عن العانس والأرملة والمطلقة

عن العانس والأرملة والمطلقة

22 يوليو 2019
+ الخط -


الكتابة عن الأنثى في عالمنا العربي، كالسير على حبل مشدود من دون سقوط، لتفادي ثقافات وعادات موروثة أصبحت كالنصوص الدينية غير قابلة للنقاش، وللأسف من الرجال والنساء على حد سواء.

لا أدري كيف ظهرت كلمة "عانس" وكيف انتشرت وتم تداولها، ولا كيف جرى تحديد العمر المناسب لإطلاقها على الفتاة التي لم تتزوج، شخصياً لا أجد حرجاً من الكلمة، فهي برأيي مجرد "وصف حال"، لكنها أخذت سمعتها السيئة بسبب الطريقة التي تلفظ بها.

لكني أجد الأقسى من الكلمة ذاتها، هو كونها الأكثر تداولاً واستعمالاً من بنات الجنس نفسه. من النساء اللاتي تزوجن أو الفتيات المخطوبات.

ربما أجد بعض العذر للرجال، فمجتمعنا يتعامل مع الرجل بمنطق "ما يعيبوش إلا جيبه"، إضافة إلى أن أغلب الأسر تربي أبناءها على أن الشقيقة هي المسؤولة عن خدمة أخيها، بداية من غسل الملابس وكيها أو تحضير الطعام. حتى وإن كانت هذه مهمة المرأة الأساسية لكنها أصبحت حقاً مكتسباً غير مرغوب في التخلي عنه. فنادرا ما نجد رجلاً يقوم بتلك المهام لنفسه أو بمساعدة زوجته فيها.

لماذا تلك المقدمة؟ الإجابة ببساطة هي محاولة لإيجاد تفسير لماذا هذا المجتمع بكل تلك القسوة والنظرة الدونية للعانس والأرملة والمطلقة؟

مررت بتجارب ومواقف سيئة جداً، ولولا أني واجهت المجتمع بكوني لست عاراً يخجل منه بسبب عنوستي لمتُّ كمداً، وهنا بعضها:

بعد بلوغ عامي الثاني والثلاثين رُفضت من إحداهن لأني أكبر من أخيها بعام واحد وعليه فلست مناسبة.

سيدة أخرى عرضت علي الزواج من ابنها طمعاً في راتبي، لأنه لا يستقر في عمل، ودائم التذمر والشكوى، وتقديم استقالته والمكوث في البيت لشهور طوال. وكان السبب الوحيد لإقناعي من قبلها "هاتقعدي كده لغاية إمتى؟".

إحداهن لم تجد سبباً لإقناعي بقبول عريس غير مناسب، سوى الإنجاب وتربية الأبناء وانتظار رد الجميل لي من قبلهم مستقبلاً!!

كلما تقدم بي العمر كلما أتوا لي بغير المناسبين شكلاً وسناً وموضوعاً، وعلي أن أحمد الله على وجود خاطبين.

لست في حاجة للحديث عن سلوك من تجري خطبتها بداية من الإخفاء عن صديقاتها "السناجل" بوجود خاطب، مروراً بكون الخطبة عائلية، ثم ادعاءات وجود مشاكل بينها وبين زوج المستقبل. هذا الأمر تكرر معي ومع غيري كثيراً، بطبيعة الأمر التجربة الأولى هي الأكثر إيلاماً حين ذهبت لزيارة جارتي وصديقتي فوجدت حفل خطوبتها، حتى اعتدت لاحقاً.

هل من الواجب علي ذكر مواقف تخاف فيها المتزوجة من صديقاتها اللاتي لم يتزوجن أو من المطلقات والأرامل أن يطمعن في زوجها؟!

هذا غير حالة الهلع التي تصاب بها الأسر المصرية، إذا فكر أحد شبابها ممن لم يسبق له الزواج أن يتزوج بأي من المطلقة أو الأرملة، بفرض وجود رجل على حق وعلى استعداد لذلك، وراغب في تربية أبناء لرجل آخر، ولك أن تتخيل ما يمكن أن يحدث إن هو فكر في الارتباط بمن هي أكبر منه.

ما سبق عن العلاقة الشرعية، لكني وغيري تعرضنا كثيراً لمحاولات لعلاقات خارج إطار الزواج، بناء على قناعة داخلية بأن احتياجنا الجنسي وكبر عمرها وندرة الخاطبين سيضعفوننا.

بجانب أن كثير من المطلقات والأرامل عرضة لمطامع أخرى، من نوعية الزواج العرفي السري، أو علاقات غير شرعية، لأن هاجس العذرية لم يعد موجوداً.

في أغلب الأحيان لا تكف الألسن عن التعرض للعانس والأرملة والمطلقة في مجتمعنا "المتدني" بطبعه، وغالبيتها من بني جنسنا مع الأسف الشديد.

كثيرا ما أواجه وغيري اتهاماً بأن سبب عدم زواجنا هو كثرة طلباتنا التي بالتأكيد مستحيلة التنفيذ وتعجيزية. لن أحاول الشرح أو التفسير أو ذكر مواصفات من أرجوه دفاعاً عن نفسي وعن الأخريات، بل سأعترف باستحالتها، بالأخير نحن من نتحمّلْ نتيجة اختياراتنا الحرة، فهل هذا مبرر للنظرة الدونية لمن تقدم بها العمر من دون زواج؟

5561B2C3-AF42-4F3D-B8F3-FF483E70F8EC
صفية عامر

مهتمة بالشأن العام المصري والعربي والإسلامي. عاشقة للدراما التليفزيونية والسينما والنقد الفني، عاشقة لمرحلة كلاسيكيات السينما والأبيض والأسود. أهوى الشعر.