كالنار في الهشيم، انتشر فيروس "كورونا" خلال الشهرين الماضيين كاشفاً عورات النظام الدولي. البورصة العالمية انهارت والملاحة الدولية تمهلت والسياحة الدينية توقفت، كما التعبير الجسدي عن المودة بين الناس. للوهلة الأولى كأن تداعيات "كورونا" تحاكي ظواهر الشعبوية في عالم اليوم عبر تقييد التفاعل والترابط بين الشعوب، وتعزيز وتيرة العنصرية (تجاه الآسيويين في هذه الحالة)، وسرعة انتقال حالات الذعر وعدوى الشائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
"كورونا" اختبار ليس فقط للأنظمة الصحية بل للحكومات حول العالم التي كان تعاملها مع هذا الفيروس انعكاساً لطبيعة سياسات قادتها. النظام الإيراني، الذي أصيب كبار المسؤولين فيه بـ"كورونا"، أعلن أنه سينتصر في زمن هزائم الفيروس كأنه يستدعي مرة أخرى معارك وهمية لصرف الأنظار عن فشل سياساته. الأنظمة العربية التي تقتل سنوياً أكثر من مجمل عدد وفيات "كورونا" وتضع كمامات على أفواه معارضيها لم تر ضرورة قصوى للتحرك الجدي. إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي لا يحركها سوى احتمال خسارة الانتخابات، استعجلت اختراع خطة لتطمين الأسواق المالية قبل مواطنيها، والصين تستمر في عدم شفافيتها مع الداخل والخارج. الكثير من الحكومات حول العالم لم ترتق إلى مستوى التعامل مع الفيروس بطريقة علمية بعيداً عن التسييس والمصالح الآنية.
"كورونا" كان أيضاً فرصة ضائعة لتعزيز التعاون الدولي لاحتواء الفيروس. لكن لم يتوقع أحد أن النظام الدولي العاجز عن حل المأساة السورية منذ حوالي عشر سنوات سيتجاوز الخلافات ويوحد الجهود لاحتواء "كورونا"، على الأقل بين واشنطن وبكين في ظل حربهما التجارية. توقف الحركة الاقتصادية والسياحة الدينية كان تذكيراً بما نفعله من تدمير ممنهج للبيئة ولدور "الهويات القاتلة" في صناعة الحقد والحروب. صور وكالة "ناسا" الأميركية أظهرت تراجعاً حاداً في نسبة التلوث في الصين نتيجة تباطؤ النشاط الاقتصادي فيها بعد انتشار الفيروس.
"كورونا" يظهر أجمل وأسوأ ما في هذا العالم، يذكرنا بأنّ الترابط بين الشعوب يحمل فرصاً بقدر ما يحمل تحديات، وأن مجابهة هذه التحديات لا تكون ببناء جدران فاصلة أو الصراع على الموارد بل بالتعاون للتخفيف من وطأتها على الناس. أتى فيروس "كورونا" ليذكرنا بأننا نعيش في كوكب صغير فيه أكثر من 7 مليارات نسمة مع كثافة سكانية غير مسبوقة، ومهما شعوذت هذه الشعبوية أنه كوكب مترابط ومتلاحم لدرجة أنه إذا عطس أحدهم في مدينة ووهان الصينية يصل الفيروس إلى آخر في ولاية واشنطن الأميركية.
"كورونا" كان أيضاً فرصة ضائعة لتعزيز التعاون الدولي لاحتواء الفيروس. لكن لم يتوقع أحد أن النظام الدولي العاجز عن حل المأساة السورية منذ حوالي عشر سنوات سيتجاوز الخلافات ويوحد الجهود لاحتواء "كورونا"، على الأقل بين واشنطن وبكين في ظل حربهما التجارية. توقف الحركة الاقتصادية والسياحة الدينية كان تذكيراً بما نفعله من تدمير ممنهج للبيئة ولدور "الهويات القاتلة" في صناعة الحقد والحروب. صور وكالة "ناسا" الأميركية أظهرت تراجعاً حاداً في نسبة التلوث في الصين نتيجة تباطؤ النشاط الاقتصادي فيها بعد انتشار الفيروس.
"كورونا" يظهر أجمل وأسوأ ما في هذا العالم، يذكرنا بأنّ الترابط بين الشعوب يحمل فرصاً بقدر ما يحمل تحديات، وأن مجابهة هذه التحديات لا تكون ببناء جدران فاصلة أو الصراع على الموارد بل بالتعاون للتخفيف من وطأتها على الناس. أتى فيروس "كورونا" ليذكرنا بأننا نعيش في كوكب صغير فيه أكثر من 7 مليارات نسمة مع كثافة سكانية غير مسبوقة، ومهما شعوذت هذه الشعبوية أنه كوكب مترابط ومتلاحم لدرجة أنه إذا عطس أحدهم في مدينة ووهان الصينية يصل الفيروس إلى آخر في ولاية واشنطن الأميركية.