عام على إصلاحات العبادي: مكانك راوح

عام على إصلاحات العبادي: مكانك راوح

29 ديسمبر 2016
نال العبادي "تكليفاً شعبياً" لتنفيذ الإصلاحات (محمد حاتب أوغلو/الأناضول)
+ الخط -

مع حلول مساء أمس الأربعاء، تكون ورقة إصلاحات رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، التي وعد من خلالها بالقضاء على الفساد وتشكيل حكومة تكنوقراط وإنهاء المحاصصة الطائفية السائدة في مؤسسات الدولة، قد أنهت عامها الأول، من دون تحقيق أي من تلك الإصلاحات، التي أخذ بموجبها ما عرف في حينه بـ"تكليف شعبي" لتنفيذها. بل على العكس خرجت حكومته من معركة الإصلاحات تلك، بمجلس وزراء ناقص، وعجز مالي بلغ نحو 25 مليار دولار، وارتفاع مخيف في معدلات الفقر بلغ 30 في المائة، وازدياد نسبة البطالة إلى نحو 8 ملايين شخص، أي بات ما يعادل نحو ربع الشعب العراقي بلا عمل. وحتى فصل من عرفوا حينها بـ"الجنود الفضائيين"، أعيدوا بقرار من البرلمان الشهر الماضي، تحت عنوان "إعادة المفصولين إلى الخدمة".

ورافقت النصف الأول من العام 2016 تظاهرات واسعة في مدن عراقية عدة، حملت عناوين مختلفة، غالبيتها تطالب بتنفيذ حملة الإصلاح الحكومية التي أعلن عنها رئيس الوزراء، وتخللتها أعمال عنف، خصوصاً في بغداد والبصرة وذي قار، ذهب ضحيتها عدد من الناشطين خلال المواجهات مع قوات الأمن، أبرزها حادثتا اقتحام مقر الحكومة والبرلمان في المنطقة الخضراء وسط بغداد.

ووصف مسؤول عراقي حملة الإصلاحات الحكومية بـ"التجربة الفاشلة"، التي كادت أن تطيح برئيس الوزراء، "كونه حاول الاقتراب من خطوط حمراء رسمتها دولة مجاورة للعراق" في إشارة إلى إيران. ويضيف المسؤول، وهو وزير عراقي بارز، لـ"العربي الجديد"، أن "رئيس الوزراء ترك ورقة الإصلاح بالكامل، ولو استمر بها لفقد منصبه أو حتى حياته، وحالياً لا حديث عن أي إصلاح في مؤسسات الدولة"، مبيناً أن "أبرز فقرات الإصلاح التي بشّر بها العراقيين كانت إلغاء مناصب نواب الرئيس الثلاثة، وحالياً أعيدوا إلى المنصب مع تعويض مالي كبير لهم، بأمر من المحكمة. كما فشل العبادي في تغيير أعضاء مجلس القضاء الأعلى رغم تهم الفساد التي تحيط بهم وإعلان عزمه تغييرهم. كما فشل في تغيير التشكيلة الحكومية، عبر استبدال الوزراء الحاليين بآخرين تكنوقراط، وحالياً الحكومة بلا وزراء للدفاع والداخلية والمالية والصناعة والتجارة، وهي أهم وزارات البلاد". وأضاف "حتى فقرة إقالة الجنود والشرطة الذين عرفوا باسم الفضائيين (نحو 100 ألف عنصر أمن يتقاضون مرتبات ولا يعملون في مراكزهم) ألغيت بقرار من البرلمان، من خلال موازنة العام 2017 التي تنص على إعادة من تم فصلهم بسبب التغيب عن العمل أو الهروب من الخدمة". ويتابع "كما فشل في تخفيض مرتبات أعضاء البرلمان البالغة 32 مليون دينار، وفشل في إخلاء مباني الدولة التي تشغلها الأحزاب والشخصيات السياسية كمقرات لهم، وفشل في تنفيذ وعده بتخفيض عدد أعضاء حمايات المسؤولين وسحب سيارات الدولة منهم".

وتؤكد مصادر أخرى، لـ"العربي الجديد"، أن "وزارات المرأة وحقوق الإنسان وشؤون المحافظات وشؤون مجلس النواب، التي أعلن العبادي  إلغاءها وفقاً للإصلاحات، ما زال الوزير والموظفون فيها يتقاضون مرتباتهم، وبنفس الامتيازات، مع عدم نقل 60 في المائة من كوادر تلك الوزارات الملغاة إلى وزارات أخرى. كما أن دمج وزارة العلوم والتكنولوجيا مع وزارة التعليم العالي، ودمج وزارة البيئة مع وزارة الصحة، ودمج وزارة البلديات مع وزارة الإعمار والإسكان، ودمج وزارة السياحة والآثار مع وزارة الثقافة، لم يتحقق بشكل فعلي، وهناك تضارب في الصلاحيات داخل الوزارات المدمجة، بل وأدت إلى تعطيل واسع في أعمال الوزارات المدمجة". وتم وفقاً للمصادر ذاتها "منح أصحاب المناصب الخاصة، والذين أعلن العبادي إعفاءهم، وعددهم 123 وكيل وزير ومديرا عاما، مرتبات تقاعدية دائمة تعادل 80 في المائة مما كانوا يتقاضونه خلال تواجدهم في تلك المناصب. كما لم تتحقق فقرة المصالحة الوطنية، ولا القوانين المرتبطة بها، إضافة إلى استمرار جرائم التعذيب والقتل داخل السجون وعمليات الاعتقال العشوائية التي أمر بإيقافها".


من جانبها، تقول النائب في البرلمان العراقي ناهدة الدايني إن ورقة الإصلاحات فشلت. وتضيف الدايني، لـ"العربي الجديد"، إن "ورقة الإصلاحات، التي أعلنها رئيس الوزراء، لا نقول عنها فشلت فقط، بل إنها ولدت ميتة بسبب حجم الصراع الحالي وتحكم الكتل السياسية بالقرارات". وتؤكد الدايني أن العبادي "لا قدرة له على التصرف لوحده، لأن هناك كتلا سياسية أوصلته إلى رئاسة الوزراء، ولهذه الكتل متطلبات، وعلى أرض الواقع لا تود أي إصلاحات، والقرارات التي اتخذت تم نقضها من قبل المحكمة الاتحادية، أو لم يكن لدى العبادي قدرة على إجبار الوزارات على تنفيذها، كون تلك الوزارات مرتبطة بأحزاب لها ارتباطات مع قوى إقليمية". وتضيف "على المستوى الأمني والإداري والاقتصادي، نعم هي فشلت ولم تحقق نتيجة".

من جانبه يقول رئيس كتلة تحالف القوى في البرلمان العراقي النائب، أحمد المساري، لـ"العربي الجديد"، إن "الإصلاحات لم تتحقق"، مضيفاً "ملف المصالحة لم يتقدم خطوة، وحتى قانون العفو أفرغ من محتواه، وقانون المساءلة لم يمرر، ولم تشرع أي إصلاحات حقيقية. وحتى التي يقال إنها تحققت لم تتحقق بالشكل الصحيح. لذا أعتقد أنه لم يتحقق شيء". وتابع "لكن إذا سألتني عن الفرق بين حكومة العبادي والحكومة السابقة (نوري المالكي)، بالتأكيد هناك فرق كبير إيجابي في حكومة العبادي. لكن هل نعتبر هذا إصلاحات؟ وهنا يجب أن نسأل أنفسنا عن ذلك". وقال المساري "نأمل من الحكومة عدم ترك الإصلاحات، وأن تكون هناك إصلاحات حقيقية بالفعل. لكن بعد عام على إعلان العبادي عن إصلاحات نقول لم يتحقق منها شيء يذكر".

ودافع عضو في حزب الدعوة، الذي ينتمي العبادي إليه، عن رئيس الحكومة. وقال حسن الطائي، لـ"العربي الجديد"، إن "الإصلاحات التي وعد بها رئيس الوزراء تعرضت إلى مؤامرة"، مضيفاً أن "جميع الكتل لم ترُق لها تلك الإصلاحات واعتبرت أنها تهدد وجودها، وهناك أكثر من لوبي عمل على إفشالها"، مؤكداً أن "ورقة الإصلاحات لم تحقق أدنى نسبة إنجاز لها، وجاءت المعارك مع تنظيم داعش لتغطي على تلك الإصلاحات، والحديث حول مصيرها".