عميدة الأسيرات لينا الجربوني

عميدة الأسيرات لينا الجربوني

17 ابريل 2016
من المتوقع الإفراج عنها العام المقبل (رسم: أنس عوض)
+ الخط -
في مناسبة يوم الأسير الفلسطيني الذي يصادف اليوم، تتحدث "العربي الجديد" عن أسيرة فلسطينية استثنائية. فهي تمضي عامها الرابع عشر في الأسر، لتصبح بذلك "عميدة الأسيرات"

تمضي الأسيرة الفلسطينية لينا الجربوني عامها الرابع عشر في السجون الصهيونية. هي اليوم عميدة الأسيرات. اعتقلت في الثامن عشر من أبريل/ نيسان 2002 ومن المتوقع الإفراج عنها في الشهر نفسه العام المقبل 2017، لتتم 15 عاماً في الأسر.

ولدت لينا عام 1974 في قرية عرابة البطوف في الجليل في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948. هي الأخت الوسطى بين تسع شقيقات وثمانية أشقاء رُزق بهم الحاج أحمد الجربوني من زوجتين. كانت قد تلقت دراستها في مدرسة عرابة الثانوية عام 1992.

أدانتها محكمة الاحتلال الإسرائيلية بتهمة "الاتصال بالعدو ومساعدة جهات معادية للدولة". وورد اسمها ضمن صفقة تبادل الأسرى "وفاء الأحرار" بين حماس وإسرائيل عام 2011 التي كان محورها الجندي الصهيوني جلعاد شاليط. لكنّ إسرائيل رفضت الإفراج عنها.
في المعتقل تتولى الجربوني دوراً خاصاً وريادياً. فهي العميدة التي ترشد باقي الأسيرات. وكانت قد خاضت الإضراب المفتوح عن الطعام عدة مرات.

العام الماضي، توجت مؤسسة "مهجة القدس للشهداء والأسرى" الأسيرة لينا الجربوني بلقب امرأة فلسطين الأولى للعام 2015، ضمن فعالية وزارة شؤون المرأة، كونها أمضت كلّ هذه السنوات في المعتقل.

من جهتها، تواظب عائلة لينا على زيارتها في سجن "هشارون" للأسيرات السياسيات، وذلك نهار الإثنين مرة كلّ أسبوعين منذ 14 عاماً. مثلها في ذلك كمثل باقي عائلات الأسرى من فلسطينيي الداخل الفلسطيني المحتل.

تنتمي لينا إلى عائلة مناضلين وأسرى. فوالدها الحاج أحمد الجربوني أسير سياسي سابق. وكذلك خالها المحامي حسن الجربوني الذي رافع عنها في المحاكم. ومن قبلهما كان جدها علي الجربوني الذي قاوم الاحتلال الصهيوني في عام النكبة واعتقل.


يقول والدها أحمد الجربوني وهو رئيس سابق لمجلس قرية عرابة، وعضو في لجنة الصلح، وكاتب له العديد من المؤلفات، ومعتقل سابق لمرتين، إنّ لينا "أنهت المدرسة الثانوية في عرابة واعتقلت في عمر 28 سنة. كانت يومها تعمل في مشغل خياطة. لينا شخصية متمردة تحظى بعطف وحنان أمها بشكل كبير ومميز وتربط بينهما علاقة وطيدة. في المفاوضات الأخيرة ضمن صفقة وفاء الأحرار خرجت جميع الأسيرات من الضفة الغربية وقطاع غزة، أما لينا فلم تخرج. هذه كانت فترة صعبة جداً عليها، وعلى غيرها من أسيرات أراضي الـ48 اللواتي تملكهن الغضب والمرارة". يتابع: "في المعتقل تحتضن جميع الأسيرات وتمد يدها لهن. يتحدثن عنها بإيجابية دائماً. لدى لقائي مع سجينات من الضفة الغربية وصفوها بأنّها أستاذة ومرشدة الأسيرات".

يضيف: "من خبرتي كسجين سياسي سابق، فإنّ الأحكام الحالية أقسى مما كانت عليه عندما تلقيت حكمي. الدولة (إسرائيل) تتجه إلى منحى أكثر تطرفاً. والحكم يتجه أكثر إلى اليمين المتطرف الذي يكره العرب. هناك أحكام صدرت بحق شباب من الداخل الفلسطيني المحتل وصل بعضها إلى تسعة مؤبدات". يتابع: "حافظنا كعرب على القضية الفلسطينية. وأرى اليوم دورنا في الحفاظ على وجودنا في أرضنا بالرغم من القهر والإرهاب. نخوض نضالاً سلمياً من أجل الوصول إلى حقوقنا والتمسك بأرضنا".

أما لميس جربوني أخت لينا التي تكبرها بعام واحد فقط والتي لم تغب عن زيارتها منذ 14 عاماً، فتقول: "لينا إنسانة محبة للحياة تعشق الأطفال فوق العادة. اعتادت قبل أسرها أن تصرف راتبها الشهري في شراء هدايا للأطفال خصوصاً أبناء أخي سعيد. هي صاحبة شخصية قوية ومباشرة.. تعرف الأبيض والأسود فقط. ملابسها بسيطة، ولا يهمها المظهر الخارجي. كانت قد وضعت الحجاب بعد الاعتقال بأشهر معدودة. أكلتها المفضلة الفول الأخضر. كما كانت رياضية وتلعب كرة السلة ضمن فريق في بلدة عرابة".

تتابع: "عانت في السجن من المرارة التي استأصلتها قبل عامين. كما أنّ لديها مشكلة ورم رجليها التي تعاني منها منذ دخولها إلى السجن. كانت قد تعلمت مهنة السكرتاريا الطبية، وقبل اعتقالها كانت تعمل في مشغل خياطة". وتضيف أنّ كلّ أسيرة تتحرر، تحدث العائلة عن شخصية لينا وجبروتها في التحدي والصبر والتحمل، وعن دورها كأم حاضنة للأسيرات.

تقول لميس: "زيارتي لها تمثل فرحاً باللقاء، وحزناً بسبب فراقنا وعدم تمكننا من احتضان بعضنا طوال 14 عاماً. عدا عن الانتظار اللامتناهي في السجن، فالسجان يستمتع في مشاهدتنا ننتظر. ندخل أول فريق وغالباً ما نخرج في آخر الصف، بحجج واهية لا مبرر لها. مدة الزيارة 45 دقيقة تمر بلمح البصر، فلا ينتهي الكلام مع لينا. تهتم بمعرفة أدق التفاصيل العائلية: من أنجب ومن تزوج وغير ذلك. عندما أزورها وحدي تتحدث بحرية مطلقة أكثر فهي تراعي شعور أمي عندما تحضر".

تختم لميس الجربوني: "والدتي في السادسة والسبعين، تعيش بكلية واحدة منذ ثلاث سنوات وتعاني من ترقق العظام، كما استأصلت مرارتها. تربطها بلينا علاقة مميزة وقريبة جداً، وهو ما يجعلها مصرة دائماً على زيارتها مهما عانت من آلام المرض ومتاعب السفر".

 

المساهمون