عدو قديم موثوق

27 فبراير 2015   |  آخر تحديث: 08:39 (توقيت القدس)
يزداد العداء لأميركا في روسيا (غريك بايكر/فرانس برس)
+ الخط -
ما أن تكون للدولة مطامع خارجية أو تكون في مأزق داخلي، حتى تشتد حاجتها إلى صورة العدو. وكثيراً ما ينقذ الخصمُ خصمَه من مآزق صعبة لمجرد وجوده في موقع العدو. فكيف إذا كان هذا العدو مُجرَّباً على مدى عشرات السنوات، وأدواته وطرائق تعاطيه وكيفية التعامل معه لتسخين المواجهة أو تبريدها وفق مقتضى الحال مدروسة ومعروفة؟ في هذه الحالات يتحول العدو إلى أهم من صديق. ولذلك، فكما يقول الروس "صديق قديم طيب"، يمكن أن يقال "عدو قديم طيب" في العلاقة بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية. فكلاهما يحتاج إلى هذا العداء المجرّب والذي، للأسف يدفع ثمنه العالم الأضعف، فيما يعرف الخصمان، أو لنقل المتنافسان الجيوسياسيان كيف يتصادقان ويتوافقان عند اللزوم.

لكن العداء بحاجة إلى جمهور، إلى قاعدة شعبية تتبناه وتشجعه، على طريقة روابط مشجعي كرة القدم. وأولئك، كمثل هؤلاء، غلاة، يصعب إقناعهم بأن الخصومة والعداء مجرد لعبة، وأن التعامل مع النادي الخصم يقتضي روحاً رياضية. ولذلك، فليس غريباً ازدياد العداء لأميركا في روسيا والخوف من روسيا في أميركا بالتزامن. لكن للأرقام هنا دلالات قد لا يكون تغييرها بمتناول السياسيين، وتحتاج إلى عمل ثقافي واقتصادي مديد لإزالة آثار لعبة العداء.

وهكذا، فهناك من الروس اليوم 81 في المائة ينظرون بعين العداء إلى الولايات المتحدة الأميركية، وفقاً لاستبيان الرأي العام الذي أجراه "مركز ليفادا"، ونشر نتائجه، في التاسع من فبراير/شباط الجاري. وقد أفاد مدير "مركز ليفادا" لجمع وتحليل المعلومات، ليف غودكوف، بأنها النسبة الأعلى منذ العام 1988. ومن الجانب الآخر، هناك 18 في المائة من الأميركيين يخافون من روسيا ويرون فيها الشرّ الأكبر، وفق معطيات معهد غاليوب الأميركي، في حين لم تتجاوز هذه النسبة 2 في المائة سنة 2012. علماً بأن نسبة العداء للاتحاد الأوروبي وأوكرانيا بين الروس تطابق نظيرتها بالنسبة لأميركا، في تأثير واضح للشحن الإعلامي الروسي على خلفية العقوبات الغربية على روسيا.
ولكن، فيما يدير السياسيون لعبة العداء، تترسخ لدى الشعوب ثقافة عداء يصعب إعادة توجيهها وفق الرغبات.
المساهمون