عزمي بشارة: لا خوف على العربية

عزمي بشارة: لا خوف على العربية

03 مارس 2019
(عزمي بشارة في افتتاح الندوة، تصوير: معتصم الناصر)
+ الخط -

تواجه اللغة العربية مشكلات مركّبة تتعلّق بزاوية نظر أصحابها إلى أنفسهم بوصفهم فاعلين حضارياً، وقادرين على إنتاج معرفة وفكر يتفاعلان مع ما يُنتج في حضارات أخرى ويراكم عليه، وتحت ذلك تندرج محاور عدّة يناقشها مركز اللغات في "معهد الدوحة للدراسات العليا" خلال ندوته التي انطلقت اليوم بعنوان "العربية بين اكتساب المعرفة وإنتاجها.. مقاربة استشرافية".

في افتتاح الندوة، أكّد المفكّر العربي عزمي بشارة، المدير العام لـ"المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، أنه "لا غنى عن اللغة العربية المعيارية التي نتعلّمها في المدارس، في بناء الدولة والمجتمع المدني والتواصل العربي – العربي"، لافتاً إلى أنه وخلافاً لما هو سائد فهي تزداد قوة وثراء منذ نهاية القرن التاسع عشر.

تحت عنوان "لا خوف على العربية"، أشار صاحب كتاب "المجتمع المدني: دراسة نقدية" إلى أن "اللغة العربية هي لغة القومية العربية ومكوّنها الرئيس، فهي قومية لإثنية، وإثنيتها تتلخّص في الثقافة وليس في الأصل المشترك، ولا في شراكة الدم، أو في أي من هذه المكوّنات الخيالية".

كما لفت بشارة إلى أن "العربية ليست لغة نخبة دينية أو عِلمية كاللاتينية التي كانت منقطعة عن حياة الناس منذ العصر الوسيط، بل كانت وما زالت لغة الناس والمجتمعات، لغة الدين والدنيا".

وأضاف أن "العربية المعيارية أو المسماة أحياناً بالفصيحة أو الفصحى، هي لغة الدول العربية الرسمية، أو لغتها الأولى في دول معيّنة، كما أنها لغة مناهج التعليم والقوانين والتشريعات والقضاء والإعلام والمداولات العمومية"، موضّحاً أنها "نمت وتطوّرت مع الحضارة العربية بوصفها مكوّناً رئيساً فيها".

خلافاً لكثير من المتشائمين، عبّر صاحب كتاب "في المسألة العربية.. مقدمة لبيان ديمقراطي عربي" عن عدم قلقه على العربية، فلا توجد بدائل واقعية لها في الحضارة العربية الحديثة، مشيراً إلى مفارقة تتجلى في أن المتشائمين بشأن مصير العربية هم أنفسهم كثيرو التغزل بغناها في معرض النحيب والعويل على ما آلت إليه من سوء تقدير الناس المسؤولين عنها، بحسب هؤلاء المتشائمين.

في هذا السياق، يرى بشارة أن غنى اللغة يكمن في قدرتها على استيعاب تطورات الحياة والانفتاح على ترجمة وتعريب أو استقبال تعبيرات لغوية عن أفكار جديدة، ومكتشفات علمية، وتقنيات وتجارب إنسانية جديدة سبقت العربية لغات أخرى إلى التعبير عنها.

وأعقب الكلمة الافتتاحية، انطلاق الجلسة الأولى بعنوان "العربية والمعرفة: مقاربات استشرافية"، قدّم خلالها مدير مركز اللغات بمعهد الدوحة علاء الجبالي والمحاضِرة بالمعهد رنا سبليني ورقة حول "مشروع لغوي لنهضة معرفية: دراسة حالة معهد الدوحة"، وقدّم أستاذ اللغة العربية في "جامعة جورج تاون - قطر"، محمود العشيري ورقة بعنوان "إنتاج المعرفة واستعادة الهوية: حالة جورج تاون - قطر"، فيما تَشارَك الأستاذان في "جامعة ظفار" العُمانية عامر أحمد وإيرينا لينتشاك في تقديم دراسة "حالة فلسفة التعليم في عُمان".

تُواصل الندوة أعمالها حتى بعد غد الثلاثاء، حيث يناقش المشاركون فيها محاور عدّة منها قضايا الإنتاج الفكري باللغة العربية، وسبل تعزيز دور العربية كلغة رئيسة في اكتساب المعرفة في التخصّصات كافة، إلى جانب التعرّف على التجارب التطبيقية لدعم العلاقات بين اللغة والإنتاج المعرفي.

المساهمون