عبد الرحيم مؤذن: يُحكى أن قصة قصيرة ظلّت تسأل

عبد الرحيم مؤذن: يُحكى أن قصة قصيرة ظلّت تسأل

03 مايو 2016
"صناديق الاقتراع"، تجهيز لـ أندريه الباز، المغرب
+ الخط -


لم يتذكر عبدالرحيم مؤذن (1948 -2014) كثيرون في يوم احتفاء الوسط الثقافي المغربي بـ "اليوم الوطني للقصّة" (28 نيسان/ أبريل)، فقد أصحبت الذاكرة المغربية في السنوات الأخيرة، ميالة إلى النسيان، خصوصاً عندما يكون النموذج مثقفا ظلّ يخشى على الدوام أن تصبح "الثقافة ممارسة هامشية قد لا يُلتفت إليها".

في سنة 2007، قرر المشاركون في ملتقى "بلقصيري للقصة القصيرة"، دورة عبدالرحيم مؤذن، أن يجعلوا من 28 أبريل يوما وطنياً للقصة القصيرة. كان الأمر شبه استحقاق مؤجل لطبيعة الحراك الذي عرفه المشهد القصصي في المغرب، منجزاً وقراءة ولقاءات، ما يعني الاحتفاء بالبعد الرمزي لحضور القصة وسط فسيفساء المشهد الإبداعي المغربي.

ظلت القصة القصيرة شغلاً شاغلاً لعبدالرحيم مؤذن. مسار طويل ظل فيه الراحل وفياً لاستقصاء المشهد القصصي المغربي والعربي، الى جانب بحوثه في المجال النقدي والرحلي. ويشكل إصداره النقدي "معجم القصة المغربية القصيرة" (1993)، مرجعا أساسيا للباحثين يوثّق من خلاله، تمحيصاً وتدقيقاً، مسارات القصة المغربية ومعجمها.

استطاع مؤذن اختيار الأسئلة القريبة من أسئلة الثقافة المغربية، في حراكها وتشعب انشغالاتها، غير أنه يظلّ نموذجاً للمثقف القادر على الانخراط في معارك أدبية وسجالات انتصر من خلالها لأفق الكتابة ورهاناتها. ففي آخر حوار، أجريناه معه قبل وفاته، ظلّ يؤكد على ضرورة إعادة "الاعتبار للثقافة والمثقف من موقع المسؤولية، فالمثقف اليوم يبتعد يوماً بعد يوم عن مجاله الحيوي وهو المجتمع بدلالاته المادية والرمزية".

في إحدى قصصه المنشورة نقرأ: "يُحكى أن قصة قصيرة ظلت تسأل دون كلل أو ملل، الغادي والرائح، الماء والشجر، الإنسان والحيوان: "لماذا أنا قصيرة؟" تابع الماء انسيابه، وخشخش الشجر أوراقه، واستمر الغادي في غدوه، والرائح في رواحه، فلكل كائن همه، والقصر أو الطول يأتي بعد أشياء أخرى".

يواصل الكاتب استدعاء صوت القصة ويخاطبها "أنت قصيرة، دون عيب خلقي، أنت قصة قصيرة دون الحاجة إلى نصف تذكرة، دون تخفيض لأقل من 18سنة، دون تزاحم أمام أسواق الآداب المخفضة. أنت مواطنة تامة المواطنة الأجناسية. أنت قصة قصيرة ، ولست سوراً قصيراً".

هل كان عبدالرحيم مؤذن يكتب سيرة "القصة القصيرة"؟ هل كان مسكوناً بها الى الحد الذي استطاع أن يتبنى صوتها المفرد؟ أليست القصة القصيرة في النهاية، هي الأقرب، لتمثل جزءاً من سيرة الكاتب ومساراته المتعددة؟ في التماعاتها، ومفارقاتها؟

المساهمون