علاج العراقيين في إيران... قناة ترفد طهران بالعملة الصعبة

علاج العراقيين في إيران... قناة ترفد طهران بالعملة الصعبة

17 اغسطس 2019
مطالب بدعم القطاع الصحي العراقي (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -
يؤكد مسؤولون عراقيون وأعضاء في البرلمان، أن ارتفاع عدد العراقيين الذي يقصدون إيران لغرض العلاج يمثل استنزافاً جديداً للعملة الصعبة من بغداد وانتقالها إلى طهران، معتبرين في الوقت نفسه أنه دليل على انهيار القطاع الصحي العراقي وفشل محاولات إنعاشه التي جرت سابقاً، وسط تراجع مستمر لنوعية هذه الخدمة.

وبحسب مسؤول عراقي في بغداد، فإن الأرقام الواردة لعدد العراقيين المغادرين إلى إيران في يوليو/ تموز الماضي تشير إلى ارتفاعها إلى الضعف مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي.

ويشرح أنه يوجد أكثر من 20 ألف حالة مرضية عراقية في يوليو انتقلت الى إيران للعلاج بمستشفياتها، وأن معدل ما ينقفه العراقي الواحد على العلاج هناك يبلغ نحو 3 آلاف دولار بالمتوسط.

ويلفت المسؤول إلى أن المرضى يلجأون إلى طهران لإجراء عمليات وعلاج أمراض كان العراق متقدما فيها، مثل أمراض العقم والكلى والسرطان والأعصاب، إضافة إلى الطب التجميلي. ويشدد على أن تصاعد عدد العراقيين المتجهين لإيران يعني قناة جديدة لسحب العملة الصعبة من العراق إلى إيران وبالعادة العلاج في إيران بالنسبة للعراقيين يسحب ملايين الدولارات شهرياً.

ويشير المسؤول إلى أن إيران ليست الوحيدة التي تستقطب المرضى العراقيين، فتركيا والأردن ولبنان والهند تعتبر وجهات أساسية، حيث يتوجه قسم آخر من العراقيين إلى هناك للعلاج وهذا كله بسبب انهيار القطاع الصحي العراقي، ما يضطر المواطن للبحث عن علاج خارج البلاد.

ويؤكد أن المبالغ التي تخرج سنوياً من العراق إلى الخارج كفيلة ببناء عدة مستشفيات متطورة في البلاد، لافتاً إلى أن سبب تدهور القطاع الصحي في العراق يعود بالدرجة الأولى إلى تقاسم مناصب الوزارة بين الكتل والأحزاب السياسية التي حولتها إلى غنيمة ينخرها الفساد.

في المقابل، يقول عضو لجنة الصحة في البرلمان العراقي جواد الموسوي، إن "السبب الرئيسي لسفر المواطن العراقي إلى خارج البلاد هو سوء الخدمات الصحية والطبية المقدمة للمواطن العراقي وخصوصاً موضوع عدم توافر الأدوية والأجهزة الطبية الحديثة"، مشيراً في حديث مع “العربي الجديد"، إلى أن ذلك يكبد الدولة خسائر كبيرة "في حين أن القطاع الصحي الحكومي أنهكه الفساد مع عدم وجود أي بارقة أمل بتحسن تلك الخدمات بسبب استمرار المخالفات".

ويضيف أن هناك أطباء يتخوفون من إجراء العمليات الجراحية الكبيرة والمعقدة والخطيرة بسبب انعدام الحماية لهم أيضا، وكل هذه الظروف أدت إلى انتعاش السياحة الطبية في دول الجوار وخصوصاً في إيران وتركيا ولبنان والأردن، "وأنا شخصياً لا استبعد وجود أجندات لدى بعض هذه الدول في ضمان استمرار المشاكل الصحية في داخل العراق وداخل النظام الصحي لدينا، لدعم اقتصادها وسياستها الطبية".

في السياق ذاته، يقر النائب جمال المحمداوي، بعدم مقدرة النظام الصحي على تلبية احتياجات الشارع العراقي مع استمرار مشكلة البنى التحتية السيئة لقطاع الصحة ككل. ويشرح أن "المستشفيات التي تم بناؤها في السبعينيات والثمانينيات لا تزال قائمة من دون تحديث، حتى بناها التحتية بدأت تتآكل لأنها لا تتحمل زخم المراجعين، في حين أن نهوض القطاع يحتاج إلى خطه وطنية".

ويؤكد لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومات المتعاقبة تتحمل مسؤولية التدهور الصحي الحالي فمع كل الموازنات السابقة لم يكن هناك اهتمام بالجانب الصحي". علي حميد من أهالي بغداد، يقول إن أطباء نصحوه بالسفر إلى الهند أو إيران بغية العلاج الأفضل لشقيقه المصاب بالتهاب الكبد، ويضيف أن "إيران أقرب وأرخص ويمكن التفاهم معهم كوني لا أجيد الإنكليزية كما أن كلفة العلاج لن تتجاوز قدرتي المالية"، معتبراً أن "مبلغ 5 آلاف دولار الذي سأنفقه في الخارج، كان يمكن أن يبقى بالعراق لو كان هناك مستشفيات محترمة".

ويقول الخبير الاقتصادي العراقي سعد الملا إن العلاج في إيران تحول إلى مصدر لتدفق الدولارات إلى طهران، كما الحال في استيراد الكهرباء والغاز والخضر وحتى حديد التسليح الذي شهد قبل مدة حربا من نوع فريد عبر القضاء على محاولات تجار عراقيين الشراء من مصر على اعتبار أن إيران تفرض سطوتها في هذا القطاع.

ويضيف الملا "آلاف العراقيين يغادرون مع أموالهم لإيران ويقيمون هناك في فنادق ويأكلون بمطاعم ويشترون هدايا وهي تعادل قيمة العلاج نفسه أيضاً، لذا فإن اعتبار وجود أياد خفية تمنع تطوير قطاع الصحة العراقي لا يبدو مستغرباً".

المساهمون