عام على المحرقة

16 اغسطس 2014
+ الخط -


مر عام على محرقة ميداني رابعة العدوية والنهضة في القاهرة، والحالة القضائية الآن، يمكن تلخيصها بغياب العدالة وتسييس القضاء، فلم يقدم أحد للمحاكمة، وغابت يد العدالة في قاعات العدل، وحقوق الإنسان اليوم في خطر، وأصبح الفرد هشاً ومؤقتاً وساكناً بلا فعالية، لأنه يُعامل دائماً بلا تقدير ولا إنسانية. وعندما يصبح الحديث عن الديمقراطية مستغرباً مستهجناً، فهذا يعني أن ثورة الجياع قادمة لا محالة، وعند غياب العدالة، مع سبق الإصرار والترصّد، إلى حد تصبح فيه حلماً غير قابل للتحقيق، وفكرة يعجز المواطن عن إيجاد تعريف لها، تمسي الثورة ضرورة أيضاً.

قبل فض الاعتصام بأيام، روّج الإعلام المصري أكاذيب عن وجود أسلحه نارية وكيماوية في اعتصامي رابعة والنهضة، بينما نفت منظمات ومؤسسات محلية ودولية، في تقارير موثّقة بالصوت والصورة، أي وجود لهذه الأسلحة. وظل الإعلام يكذب ويكذب حتى ألبس الحق بالباطل، والباطل بالحق، فظنَّ الناس الحق باطلاً، والباطل حقاً، وتداولوا الأكاذيب والروايات الإعلامية، على أنها حقيقة مطلقة، لا ريب فيها. وحمل الإعلام الناس على رؤية ما تراه الحكومة الانقلابية. وبعد أذان فجر الرابع عشر من أغسطس/ آب 2013، اقتحمت قوات من الشرطة، مدعومة بالجيش، اعتصام ميدان رابعة العدوية، وادعوا أن المعتصمين هم الذين بدأوا بإطلاق الرصاص الحي، وهذه الرواية التي تناولها الإعلام، وأشاعها وكررها مراراً، حتى ظن الناس الباطل حق. أما الرواية الحقيقة، فكانت عكس ذلك تماماً، ولم يكن في الاعتصام أي سلاح ناري. وأما عن البنادق التي ادعى وزير الداخلية وجودها في اعتصام رابعة، فقال شهود مصابون إن البنادق تم إدخالها في سيارة إسعاف تابعة لوزارة الصحة، في حين عثرت شبكة رصد والجزيرة وريتروز وآخرون على تسجيل فيديو يثبت شهادة هؤلاء.
 
في اليوم نفسه، اشترك الجيش والشرطة بأثقل المعدات الحربية، والطائرات والمظلات وفرقة 999، و777، ليس لحماية المواطن والدفاع عن الوطن، أو لتحرير فلسطين، بل لقتل وسحل وحرق أنصار الرئيس الشرعي، محمد مرسي، وفي الأثناء العاصفة والنفوس مشحونة بالغضب مرشحة للانفجار، تراقصت النخبة، وبعض الرموز الليبرالية واليسارية، على الجثث المحروقة والجماجم المتفجرة، والدماء السائلة في ميداني رابعة والنهضة.

إذن، لم تعد قضية اختلاف في الرأي، أو اختلاف فكري وديني، بل هي قضية إنسانية بكل ما تحمله كلمة إنسانية من معانٍ، و"رابعة" تاريخ أبى إلا أن يكتب بدماء الشهداء والمصابين.

avata
avata
إسلام شعله (مصر)
إسلام شعله (مصر)