عدونا غادر وحكامنا صامتون

قبل أيام، تم الاتفاق مع المقاومة الباسلة، على هدنة إنسانية، لمدة اثنتين وسبعين ساعة، أمام العالم أجمع، وبإيعاز من الدول النافذة فيه، أيضاً، وحسب طلب مجلس الأمن، على أن يبدأ العمل بالاتفاق، اليوم التالي، في الثامنة صباحاً، وكالعادة، خرق العدو الصهيوني الغادر الهدنة الإنسانية، وتم استئناف القصف المدفعي، وتم استخدام الدبابات والطائرات في هجوم مكثف على المدنيين العزل، ولم تسلم أماكن عديدة تابعة للأمم المتحدة من القصف، ضارباً بعرض الحائط العهود والمواثيق الدولية، بل إن هذا العدو الصهيوني لا يحترم أي دولةٍ كانت، ولا أي مؤسسة دولية، سواء مجلس الأمن، أو غيره، فهو يعرف لغة واحدة فقط، هي لغة القوة، ولغة الغدر والخيانة، التي لا يعرف سواها.
وعليه، لا بد من مساندة المقاومة الباسلة بكل الوسائل، وهنا سؤال يطرح نفسه، أين مسلمو العالم من هذه المجازر اليومية، المستمرة ليل نهار، يقتل فيها الأبرياء العزل، أمام بصر العالم وسمعه، لكن، لا أحد يحرك ساكناً.
أو ليس هؤلاء في غزة مسلمين، أليسوا عرباً، أين الشعوب العربية والإسلامية في جميع العالم، وأين حكام العرب والمسلمين، بل أين الجيوش العربية والإسلامية وأسلحتها ودباباتها ومدافعها وطائراتها، التي تستورد على حساب ميزانية الشعوب المطحونة، من أجل ماذا توجد هذه الجيوش وهذا العتاد؟ من أجل قمع الشعوب ومظاهراتهم، أم من أجل الحفاظ على كراسي الحكم. متى سنحرر أقصانا؟ متى سنفيق من غفوتنا الطويلة المديدة؟
العدو يخطط لإبادتنا ليل نهار، ويمارس تدنيس مقدساتنا، ويقتل نساءنا، ويشرد الرجال والشيوخ والأطفال، ويهدم المنازل على رؤوسهم، ونحن نتفرج كأننا نشاهد فيلماً سينمائياً.
إلى متى سنظل في هذا الخزي والعار، والدول الأجنبية البعيدة مثل بوليفيا، أدرجت إسرائيل على لائحة الدول الإرهابية، بينما لم يجرؤ حاكم عربي، أو إسلامي واحد، على أخذ موقف مشرف، حتى لو كان مجرد سحب سفير، أو الإدلاء بتصريح تلفزيوني، حتى الشجب والتنديد لم يظهر.
أصبح هؤلاء الذين يسمون، جزافاً، أولي الأمر، يستحون من أن يقولوا إسرائيل إرهابية، بل إنهم وصموا أشرف وأنبل مقاومة في العالم بأنها هي الإرهابية. يا للخزي والعار، مما يقومون به أمام أحرار المقاومة الشرفاء الذين يضحون بأنفسهم وبأموالهم وبدمائهم الطاهرة، ليغسلوا بها العار والخزي الذين جرّهما هؤلاء الحكام.
أود أن أسأل من يسمي نفسه حزب الله، وجمهورية إيران الإسلامية، أين أنتم مما يحدث في القدس، وما يحدث لأهلنا في غزة، أليس هؤلاء مسلمين؟ أين جيوشكم وعتادكم، أم هي فقط موجهة ضد المسلمين في اليمن وسورية، لنشر الفتنة والفراق بين المسلمين، ألا تستحون يا عرب ويا مسلمين؟ لديكم جيوش وعتاد موجه ضد بعضكم، وتتركون العدو يعربد في البلاد ويقتل العباد.
أفيقوا يا عرب ويا مسلمين، اليوم غزة وغداً مصر، وبعده الخليج، ومن بعد المغرب، فهذا العدو الغاشم يخطط ليل نهار لتنفيذ حلمه. والآن، كما ترون بأم أعينكم، العالم العربي بأسره يعاني ويلات الاستعمار، والجميع يضرب ببعضه، ويعتدي على أشقائه، ولا أحد يدري من العدو ومن الصديق، من الإرهابي ومن الوطني.
حتى أصبحت الشعوب العربية منقسمة، وهذه هي أول مرحلة من مراحل خطط العدو، بعد القضاء على غزة والقضية الفلسطينية برمتها، في ظل هذا الخنوع والصمت العربي، سوف ينفذ العدو الصهيوني التوسعي مرحلته المقبلة، وهي الانقضاض على ما أمكنه من الدول العربية المتفرقة المنقسمة، حتى يتحقق حلمه المنشود، ونصبح عبيداً له، ونعيش تحت رحمته، فمتى سنفيق أيها العرب، متى سنفيق أيها المسلمون؟