عن زيارة ترامب التاريخية

عن زيارة ترامب التاريخية

08 مايو 2017
يثبّت ترامب أركان تحالف واشنطن ضد طهران (Getty)
+ الخط -

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أن أولى زياراته الخارجية ستكون "تاريخية" بزيارة المملكة العربية السعودية، للاجتماع مع قادتها، وقادة العالم الإسلامي. وهي تاريخية بالفعل. واعتاد رؤساء أميركا في أولى زيارتهم الخارجية أن يقصدوا حلفاءهم الأقرب. سنجد كندا من أكثر الدول التي افتتح بها رؤساء الولايات المتحدة جولاتهم السياسية. تأتي في القائمة دول أخرى بتكرار أقل، مثل المكسيك، المملكة المتحدة، واليابان. لذا فإن إعلان زيارة السعودية، وإسرائيل، والفاتيكان، لافتاً، خصوصاً أن ترامب أعطى زيارته طابعاً دينياً، بذكر رعاية السعودية البقاع المقدسة الإسلامية ضمن أسباب خطوته التاريخية.
يريد ترامب أن يعيد الاعتبار إلى الدين، من خلال اختيار السعودية باعتبارها أهم بلد إسلامي، وإسرائيل باعتبارها دولة يهودية كما تظهر الزيارة، والفاتيكان باعتبارها الممثل للمسيحيين الكاثوليك. وهذا هدف مهم لشخص جذب بخطابه المتطرف الكثير من المتدينين الأميركيين. واستخدم الأميركيون خطاباً مشابهاً في مواجهة المد الشيوعي بعد الحرب العالمية الثانية.
هناك مبررات كثيرة لأهمية الزيارة، فقد ذكرت وكالة "رويترز"، أن الرياض تنوي عقد صفقات تسلّح بمليارات الدولارات مع واشنطن، وهذا مؤشر مهم، لكنه غير كافٍ. فالسعودية تنفق الكثير على التسلح بأي حال، والاقتصاد مهم لترامب، لكن الزيارة تحمل أبعاداً تتجاوز القضايا الاقتصادية.
الرئيس الأميركي يعادي إيران، لذا ستكون زيارة أعدائها في المنطقة، السعودية وإسرائيل، رسالة لتثبيت أركان تحالف واشنطن ضد طهران. يريد ترامب أيضاً محاربة ما يسميه "الإرهاب الإسلامي" لذا فهو بحاجة إلى تعاون المسلمين معه، لا استعدائهم، وهذا ما فهمه ترامب أخيراً.
خطاب ترامب الانتخابي لُوث بمعاداة الإسلام، بتأثير من مستشاريه المتطرفين، ستيف بانون ومايكل فلين. التوجّه الذي على الأرجح لا يتواءم مع الالتزام بخطاب سياسي رصين، يتبنّاه اليوم مستشار الأمن القومي إتش أر ماكماستر، وآخرون، من ضمنهم وزير الأمن الداخلي، جون كيلي، ووزير الدفاع جيمس ماتيس، والذي يتمتع بعلاقات أكثر من ممتازة مع السعودية.
زيارة ترامب للسعودية، باعتبارها أهم دولة إسلامية، يكسر خطابه الحاد عن الإسلام، ويعزز الشراكة الاقتصادية بين البلدين، ويحسم عودة واشنطن لحلفائها المناهضين لطهران في المنطقة، علاوة على تسريعه وتيرة التعاون الأميركي-السعودي، الإسلامي، لمحاربة الإرهاب.