عقبات تحاصر إمدادات الغاز الروسي لأوروبا

عقبات تحاصر إمدادات الغاز الروسي لأوروبا

25 يونيو 2020
حقل غاز روسي بمنطقة القطب الشمالي (Getty)
+ الخط -



ما كان لجائحة كورونا أن تمر دون أن تلقي بظلالها على إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا التي سجلت في الربع الأول من العام الحالي تراجعاً بنسبة تزيد عن 20% إلى نحو 40 مليار متر مكعب، مقابل 49 ملياراً خلال الفترة نفسها من العام الماضي. 

ومن العوامل المساهمة في تراجع الإمدادات بهذه الصورة إلى جانب كورونا، الشتاء الدافئ نسبياً والاحتياطات التي تم تكوينها خوفاً من فشل المفاوضات الروسية الأوكرانية بشأن ترانزيت الغاز في نهاية العام الماضي واحتدام المنافسة مع الغاز الطبيعي المسال حسب محللين في قضايا الطاقة.

كما قدرت الوكالة الدولية للطاقة في تقرير صدر في وقت سابق من يونيو/حزيران الجاري، تراجع الطلب بسوق الغاز الأوروبية بـ7% و4% بالسوق العالمية في العام الحالي في ظل الفائض العالمي الذي يدفع بالأسعار إلى أدنى مستوى في تاريخه.

وحذرت الوكالة من التداعيات طويلة الأجل لأزمة "كوفيد-19" على أسواق الغاز العالمية رغم الانتعاش التدريجي المتوقع في العام المقبل، مرجعة ذلك إلى الغموض الذي يخيم على العوامل الرئيسية المحددة لارتفاع الطلب على المدى المتوسط.

وفي هذا الإطار، يوضح نائب مدير صندوق أمن الطاقة الوطني في موسكو، أليكسي غريفاتش، أن جائحة كورونا شكلت ضربة مزدوجة لحجم إمدادات الغاز الروسي إلى السوق الأوروبية وأسعاره في آن معاً، مرجحاً في الوقت نفسه عودتها تدريجياً إلى مستوى 200 مليار متر مكعب فأكثر سنوياً، واصفاً الأمر بأنه "مسألة وقت".

ويقول غريفاتش في حديث لـ"العربي الجديد": "أثرت الجائحة تأثيراً كبيراً على الطلب على موارد الطاقة في العالم أجمع، بما في ذلك في أوروبا. أما تراجع الاستهلاك، متزامناً مع تزايد عرض الغاز الطبيعي المسال، فأدى إلى انهيار الأسعار".

ومع ذلك، يلفت الخبير الروسي إلى أن وضع الغاز الروسي ليس الأسوأ مقارنة بغيره، مشيراً إلى أن إمدادات الغاز الجزائري، مثلاً، سجلت تراجعاً أكبر من ذلك، بينما تتكبد صناعة الغاز الأميركي خسائر فادحة بسبب تكلفته المرتفعة.

وحول آفاق إمدادات الغاز الروسي إلى الاتحاد الأوروبي بعد انتهاء جائحة كورونا، يضيف: "لا يتوقع أحد انتعاشاً سريعاً للطلب، وهناك مخاوف من حدوث موجة ثانية من الجائحة، كما أن إمدادات الغاز تعتمد على عامل الجو بشكل كبير. لكن من جانب آخر، لا شك أن هناك آفاقاً جيدة لمصدري الغاز على المدى المتوسط في ظل الزيادة المرتقبة في الطلب على الغاز في أوروبا بسبب تراجع الإنتاج المحلي".

من جهتها، حذرت صحيفة "فزغلياد" الإلكترونية الروسية من مخاطر خسارة عملاق الغاز الروسي "غازبروم" المنافسة بالسوق الأوروبية أمام أذربيجان التي أعلن رئيسها، إلهام علييف، عن عزمه بدء إمدادات الغاز إلى بلدان الاتحاد الأوروبي خلفاً لإمدادات النفط.

ورغم أن توقيت دخول أذربيجان إلى السوق الأوروبية لا يبدو مواتياً في ظروف تدني الأسعار، إلا أن الصحيفة أشارت إلى أن باكو لم يعد أمامها مجال للتراجع بعد أن ضخت استثماراتها في زيادة الإنتاج ومد أنابيب ممر الغاز الجنوبي البالغ طوله 3500 كيلومتر وبتكلفة 40 مليار دولار لتصدير الغاز من حقل "شاه دينيز" في الجرف القاري لبحر قزوين.

ويضم هذا المشروع ممر جنوب القوقاز عبر الأراضي الجورجية وخط أنابيب الغاز "تاناب" القادم إلى تركيا و"تاب" الذي يواصل طريقه إلى بلغاريا واليونان وإيطاليا ويفتح بذلك أبواب السوق الأوروبية أمام الغاز الأذربيجاني.
وقد أدى احتدام المنافسة بين موردي الغاز إلى خسارة روسيا مكانتها الرائدة في السوق التركية التي تراجعت حصتها فيها إلى المرتبة الخامسة في مارس/آذار الماضي، بعد كل من أذربيجان وقطر وإيران والجزائر، إثر تسجيل الإمدادات الروسية إلى تركيا انخفاضاً نسبته 17% خلال الربع الأول من العام.

وتواجه صناعة الغاز الروسية مضايقات الحظر الأميركي التي تعمل على الحد من نفوذ الطاقة الروسية في أوروبا، وهو صراع قديم متجدد مع تجدد التوتر السياسي بين واشنطن وموسكو. وتعمل واشنطن منذ مدة على تعطيل مشروع نورد ستريم 2 الذي يضاعف إمدادات الغاز الروسية لأوروبا.

المساهمون