عراقيل واستقالات تعطل البلديات التونسية المنتخبة

عراقيل واستقالات تعطل البلديات التونسية المنتخبة

10 يناير 2019
متطوعون ينظفون شوارع تونس (ياسين جايدي/الأناضول)
+ الخط -

ضربت الانشقاقات والخلافات المجالس البلدية في تونس، بعد أقل من نصف سنة على انتخابها، وبمجرد شروعها في ممارسة الحكم المحلي ظهرت مساعي إعفاء رؤساء وأعضاء، وطرح عرائض اللوم والعزل.

ووجه 21 مستشارا بالمجلس البلدي لمدينة سكرة، أكبر مدن محافظة إريانة القريبة من العاصمة التونسية، قبل أيام، لائحة لوم ضد رئيسة المجلس، بسبب ما وصفوه بـ"تجاوزات وإخلالات وضعف في الأداء انعكس على مصالح الأهالي".
ووجه نشطاء بمحافظة القيروان (وسط) رسالة شديدة اللهجة لرئيس البلدية، عبروا فيها عن أسفهم وخيبة أملهم إزاء ما تشهده المدينة من تدهور في الخدمات، والفوضى المتفاقمة، وانتشار الفضلات.

وفي السياق نفسه، قدم 16 عضوا في المجلس البلدي بمدينة جبنيانة التابعة لمحافظة صفاقس، استقالاتهم بسبب عدم إمكانية التواصل مع رئيسة المجلس، وطالبوا رئيسة البلدية بالتخلي عن منصبها بعد اتهامها بتعطيل مصالح المواطنين والخدمات.

وفي محافظة تطاوين (جنوب) استقال عضوان من المجلس البلدي، فيما استقال 3 أعضاء من المجلس البلدي بحومة السوق بمحافظة مدنين (جنوب شرق)، واستقال عضو من بلدية الهوارية بمحافظة نابل، إلى جانب استقالات أخرى أبرزها لعضو في بلدية رادس، والذي سافر في مهمة عمل إلى ألمانيا، واختار البقاء هناك.

وبين النائب عن حركة النهضة الفائزة بأكبر عدد من مقاعد ورئاسات المجالس البلدية، أحمد المشرقي، أن "الصعوبات وعدم التجانس في عدد من البلديات أمر مفهوم وطبيعي لاعتبارات التنوع السياسي والتعددية الحزبية في تركيبة المجالس الجديدة".

وقال المشرقي لـ"العربي الجديد"، إنه "لا ينبغي التسرع في الحكم على التجربة التعددية الأولى في الحكم المحلي وتفعيل السلطة اللامركزية. تونس تسير بثبات نحو دمقرطة السلطة المحلية، وستعرف النضج بالعمل التشاركي في خدمة المواطنين المفترض أن تسمو فوق العناوين الحزبية والسياسية. الإشكالات المعروضة تفرض توجهات جديدة في مجال عمل المجالس البلدية ينبغي أن يتحدد فيها السلوك الرشيد للمسؤولين والمواطنين".

وعلاوة على الخلافات السياسية والاختلافات الايديولوجية داخل المجالس البلدية المنتخبة، فإن مشكلة التمويل تعد أكبر عائق خصوصا في المناطق الأكثر فقرا، ورغم أن السلطات التونسية زادت تمويل البلديات، إلا أنها ظلت دون المأمول، بحسب رؤساء البلديات.

وعملت الحكومة في إطار دعم اللامركزية، على تنفيذ برنامج التنمية الحضارية والحوكمة المحلية بهدف تقليص التفاوت الجهوي، وتدعيم البنية التحتية، وتخصيص اعتمادات استثمار لـ86 بلدية جديدة، و187 بلدية تمت توسعتها بقيمة 850 مليون دينار.
وخلص رئيس جمعية "إس أو إس بيئة"، مرشد قربوح، إلى أن أكبر عائق هو غياب صلاحيات الإدارة المحلية اللازمة لمعالجة الملفات التي ترهق المجالس البلدية المنتخبة. وقال لـ"العربي الجديد"، إن "الملف البيئي في صدارة اهتمامات المواطن التونسي الذي يعاني من ويلات النفايات ومياه الصرف والتهيئة العمرانية، والبلديات لا تملك صلاحيات التصرف الذاتي للتخلص من النفايات أو إعادة تدويرها، فضلا عن مياه الصرف، إذ لا يزال القرار المركزي هو المرجع على مستوى الدواوين".

وأضاف قربوح أن "منظومة التصرف البلدي مترابطة. مازالت جهات تشكو معضلة تنقية مياه الشرب، وخصوصا في محافظات الجنوب، كما تشكو محافظات أخرى من مشاكل البنية الأساسية والتهيئة العمرانية، وتجد المجالس البلدية نفسها عاجزة أمام ضعف الإمكانات والموارد، وعدم تحرير القرار بتفعيل كامل للسلطة اللامركزية التي نص عليها الدستور".

ورغم ذلك، نجح عدد من البلديات الجديدة في مجالات النظافة، وقنوات الصرف، وتعبيد الطرق، وتهيئة المسالك بشكل لقي استحسان الأهالي الذين أشادوا بالنقلة النوعية التي عرفتها بعض المناطق.

دلالات