علي عبد الله صالح... قتل بمفعول عكسي

علي عبد الله صالح... قتل بمفعول عكسي

04 ديسمبر 2017
مناصرة لصالح في صنعاء في أغسطس 2017(محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -
خيط رفيع جداً يفصل بين الشماتة التي ليس فيها شيء من الشهامة بمقتل قاتلٍ مثل علي عبد الله صالح، من جهة، وبين القول صدقاً، إن هذا مصير طبيعي (والطبيعي هنا وصف لا تبرير فيه) لأمثال الرجل وعدد من نظرائه العرب، من جهة ثانية. موقف مماثل وجد الرأي العام العربي نفسه أمامه مع مقتل معمر القذافي، بشكل أعطى للرجل، بعد التنكيل به، رصيداً ما كان يحلم بأن يحصل عليه في حياته. لكن المؤكد أن مقتل صالح بهذا الشكل، تنكيلاً وإعداماً من قبل الحوثيين وهو في طريق هروبه إلى مسقط رأسه سنحان، مثلما سقط القذافي أيضاً ملتجئاً في مسقط رأسه سرت، انتكاسة عربية جديدة، لا لأنه لا يستحق أقصى العقاب القانوني، لكن لأن مقتله جاء نتيجة قرار قبلي، بعدما انقلب على حليف له، لا بموجب قرار شعبي ــ قضائي نجا منه بفضل المبادرة الخليجية سيئة الصيت بعد ثورة 2011.

مقتل علي عبد الله صالح، مثلما قُتل، انتكاسة عربية، لأنه تأكيد جديد على أن اليوم الذي يصبح فيه قضاء انتقالي يحاسب ويقاضي، لا يزال بعيداً كل البعد عنّا. مقتله بهذا الشكل انتكاسة، لأنه لن يؤدي إلى نهاية الحرب الأهلية ــ الإقليمية المدمرة، بل ربما يفاقم من حدتها ومن أحقادها. ومن سمع، أمس، هتافات قتلة صالح من المسلحين الحوثيين، محتفلين بالثأر المتأخر عقوداً لحروب الرجل ضدهم في صعدة ولزعيمهم حسين الحوثي، يدرك كم أن الزمن العربي موغل في الظلام، وكم أن الأحقاد ستظل تنفجر دموياً، بعد فشل معظم فصول الانتفاضات العربية، الفرصة الوحيدة التي سنحت في التاريخ العربي الحديث لإرساء ألف باء مواطنة وعدالة انتقالية وديمقراطية، ولو بشكل أولي، وحدها كانت ستطفئ أحقاداً قبلية ودينية ومذهبية ومناطقية.

كان المكان الطبيعي لعلي عبد الله صالح، الوقوف أمام محكمة مدنية يمنية، تحاكمه على جرائمه وفساده وحروبه وشرّه، لا جثة تتمايل على أيدي مسلحين لبّوا نداء تحليل الدم الصادر بحقه يوم السبت، نتيجة قرار الرجل فك تحالف الانقلاب مع الحوثيين. أما الخشية، كل الخشية، فهي أن يقترب اليوم الذي يصبح فيه زمن الحكم الأسود لعلي عبد الله صالح محلّ تندُّر عند طيف واسع من اليمنيين، مثلما صارت مشاركة رجالات معمر القذافي اليوم في الحياة السياسية الليبية، شرطاً لا بد منه في سبيل وقف الحروب الأهلية في ليبيا.

المساهمون