أما دعوة أبو الفتوح التي أطلقها خلال حوارٍ له مع قناة "بي بي سي" العربية، أخيراً، والتي قدّم على إثرها ائتلاف "تحيا مصر" بلاغاً ضده بتهمة إهانة الرئيس، استقبلتها وسائل الإعلام ذاتها، والخبراء أنفسهم الذين لطالما أكّدوا على حنكة أبو الفتوح السياسية، بعاصفةٍ من الهجوم وتوجيه الشتائم لرئيس حزب "مصر القوية". ووصل الهجوم إلى ذروته، عندما قدّم النائب مصطفى بكري بلاغاً للنائب العام، يتّهم فيه أبو الفتوح بالخيانة العظمى لمجرد دعوته لانتخابات مبكرة. في حين اختصّه الكاتب الصحافي الداعم للانقلاب، حمدي رزق، بمقال تحت عنوان "يا فاشل"، موجّهاً للمرشح الرئاسي الأسبق سيلاً من الشتائم.
وكان رئيس حزب "مصر القوية"، قد قال، خلال الحوار، إنّ "جميع المعارضين للرئيس عبد الفتاح السيسي يتمنّون دعوته لانتخابات رئاسية مبكرة من أجل تجنّب الفشل السياسي وتلاشياً لحدوث انقلابات عسكرية أو غيرها"، مضيفاً أنّ "البديل للانتخابات المبكرة في مصر هو الفوضى"، وموضحاً أنّ "الوطن لم يعد يحتمل التظاهر والفوضى". ولفت أبو الفتوح إلى أنّ "الانتخابات المبكرة، إمّا تثبّت الرئيس وتجدّد الثقة به، وهذا حق الشعب، أو تأتي بجديد"، مؤكّداً أنّه "لا يرى أي إيجابيات ذات قيمة تحقّقت في عهد السيسي". وأشار إلى وجود مضايقات بحق المعارضة في مصر، مضيفاً أنّ "جمهورية الخوف التي أنشأها السيسي وأجهزة الأمن تجعل الناس تخاف من التواصل مع المعارضة".
في هذا السياق، يهاجم مصدر رسمي بارز تصريحات أبو الفتوح، قائلاً إنّه "يسعى لتعطيل أي مسار ديمقراطي سياسي بالدعوة للمقاطعة، مثلما فعل في الانتخابات البرلمانية التي تشهدها البلاد حالياً"، معتبراً في حديث، مع "العربي الجديد"، أنّ "أبو الفتوح يتحدث في السياسة وعن وسائل سياسية ويناقض نفسه بالدعوة لمقاطعة الاستحقاقات السياسية".
اقرأ أيضاً: التحقيق في بلاغ يتهم أبو الفتوح بإهانة السيسي
في المقابل، يعلّق المتحدث الرسمي باسم حزب "مصر القوية"، أحمد إمام، على الهجوم الذي تعرّض له رئيسه، قائلاً إنّ "المكتب السياسي للحزب سينعقد لبحث كيفية الرد"، مضيفاً في حديث، مع"العربي الجديد"، أنّ "الهدف من دعوة أبو الفتوح لانتخابات رئاسية مبكرة هو التأكيد على أنّ رأس النظام بات هو المشكلة الحقيقية، التي تقف في وجه المسار الديمقراطي الطبيعي. وتأتي الدعوة في وقت تتصاعد فيه دعوات رئاسة مدى الحياة وتعديل الدستور من أجل بقاء السيسي، كما يراها البعض". ويوضح إمام أنّ "دعوة أبو الفتوح ليست الأولى منذ تولي السيسي الرئاسة"، مستغرباً "الهجوم المبالغ به".
من جانبه، ينتقد رئيس حزب "التحالف الشعبي الاشتراكي"، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، عبد الغفار شكر، هذا الانتقاد لكلام أبو الفتوح، قائلاً: "من حقّه التعبير عمّا لديه من أفكار، حتى وإن كنّا نعارض أطروحاته السياسية".
ويعيد مصدر قيادي في حزب "مصر القوية"، الهجوم العنيف إلى أنّ "دعوة أبو الفتوح، جاءت في توقيت بالغ الحساسية للسيسي، إذ يسبق الذكرى الرابعة لـ25 يناير، إضافة إلى أنّ السيسي يعاني من أزمة حقيقية، متعلقة بتراجع شعبيته في الشارع بشكل كبير خصوصاً بعد الفشل الذريع لكافة المشاريع والوعود التي قدّمها للمواطنين، والأزمات التي حلّت بالبلاد، أخيراً، بسبب سوء الإدارة".
وتبدأ نيابة استئناف الإسكندرية التحقيق في البلاغ المقدّم ضد أبو الفتوح، والذي يتهمه فيه بإهانة رئيس الجمهورية، والانتماء إلى جماعة "إرهابية" مدرجة بموجب القرار الوزاري رقم 579 لعام 2014. وكان الأمين العام لائتلاف دعم صندوق "تحيا مصر" المؤيد للانقلاب العسكري، المحامي طارق محمود، قد تقدّم بالبلاغ رقم 4632 لعام 2015 استئناف إسكندرية، اتهم فيه أبو الفتوح بالتحريض على إسقاط مؤسسات الدولة، وأنّه أداة منفذة لتعليمات التنظيم الدولي لجماعة "الإخوان المسلمين"، وأنّه من خلال لقاءاته الصحافية السابقة والأخيرة، قام بالتحريض على إسقاط مؤسسات الدولة، وإهانة رئيس الجمهورية. وطالب محمود، في بلاغه، بإجراء تحقيق فوري وعاجل في وقائع البلاغ المقدم، وإصدار أمر بضبط وإحضار أبو الفتوح.
اقرأ أيضاً: معادلة السيسي بعد طائرة سيناء... "الجوع مقابل الاستقرار"