عندما يراهق الرجل في جهلة الأربعين

عندما يراهق الرجل في جهلة الأربعين

19 اغسطس 2015
يحاول الإثبات أنه ما زال شاباً (فرانس برس)
+ الخط -

"جهلة الأربعين" أو "أزمة الأربعين" أو "أزمة منتصف العمر"... تختلف التسميات، لكن الظاهرة واحدة. ويعيش الرجل ما بين الخامسة والثلاثين والخمسين من عمره، مراهقته المتأخرة من خلال تصرفات طائشة لا تليق "لا بهيبته ولا بشيبته"، محاولاً الهرب من واقع انتقاله من سنّ الشباب إلى الكهولة ومن ثم الشيخوخة. وهذه الأزمة التي قد تمتدّ لعشر سنوات، غالباً ما تؤدّي إلى مشاكل عائلية تصل إلى حد الطلاق والتفكك الأسري.

وعن أعراض هذه "الأزمة"، تقول الاختصاصية في علم النفس العيادي والعلاج الزوجي، تغريد حيدر، إنها تظهر على الرجل من خلال بعض سلوكياته، من قبيل تجديد شبابه عبر ممارسة الرياضة واتباع حمية غذائية وصبغ شعره وهندمة نفسه وارتداء ملابس شبّان في العشرينيات. كذلك قد يشتري سيارة من طراز رياضي حديث، أو يصبح فجأة مواكباً للتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي. تضيف لـ "العربي الجديد" أن "عواطفه قد تتجيش وتلتهب مشاعره، فيقيم علاقات غير مشروعة مع شابات صغيرات في السن ليثبت لنفسه ولجميع من حوله أنه ما زال شاباً ولم ينته بعد تاريخ صلاحيته. وهو بذلك يضرب بكل ما لديه من مسؤوليات عائلية ومهنية، عرض الحائط".

تروي سحر (37 عاماً) معاناتها مع زوجها (44 عاماً) الذي "بدأت معالم جهلة الأربعين تتجلى لديه عندما قرر زرع شعر قبل سنتين. لم أعر الأمر أهمية حينها. وبعدها، راح يتبع حمية غذائية مشددة لتنحيف جسمه، ولم يعد يخرج من المنزل من دون تصفيف شعره". تضيف: "وبعدما كان يعود من عمله عند الخامسة عصراً، صار يتأخر ساعتين أو ثلاث ساعات مبرراً ذلك بضغط العمل. كذلك، راح يبقي هاتفه في حالة الصامت، بالإضافة إلى اهتمامه غير المعتاد بالمجالس النسائية مع صديقاتي في المنزل". وتلفت سحر إلى أنه "حين لاحظ شكّي بتصرفاته الغريبة، بدأ يفتعل المشكلات باستمرار، ويتجنّب مشاركتنا جلساتنا العائلية. لم يعد يسأل عن الأولاد، الأمر الذي أزعج ابننا الأكبر (21 عاماً) فراح يراقبه. حينها اكتشفنا أنه يقيم علاقات مع شابات في سنّ أولادنا". تكمل سردها: "في بداية الأمر فكرت في الطلاق، إلا أنني شعرت بأن مستقبل منزلنا على المحك. قررت استيعاب الموضوع لتفادي أي مشكلة من شأنها أن تفكك هذه الأسرة، ولجأت مع الأولاد إلى إخوته الأكبر سناً لحثه على قطع هذه العلاقات. ونجحنا".

من جهته، جلال شاب عشريني حُرم وإخوته الثلاثة من العيش في كنف أسرة متماسكة، نتيجة "جهلة والدي" (48 عاماً) الذي ساقته ملاذ الدنيا إلى ترك زوجته (40 عاماً) وأولاده بعدما كُشف أمر علاقاته المشبوهة. يقول الشاب إن "في تلك الجهلة، لم يعد والدي يخرج من المنزل من دون وضع مستحضرات العناية بالبشرة والشعر، بالإضافة إلى ارتدائه ملابس ضيقة لا تليق بسنّه. من ثم وردنا خبر طرده من عمله، من جراء علاقات مشبوهة بزميلته في الشركة التي يعمل بها. وهو ما سبب لنا إحراجاً كبيراً بين الأقارب والأصدقاء". ويلفت جلال إلى أن "والدتي لم تعد تحتمل تصرفاته، فتركت المنزل أكثر من مرة طالبة الطلاق. لكنني كنت وإخوتي نعيدها دائماً ونحاول التخفيف من وطأة المشكلة كي لا تتفاقم. كنا نأمل". يضيف: "ظننا أن طرده من العمل سوف يردعه عن أي ممارسات أخرى لا تليق به، لكن الحال لم تتغيّر. ولجأ إلى وسائط التواصل الاجتماعي وأنشأ حسابات وهمية تعرّف من خلالها إلى شابات، وراح يواعدهن. عندها طفح الكيل بأمي بعدما ازدادت المشكلات لمدّة سنتَين بالرغم من تدخل أفراد من العائلتين. وفي النهاية، كان الطلاق".

توضح حيدر أن "جهلة الأربعين تصيب الرجل في هذه الفترة من العمر، لأن في خلالها يكتمل نضجه النفسي على المستويات كافة، ويصبح قادراً على تقييم كل ما مرّ به في مراحل حياته وما إذا كان قد نجح في تحقيق أهدافه التي خطط لها في سني المراهقة والشباب. وفي حال رأى أن هذا التقييم سلبيّ ولم توصله تجاربه إلى ما كان يطمح إليه، سوف يندفع إلى التمرد على محيطه واتخاذ قرارات جديدة غير منطقية، كخوض علاقات جديدة في حياته والإفراط بها كالمراهقين. وهذا ما يؤدي إلى الطلاق وتفكك الأسرة في كثير من الأحيان".

وتعيد حيدر ذلك إلى "فتور في العلاقة الزوجية، وعدم تحقيق الرجل أهدافه في الحياة المهنية وعدم رضاه عما أنجزه في ماضيه، بالإضافة إلى إمكانية فقدانه الاستقرار العائلي وتربيته على القمع والظلم منذ الطفولة". وتشدّد هنا على وجوب "قيام حوار بين الرجل وزوجته، ومشاركتها بما يمرّ به، بالإضافة إلى ضرورة تجديد نمط حياته لا سيّما مع زوجته وأولاده".

اقرأ أيضاً: بدينات جميلات

دلالات