحظر التعرّض للملكية في تايلاند، وبحوار صريح حول دورها. ويقود الملك ماها فاجيرالونغكورن البلاد وتعاونه القيادة العسكرية وكبار رجال الأعمال.

وينص القانون على معاقبة المخالفين بالسجن مدةً تصل إلى 15 عاماً. وخلال تظاهرة الأحد، أكد كثر تأييدهم لمطالب الطلاب. وقالت متظاهرة تبلغ 68 عاماً رفضت كشف هويتها: "لا يمكننا أن نترك الطلاب وحدهم في هذا المسار الصعب".

لكن للحركة المطالبة بتعزيز الديمقراطية معارضين أيضاً. وعلى مقربة من النصب وقف عشرات من المحتجين المؤيدين للملكية رافعين صور الملك والملكة. وهتفوا "عاش الملك"، وقد ارتدوا قمصاناً صفراء، لون الملكية في البلاد.

والأسبوع الماضي، وصف رئيس الوزراء مطالب المحتجين بأنها "غير مقبولة" بالنسبة للغالبية في تايلاند، كما وصف الاحتجاجات بأنها "محفوفة بالمخاطر"، وذلك عشية توقيف باريت.

وقال المحلل السياسي تيتيبول باكديوانيتش من جامعة أوبون راتشاتاني، إن المشاركة الحاشدة في تحرّك الأحد هدفها توجيه رسالة إلى الحكومة مفادها بأنه "لا يمكنها استخدام الآليات القانونية ضد الناس إلى ما لا نهاية".

وتابع أن "القانون وسيلة غير فاعلة لأنهم يستطيعون أن يروا أنه لا يستخدم إلا لخدمة مصالح الجيش والمنظومة القائمة". ومنذ عام 1932 شهدت تايلاند تحركات احتجاجية تخللتها أعمال عنف، وأكثر من 12 انقلاباً قادها الجيش المتحالف مع الملكية.

ويأتي تزايد الاستياء في وقت تسجّل تايلاند أداءً اقتصادياً يعد من الأسوأ منذ عام 1997 جراء كورونا. وأصبح ملايين الأشخاص من دون عمل.

وشهد اقتصاد البلاد أكبر انكماش سنوي له في 22 عاماً وهبوطاً فصلياً قياسياً بالفترة من إبريل/نيسان إلى يونيو/حزيران الماضيين، مع تضرر السياحة والصادرات والمشاريع المحلية من كورونا وإجراءات مكافحته، مما قاد إلى خفض النظرة المستقبلية.


(أسوشييتد برس، فرانس برس، رويترز)