عبد محفوظ... جهود 30 سنة تلاشت في ثوانٍ

عبد محفوظ... جهود 30 سنة تلاشت في ثوانٍ

06 سبتمبر 2020
توجّه محفوظ فجر اليوم التالي من الانفجار إلى مشغله (العربي الجديد)
+ الخط -

لم يوفّر انفجار مرفأ بيروت مبنى أو مؤسسة في المدينة وصولاً إلى تلك التي تقع في المناطق المحيطة التي تضررت أيضاً. دُور المصممين في المدينة لحقها الدمار أيضاً إلى حد كبير، خصوصاً أن العديد منها في وسط المدينة وعلى مسافة قريبة من موقع الانفجار. من هذه الدور المتضررة إلى حد كبير دار المصمم عبد محفوظ في وسط بيروت. ففي لحظات قليلة دمّرت جهود المصمم التي بذلها في مسيرته المستمرة من أكثر 30 عاماً. طوال هذه السنوات عمل في هذا المجال الذي عشقه وبذل نفسه فيه. 


قد تنقل صور الدمار في دار عبد محفوظ ما حصل في مساء 4 آب/أغسطس 2020 إلى حد ما. وبرؤيتها يمكن توقع ما قد يسببه هذا الخراب من خيبة وحزن لخسارة تطاول تعب كل هذه السنوات في مسيرة طويلة وجهود بذلها المصمم. لكن مرة جديدة، بحسب ما يؤكد المصمم في حديثه مع "العربي الجديد"، يعلن بحماسة أنه سيعيد بناء الدار. فهذه ليست المرة الأولى التي يدمّر فيها المكان، بل هي الثالثة بعد الانفجارين السابقين اللذين هزا المدينة من سنوات عديدة. مرة إضافية يعود بمزيد من الاندفاع متخطياً الحزن والألم. عن تلك الليلة المشؤومة، يذكر محفوظ أنَّه كان مع قسم من فريق العمل لديه برفقة عروس في حفل زفافها كانت قد اختارت فستاناً من تصميمه. "أثناء وجودنا في حفل الزفاف، كان باقي فريق العمل قد غادر المشغل نظراً للظروف المرافقة لانتشار وباء كورونا وتقصير دوام العمل. كنا متواجدين في خارج بيروت وعندما تم الاتصال بي لإبلاغي بما حصل تملّكني شعور بالعجز. أجد صعوبة في وصف ذاك الشعور. لم اشأ أن أترك العروس في يومها، لكني كنت أتحرّق للتوجه إلى وسط بيروت لتفقّد الدار".


في تلك الليلة، عند الساعة 11 توجّه محفوظ إلى الدار وكان مشهد الدمار مختلفاً وأكثر إيلاماً بكثير من الصور والفيديوهات التي أرسلت له. فلم يقتصر الدمار على المكان، بل الأسوأ أن الزجاج تسبب بتمزيق معظم التصاميم في صالة العرض والمشغل. من أصل حوالي 500 تصميم، تمزّق أكثر من 300. لكن على الرغم من الأسى الذي شعر به، يؤكد أنَّه توجّه في فجر اليوم التالي عند الساعة الخامسة صباحاً للبدء بعملية إزالة الردم.

لايف ستايل
التحديثات الحية

قبل أشهر عديدة عرض المصمم 25 فستان زفاف في باريس. وقد رفع المصمم العلم اللبناني عالياً حينها معبراً كما في كل مرة عن فخره ببلده واعتزازه بانتمائه. اتخذ حينها قرارًا بإقامة عرض في وسط بيروت هو "عرس بيروت" يؤكد من خلاله على أن مدينة الموضة والجمال لا تموت وعلى عزيمة لا تؤثر فيها الظروف. حالت ظروف انتشار جائحة كورونا دون إقامة العرض المقرر في بداية فصل الربيع فأجّله المصمم حتى شهر أيلول /سبتمبر الحالي. لكن هذه المرة أيضاً كانت الظروف أقوى وشاءت أن تقضي على هذا الحلم الكبير بالعودة إلى عزّ بيروت وفرحها المعتاد. بدلاً من ذلك خيّمت أجواء الحزن عليها فيما تحاول لملمة الجراح. وإذا كان محفوظ يتساءل ولو للحظة عن مصير هذا العرض الذي كان مقرراً بكافة تفاصيله، يعود ويؤكد أن لا شيء يمكن أن يوقفه وسيعاود النهوض مرة جديدة وبناء ما دُمِّر كي يعود لبنان إلى سابق عهده.


"أنزل يومياً لإزالة الردم وللإشراف على عملية الترميم، لكن نكتشف يومياً مشاكل إضافية نتيجة عصف الانفجار. بالنسبة لي لا تبدو المشكلة الأساسية في المبنى، بل في صالة العرض حيث حصلت الأضرار الكبرى وتسبب الدمار والتكسير الحاصل بتمزيق التصاميم الموجودة فيها بنسبة 70 في المئة منها والقماش أيضاً. لكن مهما حصل، سنعود قريباً مرة جديدة بعد الانتهاء من عملية الترميم". من داره في وسط بيروت، توجّه المصمم برسالة إلى اللبنانيين واعداً بعودة قريبة، وطالباً من كل مواطن أن يرفع علم لبنان أمام منزله أو مؤسسته تعبيراً عن روح التضامن والحس الوطني.

المساهمون