عملة البيتكوين.. أموال افتراضية لحياة كذلك

عملة البيتكوين.. أموال افتراضية لحياة كذلك

30 مايو 2017
(عملة البيتكوين، تصوير: كريس راتكليف)
+ الخط -

لا شكّ في أنك سمعت على الأقل لمرّة واحدة عن المال الإلكتروني، أو قرأت منشورًا عنه وعن أشهر عملة في هذا الصدد، البيتكوين، فما هي البيتكوين؟

تعد البيتكوين أول وأشهر عملة إلكترونية. ظهرت لأوّل مرّة في 2009 من طرف شخص مجهول أطلق على نفسه ساتوشيناكاموتو، قبل أن يتخلى عن تسيير المشروع في 2010. في 2012، تم تأسيس مؤسّسة البيتكوين، إلا أن "كود الشبكة الرقمية مفتوح" (السلسلة) ومعلوم لدى الجميع، ولذا فإن جميع المساهمين في البيتكوين يعتبرون مالكين للنظام ومشرفين عليه. وهذا ما جعلها تحوز على الثقة مقارنة بمشاريع أخرى، حيث أنه لا يوجد طرف واحد يمكنه تسيير المشروع وفقًا لأهوائه.

تجدر الإشارة إلى أن الهوية المجهولة لمؤسّس المشروع، ساتوشيناكاموتو، قد أدت إلى توالد الافتراضات حول هويته، فهناك من اعتبر أنه شخصية وهمية لتغطية مجموعة من الأفراد، أو شركة، أو دولة ما. إلى غاية الوقت الحالي، لا نزال لم نعرف الإجابة عن الموضوع. ورغم ادعاء عدّة أشخاص حول العالم أنهم ساتوشيناكاموتو، فإن لا أحد قد نجح في إثبات ذلك بشكل قطعي.


كيف يتمّ الحصول على البيتكوين ؟
يتم اقتناء البيتكوين من منصّات مخصّصة لتبادل هذه العملة مقابل العملات المعروفة كاليورو والدولار، أو عن طريق تنصيب برنامج للتنقيب الرقمي، أو بيع منتجات ونيل الأجرة بالبيتكوين. وللتعامل بها ينبغي:

- تنصيب برنامج مجاني على الهاتف النقال أو الكمبيوتر يعرف بمحفظة البيتكوين.

- اقتناء البيتكوين.


التطور الهائل:

في 2013، تداولت صحف عالمية قصّة شاب نرويجي اشترى 5000 بيتكوين في 2009 بـ 18 يورو، ليعيد بيعها في 2013 بأكثر من 700 ألف يورو، ويقتني شقة في العاصمة النرويجية. أسالت هذه القصة لعاب كثيرين ممن أرادوا أن يستفيدوا من الإمكانيات الهائلة لهذه التقنية الجديدة. في بدايات البيتكوين كان سعر البيتكوين الواحد يقدر بستة سنتات في 2009، فيما تقدر قيمته حاليا في مايو/أيار 2017 بأكثر من 2000 دولار، أي أنه يمكن أن يمثل مصدر استثمار هائل لا يحتاج إلى أي مجهود تقريبًا. ولكن لا داعي للتسرع والهروع للاستثمار في البيتكوين قبل استيعاب المسألة من جميع جوانبها، فهذه تبقى الصورة المشرقة للمعاملة.

والبيتكوين كأي مشروع، وأية مبادلات، تنطوي على مخاطر، وقد شهدت عدة انهيارات في 2013، و 2014، و2017 أدت إلى انخفاض في القيمة يقدر بمئات الدولارات في ساعات قليلة معرضة أصحابها لخسائر هائلة. كما أن إحدى أهم منصّات تبادل البيتكوين "إم.تي.غوكس"، قد تعرّضت في فبراير/شباط 2014 للإفلاس بسبب هجمات قرصنة منظمة كانت هدفًا لها أدت إلى إقفالها في النهاية وضياع أموال الكثير من المتعاملين فيها.

ولذا، فإن كثيرين ممن تستهويهم هذه التجربة، يفضّلون اقتناء أجزاء من البيتكوين (سنتيمات) تسمح لهم بعدم استهلاك مبلغ كبير ورؤية هذه التجربة عن قرب.


خصائص البيتكوين:
من خصائص البيتكوين أنها محمية ضد التضخم، لأن الكتلة المالية لا تتزايد بشكل غير محدود، كما أن مطلقي هذه العملة حدّدوا من الآن سقف إنتاج العملات بـ 21 مليون بيتكوين، حيث لن يتم إنشاء أي بيتكوين بعد الوصول إلى هذا الحد، مما يجعلها موردًا محدودًا ونادرًا على غرار ما يمثله الذهب للنظام المالي العالمي. ويمكن استعمال البيتكوين مباشرة لتسديد المشتريات في كثير من بلدان العالم، في كل مواقع الإنترنت والمحلات التي تبرز شعار البيتكوين للتدليل على إمكانية التسديد بها. وقد اعتمدت آلاف الفنادق والمطاعم عبر العالم كيفية التسديد هذه.

تبرز خصائص أخرى حدود هذه العملة الإلكترونية والصعوبات التي تنطوي عليها، وأبرزها تتمثّل في الاهتزاز الكبير في قيمتها حيث أنها تعرف تغيرات كبيرة كل يوم غالبًا نحو الزيادة، مما يصعب من استخدامها في الحياة اليومية. لذا فإن أغلب مالكي البيتكوين هم من المضاربين الذين ينتظرون فرص جني أرباح من استثمارهم. كما أن البيتكوين تبقى مرتبطة بتطبيقات ولا يوجد أي تتبع مادي لها، فأي اهتزاز في النظام قد يؤدي إلى فقدان المال وقيم تبلغ عدة آلاف من الدولارات في بعض المرات. علاوة على ذلك، توجد دولتان منعتا بشكل تام استخدام هذه العملة الإلكترونية، وجرمت ذلك بالتهديد بغرامات ثقيلة والسجن، وهما روسيا وتايلندا.وهناك خشية من صدور قوانين مماثلة في بلدان أخرى مما قد يحد تدريجيا من أهمية هذه العملة. ومن المثير للاستغراب أن دولًا أوروبية كثيرة لا تعترف رسميًا بالعملة الإلكترونية، ولكنها تخضع مالكيها للضرائب على ما يملكونه من البيتكوين.

في النهاية، لا يمكن القول بأن البيتكوين تنطوي على مخاطر أكثر من الحسابات البنكية العادية، فهذه الأخيرة أيضًا يمكن أن تتعرّض للقرصنة وتؤدّي لفقدان المستخدمين لأموالهم.

أدّى هذا النجاح إلى ظهور عملات إلكترونية كثيرة أخرى على غرار تيراكوين و ليتكوينالتي استخدمت نفس الكود المفتوح مع بعض التعديلات وعارضةً خدمات تختلف قليلًا عن البيتكوين. ولكن تبقى هذه الأخيرة أشهر وأنجح عملة إلكترونية إلى حد الآن.

فهل سنتخلص في المستقبل من سيطرة البنوك وسيصبح التعامل حرًا بين مستخدمي الإنترنت، بعُملات ينشئها مستخدمو الإنترنت أنفسهم، أم أن الأمر لا يعدو كونه التخلّص من البنوك التقليدية للخضوع لأنظمة إلكترونية لا غير؟ يبقى السؤال مطروحًا، وتبقى هذه العملة تثير الكثير من الجدل والجاذبية.



المساهمون