عام جديد من الوجع

عام جديد من الوجع

01 يناير 2016
+ الخط -
لا يلبث المرء أن يفتح التلفاز حتى تتلقفه صور الموت والدمار في معظم الديار العربية، وكأن قدر هذا العربي أن يعيش بين الفقر والخوف والموت منتظراً الخلود في باطن الأرض.
هنا طفلة تواسي عمها بعد موت عائلتها لكي لا تبكي، وهناك أخرى تبكي خوفاً من صواريخ روسية تمطر بلاد كانت آمنة. هنا احتمالات حرب وهناك حرب بالوكالة. هنا صواريخ أميركية وهناك روسية، هنا يتدخل "الناتو"، وهناك تطيح البراميل المتفجرة الأرواح. هنا انتحاري يفجر نفسه داخل سوق مكتظ بالجوعى، وهناك مخرِّب جاء يستعير اسم الدين ليكون أداة للأنظمة الظالمة في بلاد خربت وصارت خربة، وما بين الهنا والهناك، يقبع المواطن العربي ينتظر دوره في الفناء قرباناً لعروش الزعماء التي خانها أصحابها، فتكالبوا على شعوبهم، وتحالفوا مع الشيطان، ليمارس سطوته في تجريب أسلحته بهذا الشعب أو ذاك.
لن تكون احتمالات العام الجديد وردية، لأنها كلما تقدمت زاد الوجع، ولم تفرج حتى عميت الأبصار بفعل القذائف، وأُغلقت المشافي، وهزل الجسد وصار يقتات الفتات عند حاويات القمامة، وكأن الناس في شِعب حلب وريف إدلب ودمشق، وفي شِعب غزة، وشعاب الكنانة واليمن وليبيا تنتظر المخلِّص الذي نقرأه في الأساطير ولا يأتي. نقرأ كتب الدين، ننتظر الخوارق فندعو على الذين خانوا العهد، ونكثوا ما بينهم وبين الشعب، حتى صارت الشعوب تعيش في حالة من التيه، وصارت التبعية مذهباً وديناً، فهذا مع أميركا وذاك مع روسيا وآخر مع تركيا وآخر مع الاتحاد الأوروبي، وربما هناك من هو مع كوستاريكا، والتيه يمتد حتى يغزو العقول والأرواح التي كان مناطاً بها أن تأخذ الناس إلى حظيرة الوعي والفكر والثقافة، فهل من مخلص لهذه الحروب؟ وهل ستظل سورية تعاني الموت سنوات طوال، كما جرى  أثناء الحرب الأهلية اللبنانية التي امتدت أكثر من 15 عاما؟ أم إنها ستنتهي هذا العام؟ وماذا عن الحلف الإسلامي الجديد الذي أعلن حربه على الإرهاب؟ وأي نوع من الإرهاب الذي سيتم قتاله؟ هل إرهاب داعش التي صنعتها طغمة الأنظمة الدكتاتورية أم من استأسدوا على المنطقة برعاية أميركية روسية؟ وأين هذا الحلف من فلسطين والقدس؟ أينه من حصار غزة؟ وهل مصر العضو في ذلك الحلف ستسمح برفع الحصار عن غزة وفتح معبر رفح؟ أم أن ساديتها تدفعها للتلذذ بقتل الغزيين بإغلاق المعبر؟ وهل قنص الغزيين على الحدود ملهاة لهؤلاء الجنود الذين يأتمرون بأمر المجلس العسكري الذي جعل من دولة الصهاينة حليفاً جديداً؟
عام جديد مليء بالوجع، ربما يصعب التنبؤ به في ظل واقع مظلم ومرير، وفي ظل وجود أنظمة دكتاتورية تضطهد العقول الفتية، فتعتقل الشباب وتمارس بحقهم أبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، وفي ظل صمت مؤسسات حقوق الانسان والمثقفين والإعلاميين الذين تم شراء كثيرين منهم، فباتوا مجرد أبواق صفراء كالزبد.
عام جديد لونه غارق بالأحمر القاني، يلوث خارطة المنطقة العربية، في ظل تطور المنظومة الغربية، وأطماعها الجيواستراتيجية والجيوبوليتيكية في بلاد السمن والعسل، وفي بلاد النفط والخير العميم.
عام جديد، والأرض ما زالت مخضبة الثرى بدم الشهيد، عام جديد في خيام اللاجئين على تخوم بلادنا الممزقة. هرمت خطانا يا هلال، فمتى يلتئم شمل الأمة؟
32A42304-18CB-46A3-BEBC-6540B69AA29F
32A42304-18CB-46A3-BEBC-6540B69AA29F
يسري الغول (فلسطين)
يسري الغول (فلسطين)