عباس: سنواجه بناء آلاف الوحدات الاستيطانية في المحافل الدولية

عباس: سنواجه بناء آلاف الوحدات الاستيطانية في المحافل الدولية

07 فبراير 2017
عباس وهولاند بمؤتمر صحافي في باريس (Getty)
+ الخط -




قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، اليوم الثلاثاء، إن "الإعلانات الأخيرة للحكومة الإسرائيلية عن بناء الآلاف من الوحدات الاستيطانية في أرضنا المحتلة منذ عام 1967، عدوان على شعبنا، سنواجهه في المحافل الدولية كافة"، مؤكدًا أن "القيادة الفلسطينية ستواصل العمل مع المحاكم الدولية لحماية وجودنا وبقائنا على أرض فلسطين".

وتأتي زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى فرنسا بعد يوم واحد فقط على مصادقة "الكنيست" الإسرائيلي، بشكل نهائي، على قانون يُشرْعِنُ البؤر الاستيطانية. وهو ما كان مناسبة من الرئيسين لإدانته باعتباره يتناقض مع السلام ومع حل الدولتين.

وأكد عباس في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي فرانسوا هولاند، في باريس ونقلته وكالة الأنباء الرسمية "وفا"، أن التشريع الذي سنّه الكنيست الإسرائيلي ويجيز سرقة الأراضي الفلسطينية الخاصة لصالح المستوطنين، ويشرّع بأثر رجعي البناء الاستيطاني على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، وبما فيها القدس الشرقية، مخالف للقانون الدولي.

ودعا الرئيس الفلسطيني المجتمع الدولي إلى المساعدة في تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2334، مؤكدًا أنه بات من الضروري التمييز بين الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس، منذ عام 1967، وبين دولة إسرائيل، كما جاء في هذا القرار، وأنه علينا ألا نسمح بترسيخ نظام التمييز العنصري "الأبارتهايد"، الأمر الذي سيدخلنا في حلقة مفرغة من الصراعات، وسيبعدنا عن فرصة صنع السلام المنشود.

من جهته، قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، إن "سَنَّ البرلمان الإسرائيلي قانونا يشرعن الاستيطان، أمر مناقض لحل الدولتين". ولفت إلى أن فرنسا سعت من خلال عقد المؤتمر الدولي للسلام في باريس، إلى تجميع أكبر عدد من الدول، والتأكيد أن "حل الدولتين" تعيشان جنبا إلى جنب بسلام، هو الحل الوحيد الممكن للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وتابع هولاند "منذ انعقاد المؤتمر، بدأنا نشهد تسارعا في حركة الاستيطان، الذي وجد غطاء قانونيا عبر إقرار الكنيست الإسرائيلية قانونا لشرعنة المستوطنات. وهذا القانون إذا ما أكدته المحكمة العليا الإسرائيلية، فسيؤدي لتشريع المستوطنات "العشوائية"، ويفتح الباب لضم هذه الأراضي الفلسطينية، وهذا مناقض لحل الدولتين".

وأعرب الرئيس الفرنسي عن اعتقاده بأن الحكومة الإسرائيلية يمكن أن تتراجع عن هذا القرار وتعود إلى المفاوضات، وقال إن "الاتصالات المباشرة والمحادثات المباشرة هي وحدها يمكن أن تحقق التقدم وتصل إلى الهدف الذي ننشده جميعا وهو الوصول إلى سلام عادل وشامل، يضمن قيام دولة فلسطينية على حدود عام 1967".

مطالبة بريطانيا بـ"الاعتذار"
 

من جهة أخرى، دان عباس إعلان الحكومة البريطانية دعوتها لرئيس الوزراء الإسرائيلي لحضور احتفالات ذكرى مرور مائة عام على صدور وعد بلفور عام 1917، وطالب الحكومة البريطانية بالاعتذار للشعب الفلسطيني على ما ارتكبته من دمار وتشريد للشعب الفلسطيني، والاعتراف بدولة فلسطين وفق توصية مجلس العموم البريطاني في عام 2014.

وحول مخاطر احتمال نقل سفارة أي دولة للقدس، قال عباس إن "رؤيتنا للقدس الشرقية، بأنها عاصمة لدولة فلسطين، ونريدها مفتوحة لجميع أتباع الديانات السماوية، اليهودية والمسيحية والإسلامية، ومن ناحية أخرى، نؤكد وجوب احترام إسرائيل لقواعد القانون الدولي والاتفاقيات الموقعة، بما فيها اتفاقيات جنيف، بعدم تغيير هويتها وطابعها وسكانها، وعدم المساس بالأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية فيها".

وفي شأن آخر، قال عباس: "نحن مستمرون في بناء مؤسسات دولتنا والنهوض باقتصادها، ونعمل على توحيد أرضنا وشعبنا وإعادة إعمار قطاع غزة ورفع الحصار عنه، وتحقيق المصالحة الفلسطينية على أساس أن تلتزم حماس بالشرعية الدولية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية ببرنامج منظمة التحرير الفلسطينية، وإجراء الانتخابات العامة بأسرع وقت ممكن".

التأكيد على مخرجات مؤتمر باريس

وفي ما يتعلق بمؤتمر باريس، أكد الرئيس عباس ما جاء في بيان المؤتمر إزاء أهمية الحفاظ على حلّ الدولتين، ووقف الاستيطان وفق قرار مجلس الأمن 2334، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967، وإقامة دولتين؛ فلسطين وإسرائيل، تعيشان جنبًا إلى جنب بأمن وسلام وحسن جوار، على حدود الرابع من حزيران عام 1967.

وشدد عباس على ما جاء في البيان الختامي للمؤتمر بخصوص إنشاء مجموعة متابعة دولية لمساعدة الطرفين للتوصل إلى صنع السلام خلال عام 2017، وقال: "مستعدون نحن في دولة فلسطين للتعاون مع فرنسا لتنفيذ ما جاء في المؤتمر الدولي، وفي ترجمة النقاط الواردة في البيان الختامي".

بدوره، قال الرئيس الفرنسي، بعد انتهاء لقائه مع الرئيس أبو مازن: "إنني حرصتُ على لقاء الرئيس بعد المؤتمر الذي انعقد في باريس بمبادرة من وزير الخارجية الفرنسي، وهو مؤتمرٌ حقَّق أهدافه، أي تجميع أكبر قدر من الدول والمنظمات الدولية حول مبادئ تتيح إطلاق المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وإن الاتصال المباشر بين الطرفين يمكنه أن يحل الصراع".

وأشار إلى أن دور مؤتمر باريس هو "التذكير بحل الدولتين، الحل الوحيد"، ولكنه استدرك: "ومنذ المؤتمر علي أن أعترف أن التسريع في الاستيطان ساهم في تعقيد المهمة، وهو إسراع تم منحه إطارًا قانونيًّا، لأن البرلمان وافق أمس على قانون، إذا أيدته المحكمة الدستورية، ستكون من نتائجه شرعنة الاستيطان العشوائي وفتح الطريق لضمٍّ فعلي لأراضٍ محتلة".



ودعا الرئيس الفرنسي إلى تجنب إثارة المزيد من الصراعات في الشرق الأوسط، وعدم اتخاذ إجراءات أحادية الجانب من قبل بعض الدول، خاصة الإدارة الأميركية الجديدة، ما سيكون له انعكاسات خطيرة جدًّا، خاصة على الموقف الفلسطيني، وشدد على سعي بلاده وعملها المستمر وتجنيد قواها للعمل والسير نحو السلام، ودعا الاتحاد الأوروبي للعب دور أكبر ليس في مجال المساعدات فقط، بل على الصعيد السياسي.

ويعرف الرئيس الفرنسي أن ولايته توشك على الانتهاء، وأنه لن ينجح في تغيير الموقف الإسرائيلي المستقوي بإدارة ترامب، ولكنه يريد، على الأقل، أن يمسح انطباعات السنوات الأولى من ولايته عن انحيازه لإسرائيل، وأن يكشف أن فرنسا كانت صديقة لطرفي النزاع.

إدانات فلسطينية

وفي السياق، اعتبر عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، محمد اشتية، أن تمرير "الكنيست" الإسرائيلي لمشروع قانون يسمح بالاستحواذ على أراض مملوكة للفلسطينيين لصالح المستوطنات، تصعيد خطير يدعو لإعادة النظر في كل المسار الذي تسير عليه القيادة الفلسطينية، داعيًا لاجتماع طارئ للقيادة لدراسة المتغيّرات الجديدة.

كما اعتبر المجلس الوطني الفلسطيني، في تصريح صدر عن رئيسه سليم الزعنون، قانون الكنيست الأخير تكريسًا للاحتلال الإسرائيلي، وتحديًا لإرادة المجتمع الدولي، الذي قرر بأن كافة أشكال المستعمرات في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة غير شرعية.

وأكّد المجلس أن إقرار هذا القانون من قبل الكنيست، بمبادرة من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، يعتبر "بمثابة دفن لعملية السلام التي قتلتها إسرائيل باستيطانها وجرائمها"، مطالبًا المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولة "بفتح تحقيق قضائي فوري حول جريمة الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي في فلسطين، لأنها ترقى لمستوى جريمة حرب وانتهاك مباشر للقانون الدولي والاتفاقيات الدولية".

ودعا الاتحادات البرلمانية الإقليمية والدولية وعلى رأسها الاتحاد البرلماني الدولي "لتعليق عضوية الكنيست الإسرائيلية، ومحاسبته على مصادقته على قانون الاستيطان وغيره من القوانين العنصرية المخالفة لكل المواثيق والقوانين الدولية".

من جهته، قال نائب الأمين العام لـ"الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين"، قيس عبد الكريم في تصريح له، إن "هذا القانون يأتي في سياق الخطة التي تنفذها حكومة نتنياهو – بنيت، من أجل التمهيد لضم الجزء الأكبر من الضفة الغربية لدولة إسرائيل والقضاء على إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة".

بينما قال الأمين العام لحركة "المبادرة الوطنية الفلسطينية"، مصطفى البرغوثي، في تصريح له، إنه "لم يعد هناك أي مبرر على الإطلاق للاستمرار في تأجيل الإحالة إلى محكمة الجنايات الدولية بشأن ملف الاستيطان وكافة جرائم الحرب التي ترتكبها حكومة إسرائيل".

ولفت البرغوثي إلى أن الهدف من قانون الكنيست هذا، هو "تحويل 120 بؤرة استيطانية إلى مستوطنات جديدة، كما سيتيح القانون لإسرائيل الاستيلاء على ما يسمى بمناطق (ج) والتي تصل مساحتها ما نسبته 62% من أراضي الضفة الغربية".

المساهمون