عبد عبدو: أنيس الشوارع

عبد عبدو: أنيس الشوارع

01 اغسطس 2019
يغني أنيس الشوارع أعمالاً تراثية من فلسطين والشام (فيسبوك)
+ الخط -
شارك الفنان الفلسطيني عبد السلام عبدو، في عروض عدة خلال مهرجان BiBi PROD Festival في مدينة ليون الفرنسية، برفقة دميته "أنيس الشوارع" التي تغني أعمالاً تراثية.
عبد السلام عبدو، أو عبد عبدو، كما يُسمّي نفسه، فنان مختص بمسرح الدمى منذ 32 عاماً، يصنع الدمى بنفسه ويدرب الفنانين الشباب على صناعتها وفن تحريكها.
جاءت مشاركته ضمن مشروع مشترك لفرقة "كراكيب" التي تمزج ثقافات وفنوناً من بلدان عربية مختلفة، مثل الجزائر وفلسطين وسورية، وتقدم عروضاً للحكواتي وخيال الظل والموسيقى التراثية.
في حديث إلى "العربي الجديد"، يقول عبدو :"أنيس الشوارع هو عبارة عن دمية تغني وتعزف وتحكي في الشوارع، وفي هذه المرة في فرنسا يشارك في عزف حي مع فرقة موسيقية".
عن قصة بناء الدمية أنيس، يوضح: "كنت قبل فترة في إسطنبول، شاهدت فنانين سوريين مهجرين من بلدهم يعزفون ويغنون في الشارع، رأيت في عيونهم شيئاً جميلاً، ومع ذلك شعرت بحزن في داخلهم، تحدثت إليهم عن تجربتهم كعازفين في الشارع، حيث أوضحوا أن البداية كانت صعبة عليهم كفنانين أن يقفوا في الشوارع ويعزفوا للحصول على بضع ليرات، لكنهم بعد فترة اكتشفوا أنهم يستطيعون إيصال رسالة من خلال الشارع، بغض النظر عن بساطة المردود المادي، إلا أنهم يحافظون على تراثهم، لقد شعرت بأنهم فنانون كبار لكن الظروف رمتهم بهذا الاتجاه".
بعد هذه الحادثة قرر عبدو بناء دمية تشبههم، أطلق عليها اسم أنيس الشوارع، لأنها تؤنس الناس في الشوارع.
وأضاف: "بنيت الدمية من الخيش لأنها تدل على الخشونة وقساوة الحياة وقريبة من جسم الإنسان من حيث اللون، وأردت أن أقول من خلالها إن الدنيا قاسية لكن سنواجه الانكسار".
من جهتها، قامت الفنانة السورية هنادة الصباغ بتصميم الدمية، وهناك من يقول إنها قريبة من شخصية غوار الطوشة، فيما شببها آخرون بفنان جزائري، أو الفنان الفلسطيني مصطفى القرد. يقول عبدو: "كل شخص أصبح يرى الشخصية من وجهة نظره وبحسب بلده، وأنيس الشوارع يقدم للأطفال أغاني تراثية قديمة قلما يسمعونها في أيامنا هذه، مثل الحلوة دي، أهو دا اللي صار، فوق النخل، يا ظريف الطول".
يوضح أنه بحث في قصص الأغاني تلك ليبني قصة حولها، مثل ظريف الطول الذي يعد شخصية خيالية مناضلة، وهي شخصية رمزية في فلسطين، وكذلك قصة الروزنة التي يقال إنها كانت اسم باخرة تركية أو إيطالية، كما أن الروزنة هي فتحة في السقف يخرج منها الدخان في البيوت القديمة، وكان المحبون يتواصلون عبرها.
يشير عبدو إلى أن هناك الكثير من الدمى الشعبية حول العالم، لكن العالم العربي يفتقر إليها، في مصر هناك الأراكوز، وكانت عروض كراكوز وعواض تأتي من الشام إلى القدس لتقديم خيال الظل في رمضان، وكذلك صندوق العجائب الذي كان يثير اهتمام الأطفال، لكن لم تتطور هذه الفنون بسبب طغيان تأثير التلفزيون والسينما، وكذلك الاحتلال الذي فرض الحصار، حيث كان الفنانون يأتون من الشام إلى القدس عبر بوابة دمشق، لكن ذلك لم يعد ممكناً بسبب الاحتلال.
تخصص عبدو في مجال الدمى قبل أكثر من ثلاثة عقود، ويحاول اليوم أن ينشر ثقافة الدمى في العالم العربي، ونقل الثقافة المحلية إلى العالم.
يلفت إلى أهمية مهرجان الدمى الذي أقيمت منه 24 دورة في فلسطين، وكان فرصة لاستقطاب فنانين من أنحاء العالم، والاستفادة من خبراتهم، من خلال ورشات التدريب التي أقاموها للشباب الفلسطينيين.
يقول: "لقد وصلنا إلى مرحلة احترافية في هذا المجال، وما زلت أستغرب من ردود فعل البعض في الخارج، حيث ما تزال لديهم تلك الصورة النمطية المتخلفة عن فلسطين، ويعبرون عن تفاجئهم من وجود فن كهذا في بلدي".
وعن رد فعل الجمهور في فرنسا، يذكر أن الناس يستمعون وينسجمون ويشعرون بالأغاني، حتى وإن لم يفهموا معانيها: "أثناء العروض أضع كل أحاسيسي ومشاعري أثناء تحريك الدمية، إنها ليست مجرد حركات أوتوماتيكية، أستحضر كل عروبتي وفلسطينيتي لأوصل رسالتي وثقافتي للجمهور".
يركز على أن كل أعماله في مسرح الدمى تتميز بأهدافها الواضحة، مثل مسرحية "القدس والأمير الصغير" التي تحكي عن طفل كان يحلم بالقدس، إنه حلم الملايين، فالقدس ليست حكراً على فلسطين، ولا تتمتع فقط بقدسية دينية، وإنما هي مدينة لها خصوصيتها وتخص كل الناس في العالم.
ومسرحية "أحمد خلف الجدار" تتحدث عن جدار الفصل وتقسيم البيوت وتأثيره على حياة الناس.
ينتظر أن يعود عبد السلام عبدو إلى فرنسا مرة أخرى في أيلول/ سبتمبر المقبل لإقامة مجموعة من العروض في عدة مدن مختلفة.

المساهمون