عفرين والمنقذ التركي

عفرين والمنقذ التركي

08 ديسمبر 2018
بدأ قسم من أهالي عفرين ينظر لتركيا كمخلص (الأناضول)
+ الخط -

خذلت مليشيا "وحدات حماية الشعب" الكردية، سكان منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية، وذلك خلال فترة سيطرتها على المنطقة، وتسويق نفسها كمنقذ للسكان من استبداد النظام، مع اللعب على وتر إنشاء كيان كردي لهم. وتحولت تلك المليشيا في المنطقة إلى فرقة إقصائية، تقتل وتعتقل كل من يخالفها الرأي، بتهم جاهزة كالتعاون مع "داعش" أو مساعدة الإرهابيين، وليتحول عناصرها إلى جلادين مسلطين على السكان وإلى طبقة فوقية تقوم بكل أنواع الابتزاز بحقهم، حتى بات السكان ينتظرون مخلصاً جديداً ينقذهم من تسلط تلك المليشيا. إذ كان قسم كبير من السكان ينظر إلى فصائل المعارضة المعتدلة، التي تعمل تحت اسم الجيش السوري الحر، كمخلص لهم من استبداد النظام وتسلط عصابات حزب الاتحاد الديمقراطي، كونها فصائل تتبنى خطاب ومفاهيم الثورة السورية التي شارك بتظاهراتها سكان المنطقة.

وتفاءل بعض سكان منطقة عفرين خيراً بعملية "غصن الزيتون"، التي قامت بها فصائل الجيش الحر، المدعوم تركياً، ورأوا فيها مخلصاً لهم وضامناً لاستقرارهم، إلا أن تلك الفصائل نقلت إلى المنطقة كل الفوضى التي تعيشها، على الرغم من الإشراف التركي عليها، فبدأت تلك الفصائل باتباع أساليب، أقل ما يقال عنها، أنها أساليب عصابات مسلحة، إذ بدأت باستيلائها على بيوت السكان وفرض إتاوات على محاصيلهم الزراعية تصل إلى أكثر من نصف المحصول، وفرضت شروطاً تعجيزية لإثبات ملكيات المواطنين لعقاراتهم وأراضيهم.

كل تلك التجاوزات كانت تحصل تحت أعين القوات التركية، مع أنها تتحكم بكل سياسات فصائل المعارضة المسلحة هناك. وكانت تركيا في الوقت ذاته تبني المستشفيات والمدارس وتؤمن للسكان العلاج المجاني وتعبد الطرقات، وتؤمن فرص عمل لبعض السكان. كما نظمت لهم بطاقات تعريف شخصية تركية. وحين استفحل فساد فصائل الجيش الحر قام الجيش التركي بحملة لمكافحة فسادها، قامت من خلالها بعض الفصائل بمحاسبة فصائل أخرى تحت إشراف القوات التركية، وأحالت قادة بعض الفصائل الأكثر فساداً إلى محاكم تديرها فصائل مماثلة لها بالفساد. الأمر الذي جعل سكان منطقة عفرين يرون في كل القوى السورية التي توالت بالسيطرة على المنطقة، سواء كانت قوات النظام، أو الفصائل المسلحة (العربية منها والكردية) أنها قوى تسلط واستبداد. وبدأ قسم من أهالي عفرين ينظر إلى تركيا كمخلص ومنقذ لهم مما تعرضوا له على يد السوريين. الأمر الذي يبدو وكأنه خطة مدروسة لتحويل ولاء تلك المنطقة من الولاء لسورية إلى الولاء لتركيا.