عن نفق القصر الرئاسي

حفْر نفق بطول تسعين متراً تحت الأرض، بهدف الوصول، من نقطةٍ إلى نقطة، محددة بالضبط، ليس أمراً سهلاً، ويحتاج مهندسين يشرفون باستمرار على دقة اتجاه الحفر، ويحتاج علامات وتنسيقاً بين من يحفر في الأسفل ومن يؤكد صحة اتجاه الحفر في الأعلى، لضمان عدم حدوث أي انحرافٍ في اتجاه الحفر نحو النقطة المحددة المطلوب الوصول إلى تحتها بالضبط، من دون زيادة أو نقصان. فمن الصعب أن تحفر نفقاً تحت الأرض بذلك الطول الكبير، للوصول إلى نقطة، أو غرفةٍ محددة وهدف معين، في داخل قصر مترامي الأطراف، وأنت تقوم بعملية حفر سري.
طبعاً حفر مثل ذلك النفق بطول تسعين متراً أمر يحتاج إمكانات هائلة، قد تصل إلى عشرات ملايين الريالات، ناهيك عن أجور العاملين اليومية في حفر مثل ذلك النفق، والتي سوف تكون كبيرة وباهظة جداً، وخصوصاً أن من يحفر يعرف أنه يحفر باتجاه منزل الرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح، فمن يقوى على تحمل كل تلك النفقات؟
الاحتمال الأول أن ذلك النفق تم حفرة بترتيبٍ مسبق من صالح، كما هو متبع ومتعارف عليه عند القيادات العربية منذ قديم الزمان، ليكون مخرجاً للهروب لهُ، في حال احتاج إلى ذلك في أي يوم، وإنهُ هو من كان يمول مشروع الحفر، ومن كشف ذلك النفق أخيراً، لأسباب سياسية، في مسرحية تم ترتيبها مسبقاً، بعد أن لاح نجم التصالح والاتفاق بين جميع القوى السياسية السابقة واللاحقة، المتهمة بالفساد في اليمن.
وأما الاحتمال الثاني، وهو الأرجح، أن من حفروا النفق كان لديهم هدف ثمين جداً، وهو الذي جعلهم يخططون لحفر ذلك النفق تحت الأرض، للوصول إلى هدفهم، وهو بكل تأكيد مكان سري في المنزل، يعرف جيداً من قاموا بالحفر أن فيه أموالاً طائلة وكنوزاً مخبأة، يكتنزها الرئيس السابق، ويبدو أن لديهم، أيضاً، خريطة منزله الهندسية، التي تجعلهم يعرفون جيداً أين هي الغرفة السرية المستهدفة، للوصول إلى تحتها بالضبط، بحفر ذلك النفق.
في كل الحالات، مؤكد أن من قام بعملية حفر ذلك الخندق ومولها، هو بكل تأكيد أحد المقربين من علي عبدالله صالح، ويعرف المنزل من الداخل جيداً، ولا أعتقد أنهُ من بعد حادثة جامع النهدين التي تعرض فيها صالح لمحاولة اغتيال، بقي في حراسته الشخصية أي ضابط أو جندي قد يشك فيه، ولو مقدار مثقال ذرة من شك أنه قد يكون له علاقة بخصوم الرئيس السابق، فلقد تم غربلة طاقم الحراسة الخاصة به، بعد تلك الحادثة، واختيارهم بشكل دقيق جداً.
وبالتالي، فاحتمال أن حفر النفق كان بهدف الاغتيال أمر مستبعد جداً، والاحتمال الأرجح هو أن هناك أموالاً وكنوزاً زاغت لدى رؤيتها عقول مقربين من علي عبدالله صالح، فخططوا لسرقتها والاستيلاء عليها.