عبد الحكيم قطيفان: الدراما السورية مقسومة

عبد الحكيم قطيفان: الدراما السورية مقسومة

ياسر بدوي

avata
ياسر بدوي
09 مايو 2015
+ الخط -
حول دوره في مسلسل "وجوه وأماكن"، إنتاج شركة ميتافورا للإنتاج الفني، ونشاطه في الثورة السورية، وتجربة اعتقاله وأعماله الأولى، تحدّث الممثل السوري، عبد الحكيم قطيفان، بصدقه وعفويته المعهودين.

- لماذا شاركت في مسلسل "وجوه وأماكن"؟
قرأتُ الورق وأحسست أنّ منطق العمل مهمّ وعقلاني، وفيه إعادة اعتبار للشعارات الأساسية للثورة ومنطلقاتها كثورة وطنية ديموقراطية، وهذا ما أنتمي إليه وأدافع عنه كفنان ومواطن. صوت عقلاني ديمقراطي بعيداً عن التشنّج والعنف وعن صوت الرصاص ويقف فعلاً على الألم السوري منذ انطلاق الاعتقالات، والتعذيب وتهجير الناس.. الذي عبّرتْ عنه عبارة "الأسد أو نحرق البلد".

- ما هو دورك في المسلسل؟
"اللواء ماجد"، وهو ضابط متقاعد، موالٍ للأسد، ممن اشتركوا في الجرائم التاريخية، التي ارتكبها هذا النظام ضدّ الشعب السوري، من منطلق الحفاظ على مصالحه المادية، لا سيما التغطية على تهريب أمواله الهائلة إلى خارج سورية. وهو شخصية عنيفة دموية تدافع عن النظام بشكل أعمى بحجّة أنّه أمّن للسوريين الاستقرار الأمني والمادي.

- كنت معتقلاً سياسياً، ألم يكن صعباً أن تجسّد دور سجّانك؟
سبق أن جسّدت هذه الشخصية في مسلسلي "ما ملكت أيمانكم" و"الولادة من الخاصرة"، لكن ماجد مختلف قليلاً، فهو ضابط متقاعد عنده مكتسبات هائلة واستثمارات بأفريقيا والوطن العربي. وأظنّ اختباري لعمل ضباط المخابرات أفادني كممثل.

- أين هي الدراما السورية اليوم وما مصيرها؟
أعتقد أن الدراما ليست معزولة عن واقعنا، فهي كأي شيء في سورية، لم يعد كما كان، والدراما إمّا أن تتبنّى، كإيديولوجيا وكخطاب، العلاقة بالنظام أو الموقع النقيض له. خلال 4 سنوات شاهدنا كلّ المسلسلات التي تنتج داخل سورية، أي التي يوافق عليها النظام، بما فيها "بقعة ضوء"، وهي تكرّس فكرة الطغيان والقائد العظيم وفكرة المؤامرة، التي تتعرّض لها سورية... الدراما السورية، الآن، مقسومة جداً، حتى على صعيد الأفراد.

- لكننا شاهدنا أعمالاً اشترك فيها ممثلون من الطرفين..
أعتقد أنها كانت هناك تجربة عابرة ولن تكرّر.

- هل الدراما السورية مهدّدة بالانحسار؟
أعتقد أن حواملها موجودة من كتّاب وفنانين وجمهور عربي يحبّها، لذا أقول إنها ليست مهددة ولكنها مأزومة، وما يحصل في سورية سينعكس عليها. إذا استقرّت البلد سياسياً وبدأ مشروع وطني، ستقوى الدراما بسبب وجود مادة درامية ضخمة، فقصة كل مواطن سوري هي مشروع درامي.

- ألا يستطيع الفنانون السوريون أن يفصلوا بين صناعة الدراما وموقفهم السياسي؟
الذين وقفوا ضدّ النظام دفعوا ثمناً كبيراً، فمنهم ترك بيته وحياته ومجده الشخصي، أنا انحزت لثورة السوريين، خسرتُ مادّياً ولكني راضٍ وضميري مرتاح. سنوياً كنت أقدّم 5 مسلسلات، وكان اسمي في صعود، السنة الماضية اشتغلت في مسلسل "سرايا عابدين"، والسنة التي قبلها كنت ضيفاً في مسلسل مع الراحل، خالد صالح، وقبلها في مسلسل" ناجي عطا لله" مع الأستاذ عادل إمام.

- هل ناصرت الثورة انتقاماً لاعتقالك السابق؟
بصدق وأمانة، ليس لموقفي الحالي أيّة علاقة بتجربة اعتقالي منذ 1983 ولنهاية 1991. بعد خروجي من السجن، حتى حافظ الأسد الذي سجنني لم أكن حاقداً عليه. التقيت ببشار الأسد مرتين، ولم تكن عندي مشكلة تجاهه، كمعظم الشعب السوري، وأعتقد لو حاول بشار الأسد أن يفسح مجالاً للعقل والحوار، لما أصابتنا هذه الكارثة. أنا أعتبره جزءاً من مؤامرة تدمير سورية، لأنّه حقّق ما تريد إسرائيل والصهيونية العالمية وأميركا أن تفعله من زمن وبدون أيّة خسائر. وكان لي أصدقاء في السلطة.

- هل لمسقط رأسك، درعا، شرارة الثورة الأولى، تأثير في مواقفك؟
لا، لها علاقة بأنّني رجل حرّ، وأطمح لوطن ديموقراطي تعدّدي تستحقّه سورية.

- ما هي ظروف اعتقالك؟
اعتقلت عام 1983 بعد شهور من تخرّجي من المعهد العالي للفنون المسرحية بدفعته الأولى، اعتقلني الأمن السياسي بتهمة الانتماء لحزب العمل الشيوعي، وبقيت تسع سنوات بين "كراكون الشيخ حسن" في دمشق وسجن عدرا بالجناح السياسي، ولكني تجاوزت تلك التجربة المؤلمة. للأسف كثير من المعتقلين خرجوا مُدَمَّرين نفسياً وجسدياً، ولم يستطيعوا إكمال حياتهم الطبيعية. أنا لم أقبل بذلك ووقفت على قدمي، لم يساعدني زملائي الذين صاروا نجوماً، وعملت بجدّ لردم الهوّة بيني وبينهم، وأعتقد أني استطعت أن أصنع اسماً يحبّه الناس ويحترمونه وأنا راضٍ عن ذلك تماماً.

- هل أقمت علاقات برجال السلطة بعد خروجك من السجن؟
ليست لي علاقات معهم، ولكن كنا نلتقي في المناسبات العامة والشخصية، كالأعراس، وكانوا يبادرون بالسلام ويعرضون أن أزورهم، ولكن لم يحصل أن زرت أي فرع للأمن سوى للمراجعة.

- ماذا بقي من هذه التجربة؟
عندما كنت في السجن، كان عندي يقين أن حافظ الأسد سيبقى للأبد، ونحن سنبقى في المعتقل، لذا كنت أريد أن أحافظ على عقلي وجسدي، فكنت أمارس الرياضة وأقرأ طيلة الوقت.

- تجربة الاعتقال بالشيخ حسن أصعب من عدرا؟
طبعا، أصعب بكثير (يضحك) كان في بيننا مخبرون، ما سبّب لنا عقوبات متواصلة مثل حلاقة على الصفر، دولاب، منفردة..) وتكون مكافأة المخبر سيجارة أو كاسة شاي. كنا نغني بصوت منخفض لكن معنوياتنا كانت مرتفعة وكنت أستحمّ بماء بارد يوميا حتى في عزّ الشتاء، الغالبية أصابها الجرب من البطانيات الملوّثة.

- ما سبب الإفراج عنك؟
على خلفية مشاركة سورية بحفر الباطن ضمن قوات التحالف الدولية لتحرير الكويت، أفرج حافظ الأسد عن مجموعة النقابيين وقسم من اليساريين، والباقي حوّلوه على تدمر لمحاكمات ميدانية.

- أوّل مسلسل شاركت فيه بعد خروجك؟
مسلسل "الإخوة" لرياض ديار بكرلي، ثم اشتغلتُ مع مأمون البني "جريمة في الذاكرة". كنت فيه الملازم أوّل الذي يحقّق بالجريمة التي تقع بفيلا سمر سامي، وهنا بدأ الانتباه لي كممثل...

- ماذا بقي فيك من حزب العمل الشيوعي؟ من اليسار؟
للأسف كثير من اليساريين والقوميين، ومنهم كانوا معتقلين سابقين، انحازوا لصفّ النظام ضدّ ثورة شعبهم. وأنا لست اليوم ملتزماً بأيّ حزب ولكنّي سأبقى علمانياً ويسارياً، رغم خيبتي من اليسار وغيره، حتى المنبر الديموقراطي الذي دعا له الأستاذ ميشيل كيلو، وكنا معه، لكي تخفّ قبضة الإسلاميين عن الثورة، اتضح أن هناك حسابات أخرى بالموضوع ولا سيما الحسابات الخارجية.

اقرأ أيضا:هيثم حقي: "وجوه وأماكن" عن وجع سورية وأملها

ذات صلة

الصورة
تظاهرة ضد هيئة تحرير الشام-العربي الجديد

سياسة

تظاهر آلاف السوريين، اليوم الجمعة، مناهضة لسياسة "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، ومطالبة بإسقاط قائدها أبو محمد الجولاني.
الصورة
تظاهرات في ذكرى الثورة السورية (العربي الجديد)

سياسة

خرجت تظاهرات في مدن وبلدات شمال غربي سورية اليوم الجمعة، إحياءً للذكرى الـ13 لانطلاقة الثورة السورية.
الصورة

منوعات

دفعت الحالة المعيشية المتردية وسوء الأوضاع في سورية أصحاب التحف والمقتنيات النادرة إلى بيعها، رغم ما تحمله من معانٍ اجتماعية ومعنوية وعائلية بالنسبة إليهم.
الصورة
المرأة السورية في المخيمات (العربي الجديد)

مجتمع

تعيش المرأة السورية المُهجّرة تحت وطأة معاناة كبيرة في ظل تحدّيات جمّة وأوضاع إنسانية مزرية تتوزع بين مرارة النزوح وقسوة التهجير في يوم المرأة العالمي.

المساهمون